في سبيل تحقيق الحلم

ناديــة..سيّــدة تتحـدّى السّنـــين

 تعتبر السيدة نادية، إبنة مدينة البليدة، نيل شهادة البكالوريا حلما يجب أن يتحقق. فبعد 32 سنة من اجتيازها لأول بكالوريا، ها هي اليوم تعود من جديد لاجتياز هذا الامتحان الوطني، وبكل عزم من أجل تحقيق النجاح.
تعد السيدة نادية البالغة من العمر 50 سنة وأمّ لـ 3 أبناء أكبرهم يزاول دراسته الجامعية في تخصص تسيير واقتصاد، مثالا في التحدي  الاصرار على التفوق، وفرض الذات بالنجاح في البكالوريا التي اجتازتها في ثمانينيات العقد الماضي، شعبة رياضيات، ولم توفّق حينها بالرغم من أنها كانت من التلاميذ الأوائل، وهو الأمر الذي جعلها ترفض حينها نهائيا فكرة إعادة الامتحان مرة ثانية.
فمنذ السنة الماضية، شرعت هذه السيدة صاحبة الارادة الفولاذية، في التحضير لهذا الامتحان المصيري وزادها إصرارا التشجيع الذي تلقته من أبنائها وشقيقاتها، لاسيما وأنها على اطّلاع مستمر بمضمون المناهج والبرامج الدراسية، خاصة في مادة الرياضيات التي تجيدها.
وبالرغم من الذكاء الذي تمتاز به في حل المسائل المستعصية في الرياضيات، قرّرت اجتياز هذا الامتحان في شعبة «أدب وفلسفة» لأنها، كما تقول، شغوفة بالشعر والادب ومتقنة للغتين الفرنسية والإنجليزية.
حضرت نادية لامتحان هذه الدورة متحدية بذلك الظروف الصعبة التي مرت بها، ففقدانها مؤخرا لوالدتها وإصابتها بمرضين مزمنين بعدها، لم يكن «عائقا بل حافزا في تحقيق حلمها الدائم»، كما أكدته لـ «وأج» التي التقتها لدى خروجها من مركز الامتحان بالمدنية بالجزائر العاصمة.
وبرأيها، فإنّ الاقبال والاصرار على النجاح نابعان من فلسفتها في الحياة، حيث ترى بأنّ «الاستسلام لا يليق بها» كشعار، مبدية تفاؤلها بالتفوق في هذا الامتحان خلال هذه الدورة لأن الاسئلة - حسبها - كانت «سهلة مقارنة بالسنوات الماضية».
وعن مدى توفيقها بين التزاماتها المنزلية كربّة بيت ومسؤولة في القسم التجاري بشركة وطنية، بعد تدرّجها في المنصب بالأقدمية، قالت نادية الطموحة انها تعتمد على مكتسباتها القبلية و تجربتها في تدريس أبنائها، الى جانب استعانتها بالدروس التي تنشر عبر شبكة الأنترنت.
كما ساعدتها شقيقتها وزوجها معنويا في المضي قدما لتحقيق هدفها وإثبات ذاتها، كما قالت، مشيرة إلى أنّها كانت تفضل المراجعة ليلا بعد الانتهاء من الأشغال المنزلية لا سيما بالنسبة لمادة الفلسفة التي تحتاج إلى اتباع المنطق والمنهج العلمي والحفظ في حل المقالات الفلسفية.
ولا ترى نادية ما يمنعها من الالتحاق بالجامعة والدراسة فيها إذا ما تمكّنت من تحصيل هذه الشهادة، مبدية «تصالحا كبيرا» مع ذاتها، واستعدادها للدراسة مع طلبة بعمر أبنائها مستقبلا، في تخصص «اللغات الأجنبية» أو «الأدب العربي».
وتوجّهت «الأم الممتحنة» التي اعترفت بإحساس الرهبة الذي يتملكها قبل دخول قاعة الامتحان، وتسارع دقات قلبها قبيل استلام ورقة الأسئلة، بنصيحة لكل الذين يجتازون اختبارات هذه الشهادة بالتحلي بالثقة في النفس لأن البكالوريا، على حد تعبيرها، «حلم والطريق المناسب لفرض الذات».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024