أكسيد الكاربون المسؤول عن الأمطار الحمضية
ثمن الأستاذ الباحث في البيئة والاقتصاد الأخضر أحمد توفيق علوي، تعميم استخدام الوقود الخالي من الرصاص وكذلك دمج السيارات الكهربائية في السوق الوطنية، حماية للبيئة من آثار وخيمة لاحتراق البنزين الذي يحوي الرصاص، وبوادر لاستراتيجية الجزائرية للتسيير المستدام لقطاع النقل أو ما يسمى بـ»النقل الأخضر».
أبرز الأستاذ علوي في تصريح لـ»الشعب»، الفوارق والفوائد بين البنزين الممتاز والخالي من الرصاص، ويجب أن يتم أولا فهم ماهية الوقود، الذي يعتبر مزيجا من العديد من المنتجات البترولية التي تعمل على تشغيل محركات الاحتراق، ويكون الاختلاف في تكوين الوقود وكذلك الإضافات المختلفة المستخدمة فيه، هو المُؤثر على الخصائص النهائية للمنتج، وبالتالي المؤثر في نواتج وتداعيات استخدامه على الفرد نفسه ومحيطه وبالتالي بيئته.
دمج البعدين الصحي والبيئي في خطط إنتاج البنزين
قال علوي، إن سعي الجزائر نحو التخلص التدريجي من الرصاص في البنزين، تزامن ذلك مع جهود عديدة بذلت منذ سنة 1998، أي إدماج البنزين الخالي من الرصاص في سوق الوقود المحلي، إذ قفزت حصة البنزين بدون رصاص في السوق الجزائرية بنسبة تزيد عن 11 بالمائة ما بين 2015 و2020، وهو مؤشر إيجابي يتعزز حاليًا مع القرار الحكيم والحاسم الذي اتخذته السلطات الجزائرية بتعميم استعمال البنزين بدون رصاص، المقرر ابتداء من شهر جويلية 2021، خاصة أن تلك المساعي جاءت بالتوافق مع استراتيجية تطوير التكرير لمجمع سونطراك، وذلك بدمج كل من البعد الصحي والبيئي في عملية الإنتاج وفي خطط التطوير المختلفة لإنتاج البنزين.
أفاد في هذا الإطار، أن البنزين الممتاز وقود يحتوي على الرصاص. فمع بداية الألفية العديد من دول العالم عملت على حظر استخدامه وإيقاف توزيع هذا النوع من البنزين الذي يُعتبر أكثر ضررا بالبيئة والبشر، حتى أنه لم يعد متوافقًا مع المحركات الحفازة للمركبات الجديدة، موضحا أن المحركات الحفازة تعمل على التحكم في الانبعاثات الغازية نتيجة تشغيل محرك السيارة، أي يقلل من الغازات السامة والملوثات في الغاز العادم من محرك الاحتراق الداخلي إلى ملوثات أقل ضررا، عن طريق الأكسدة. كما تستخدم المحولات الحفازة عادةً مع محركات الاحتراق الداخلي التي تعمل بالبنزين بدون رصاص، حيث أثبتت الدراسات أن المحولات الحفازة موثوقة وفعالة في الحد من انبعاث الغازات الضارة.
ولذلك يعتبر تلوث الهواء من أهم المخاطر التي تهدد كوكب الأرض، أي استمرارية حياة الكائنات الحية بشكل متوازن والبشرية هي العنصر المُؤثر والمتأثر في نفس الوقت. فمع زيادة استخدام مختلف المركبات في الآونة الأخيرة وجب على البشرية إدراك هذه العواقب الجسيمة على البيئة. وقد لفت المتحدث إلى أن كمية الملوثات المنبعثة من عوادم السيارات وتكثفها في الهواء، تعكس مدى الضرر الداهم في الأمدين القصير والطويل، أي ضرر يمس بالأجيال المستقبلية ومدى مقدرتها في تلبية حاجاتها في بيئة سليمة ومتوازنة، وعليه تستدعي الضرورة أكثر من أي وقت النظر في استراتيجيات هادفة من شأنها أن تقلل من حجم الضرر، بل واحتوائه كذلك، تماشيا مع مسارات التنمية المستدامة ولبلوغ أهدافها مستقبلاً.
الرصاص يقلل من قوة المحرك بـ14٪
للإشارة، فإن الجزائر تدعم كل المساعي الدولية في ذات السياق، أي حظر استخدام البنزين الممتاز. فقد شهد العالم بهذه التوصيات انخفاضًا في انبعاثات الرصاص بنسبة 60 بالمائة في 40 سنة الأخيرة، ومع ذلك ينتج عن احتراق البنزين ملوثات أخرى، مثل أول أكسيد الكربون أو الكبريت (الموجود بشكل طبيعي في البترول)، وهو المسئول عن الأمطار الحمضية المدمرة للبيئة، وعليه تسعى كل المجتمعات إلى العمل على جبهتين: تحسين المحركات والبحث عن أنواع الوقود الجديدة، على سبيل المثال المنتجات المتجددة أي الوقود الحيوي. وبهذا الصدد، كان القرار الشجاع للسلطات الجزائرية كذلك في أفريل 2021، بتخصيص نسبة 15 بالمائة من السيارات المستوردة تكون تشتغل بالطاقة الكهربائية، وهذا ما يفتح آفاقا واعدة للتسيير الكفء والمستدام لقطاع النقل، وبما يُسمى بالنقل الأخضر أحد قطاعات الاقتصاد الأخضر، تحقيقًا لأهداف التنمية المستدامة.
فقرار تعميم استخدام الوقود الخالي من الرصاص يصب في صالح المستهلك، أي المواطن بالدرجة الأولى، فمن باب أنه يمنح للعربات أي السيارات القوة الحقيقية المحددة، على غرار الوقود المتضمن لمادة الرصاص، يقلل من قوة المحرك بنسبة تتراوح بين 14 بالمائة، بل والخالي من الرصاص يعمل على توفير حماية أفضل للمحرك نتيجة تغيير زيت المحرك على فترات أطول، كما أنه يقلل من تآكل أجزائه، بالإضافة أنه يساعد على إطالة عمر شمعات الاحتراق.
الجدير بالذكر، أن تغيير نوعية البنزين من المتضمن للرصاص إلى الخالي من الرصاص لا يتطلب إجراء أية تعديلات على السيارات، باستثناء بعض الموديلات القديمة التي قد تحتاج إلى تعديلات بسيطة، كضبط توقيت شمعات الاحتراق للحصول على أعلى أداء. فليست البيئة أولى من المستهلك ولا المستهلك أولى من البيئة، بل كلاهما يحملان نفس الأولوية. فإذا فقدت البيئة خصائصها الطبيعية أي استدامتها سوف تتأثر كل الموائل ( الكائنات) الحية وعلى رأسها المستهلك أي البشرية، وإذا البشرية زادت من أنانيتها باستهلاكها العشوائي للمنتجات الضارة سوف تمس هي الأخرى بالخصائص الطبيعية للبيئة وتشوهها، وعليه ينبغي تزكية وتشجيع كل القرارات والاستراتيجيات الواعدة من أجل الحفاظ على السلامة البيئة وبالتالي سلامة البشرية على حد سواء، كالإستراتيجية الجزائرية لتعميم استخدام الوقود الخالي من الرصاص وكذلك دمج السيارات الكهربائية في السوق الوطنية ولمَ لا تعميمها مستقبلا؟.