بعد بلوغ الوضع الوبائي مستوى الخطر

مراكـز التلقيـح في سبـاق مع الزمن لتسريـع الوتيــرة

صونيا طبة

 وحده اللقاح يكسر سلسلة  العدوى

تعيش جميع ولايات الوطن هذه الأيام سباقا مع الزمن لتوسيع حملة التلقيح ضد فيروس كورونا، على أمل أن يستفيد منها أكبر عدد من المواطنين لتحقيق المناعة الجماعية والحد من مخاطر هذه الموجة الثالثة التي تختلف عن الأولى والثانية بسبب ظهور سلالات متحوّرة تنتشر بسرعة، وقد تكون أكثر شراسة وعدوانية من الفيروس الأصلي خاصة مع تصاعد منحنى الاصابات اليومية متجاوزا عتبة الـ 1000 الحالة.

بادرت مختلف المؤسّسات الصحية والمراكز الجوارية وجميع الفضاءات المخصّصة لعملية التلقيح عبر الوطن بتسريع وتيرة استفادة المواطنين من اللقاحات المتوفرة، ودفعهم الى التقرب من نقاط التلقيح المستحدثة في الساحات العمومية والمساجد، باعتبارها الحل الوحيد للحماية من الإصابة بمضاعفات خطيرة يتسبّب فيها الفيروس، والتي قد تصل إلى الوفاة، خاصة وأنّ الوضع الوبائي في البلاد بلغ مستوى خطيرا بعد ارتفاع عدد الحالات المؤكّدة إلى 1197 في مدة 24 ساعة الماضية والوفيات التي بلغت 15 حالة وفاة، وهي أثقل حصيلة تسجلها الجزائر منذ شهر نوفمبر الفارط، الذي عرف أيضا تزايدا في الإصابات بفيروس كورونا.
وسخّرت المصالح الصحية جميع إمكانياتها المادية والبشرية لمواصلة التعبئة في هذه المعركة ضد مخاطر «كوفيد-19» من خلال بذل أقصى الجهود لتسريع الخطى من أجل تلقيح مختلف الفئات العمرية بعد أن كانت الأولوية في بداية التلقيح تشمل الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 سنة وعمال الصحة والفئات الهشة كالمصابين بأمراض مزمنة، في مسعى لمكافحة تفشي الفيروس الجديد الذي لا يفرق بين كبير وصغير، حيث أن الجميع دون استثناء بات معرضا لمخاطره.
العملية بإشراف طاقم طبي وشبه طبي
في جولة ميدانية قادتنا الى بعض الفضاءات العمومية المخصصة للتطعيم بالجزائر العاصمة، لاحظنا إقبالا مضاعفا من طرف المواطنين القادمين من مختلف المناطق للاستفادة من التلقيح، الذي يتم في مختلف العيادات متعددة الخدمات والساحات العمومية تحت تأطير طاقم طبي وشبه طبي يسهرون على متابعة جميع الحالات قبل وبعد أخذ اللقاح.
وفي ذات السياق، قال أطباء يشرفون على العملية إن المواطن الجزائري تخطى هاجس الخوف من امكانية ظهور آثار جانبية مرتبطة باللقاح، وأصبح يرغب في أخذه من أجل الحفاظ على حياته، ولتجنب نقل العدوى الى أقربائه وكل من حوله، مشيرين الى أن جميع المراكز الجوارية والساحات العمومية تشهد اقبالا معتبرا من طرف المواطنين على اللقاح من مختلف الأعمار.
وأكّدوا أنّ التحسن التدريجي لوتيرة التلقيح على المستوى الوطني، يعد مؤشّرا إيجابيا لبلوغ الهدف المنشود والمتمثل في تحقيق المناعة الجماعية التي تمكن من التغلب على تفشي الفيروس، وتساهم في التقليل من مخاطره، موضحين أن اللقاحات المتوفرة في الجزائر لحد الآن كافية لتلقيح عدد كبير من المواطنين خاصة بعد جلب 4 ملايين جرعة اضافية، زيادة على أنها لقاحات فعالة ضد مضاعفات الفيروس بنسبة عالية وتجنب المصابين به من الوصول الى مرحلة صعبة من المرض كضيق التنفس.
ومن جهتها، أفادت الطبيبة التي تشرف على التلقيح بالفضاء العمومي بباب الوادي بأن العملية تتم في اطار منظم من خلال السهر على الالتزام بتطبيق إجراءات الوقاية، خاصة ما تعلق باحترام مسافة التباعد الجسدي وارتداء الكمامة لتجنب انتقال عدوى الفيروس بين الأشخاص، الذين يتوافدون بكثرة على النقاط المخصصة للتلقيح في جميع الأوقات.
وطمأنت بأنّ جميع الأشخاص الذين خضعوا للتلقيح في حالة صحية جيدة، ولم تظهر عليهم أي آثار جانبية خطيرة تجعل الآخرين يتخوّفون من اللقاحات، مشيرة إلى إمكانية إصابة الشخص الملقح بأعراض خفيفة غير مخيفة كالحمى التي تختفي تدريجيا.
د - قبلي: لا بديل عن اللّقاح
أكّدت الدكتورة ليلى قبلي طبيبة عامة، أنّه لا يوجد بديل عن اللقاح لمواجهة هذه الأزمة الصحية وكسر سلسلة العدوى، مشيرة الى أن الوضع بات جديا وخطيرا ويقتضي التزاما واعيا من قبل الجميع للتقليل من مخاطر الفيروس التي لم تعد تقتصر على كبار السن فقط وإنما جميع الفئات معرضة لها.
وترى الدكتورة ليلى أنّ ارتفاع عدد الحالات بهذا الشكل راجع لغياب التطبيق الصارم للاجراءات الاحترازية في الفترة الأخيرة من جهة، ودخول السلالات المتحورة التي تتميز بخصائص تجعلها أكثر خطورة وانتشارا بين الأشخاص، محذرة من استمرار التراخي في الالتزام بشروط السلامة والوقاية، والذي سيتسبب في اكتظاظ المستشفيات وخروج الوضع عن السيطرة.
ومن جانبه، أبرز الدكتور عبد الرحمان محمدي، أهمية التلقيح للحد من انتشار الفيروس ومضاعفاته والتعايش معه بدون خوف، مستدلا بالبلدان التي كبحت انتشار الوباء بفضل تلقيح أكبر عدد من سكانها.
وأشار الى تسجيل بعض الأعراض الجانبية بعد الجرعة الأولى فقط لدى فئة قليلة مقارنة بالعدد الكبير الذي خضع للتلقيح والمتمثلة في حمى خفيفة، وتعب عام وآلام في المفاصل والعضلات، مضيفا أن فوائد اللقاح تتعدى أضراره كونه فعال من الإصابة بمضاعفات فيروس كورونا بنسبة 82.4 %، ولكن لا تحمي من الإصابة بالعدوى ونقلها الى الآخرين.
وقدّم بعض النصائح الهامة لمتابعيه، موضحا أن مرضى ارتفاع ضغط الدم ومرضى داء السكري والغدة الدرقية والربو ومرضى القلب يمكنهم أخذ اللقاح بشكل عادي عكس النساء الحوامل غير منصوح لهن بتلقيه، وكذا المرضى الذين يتناولون مضادات الالتهاب الستيرويدية بشكل دائم ومزمن الذين يمنع عليهم أخذ اللقاح.
كما دعا المرضى الذين أصيبوا بفيروس كورونا خلال ثلاثة أشهر الأخيرة الى عدم أخذ اللقاح إلا بعد مرور ثلاثة أشهر أخرى من الشفاء، بالاضافة الى المرضى الذين لديهم الحمى وتتجاوز درجة حرارة جسمهم 38.5°، الذين لا يمكنهم تلقي اللقاح إلا بعد انخفاضها، مشيرا الى أن النساء المرضعات يمكنهن التلقيح دون أية مخاطر على صحتهم.
البروفيسور إيصولاح: الموجة خطيرة
حذّر رئيس مصلحة الاستعجالات الجراحية بمستشفى مصطفى باشا البروفيسور أرزقي إيصولاح، من الموجة الحالية التي تعيشها الجزائر وعدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة، قائلا إنّها أخطر من الأولى والثانية بسبب انتشار الفيروس المتحوّر سريع الانتقال بين الأشخاص.
ودعا رئيس مصلحة الاستعجالات الجراحية جميع المواطنين إلى أخذ اللقاح المضاد لفيروس كورونا وتجنّب التهاون والاستهتار في التعامل مع الوضع الوبائي الراهن، مؤكّدا أنّ التّلقيح بات ضروريا لمواجهة مخاطر الفيروس لاسيما بالنسبة للفئات الهشة الأكثر عرضة لمضاعفاته كالأشخاص المصابين بالسكري وارتفاع الضغط الدموي وأمراض القلب.
ويرى أنّ الحالة الوبائية في البلاد مقلقة أكثر من أي وقت مضى، خاصة وأن المصالح المخصصة لـ «كوفيد» على مستوى مستشفى مصطفى باشا ومراكز استشفائية أخرى تستقبل أعدادا كبيرة من الاصابات بالفيروس، والتي تتطلب تكفلا استعجاليا، موضحا أن اللقاح لا يمنع من الاصابة بالفيروس، ولكن يقلل من ظهور الأعراض والمضاعفات ويبقى السلاح الوحيد الذي يمكننا استعماله للتقليل من مخاطر الفيروس.
وتوقّع البروفيسور إيصولاح تسجيل مزيد من الاصابات بالفيروس في الأيام القادمة في حال عدم التزام المواطنين باحترام التدابير الاحترازية، خاصة خلال أيام العيد، مبرزا خطورة تبادل الزيارات بين العائلات والتي تتسبب في نشر العدوى على نطاق واسع، محذّرا من التراخي في تطبيق إجراءات السلامة والحيطة حتى بعد أخذ اللقاح كارتداء الكمامة، والحفاظ على مسافة التباعد الجسدي.
وكشف البروفيسور عن تأجيل العمليات الجراحية المبرمجة للعديد من المرضى نظرا للحاجة الماسة لمصالح طبية إضافية تسمح بالتكفل بالأشخاص المصابين بفيروس كورونا الذي يشهد انتشارا كبيرا في الفترة الأخيرة، مضيفا في ذات السياق أن الوضع متحكم فيه لحد الآن على مستوى المصالح المخصصة لعلاج كوفيد، ولكن قد تخرج الأمور عن السيطرة في حال ارتفاع وتصاعد معدل الإصابات.
وشهدت وتيرة التلقيح ضد فيروس كورونا على المستوى الوطني منذ أسبوعين تحسّنا تدريجيا مقارنة ببداية انطلاق الحملة، خاصة تعزيز العملية بفضاءات اضافية خارج المؤسسات الصحية الجوارية، والتي ساهمت إلى حد كبير في تشجيع المواطنين على أخذ اللقاح بعد خوف وتردد الكثير منهم، حيث لاقت استجابة واسعة من طرف المواطنين، خاصة كبار السن منهم، زيادة الى جلب السلطات المعنية جرعات اضافية من اللقاح بغية تلبية الاحتياجات، والتقليل من مخاطر الوباء.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024