الممتلكات الثّقافية لـ «السّمراء» سوى 12 ٪ من التّراث العالمي
تساند الجزائر بقوّة وتحث للعمل ضمن مساعي استعادة الممتلكات الثقافية التي قامت القوى الاستعمارية بسرقتها ونهبها من القارة السمراء على مدار قرون من الزمن، والتي يشكّل استغلالها موردا اقتصاديا هاما في مسار بناء إفريقيا التي تريدها اليوم شعوبها وكذا الاتحاد الإفريقي.
أكّد مراد لعمودي ممثل الجزائر، عضو منتخب بالجمعية العامة للمجلس الاقتصادي، الاجتماعي والثقافي بالاتحاد الإفريقي، أنّ قضية التراث الإفريقي المنهوب من أهم القضايا التي على دول الاتحاد الاهتمام بها والحرص على تضافر وتوحيد المجهودات والإمكانات والمساعي الدبلوماسية والسبل القانونية من أجل استعادتها والمطالبة بشرعية وسيادة ملكيتها».
وذكر لعمودي في هذا الأساس بآلاف الآثار والتحف الإفريقية التي تحتويها اليوم المتاحف الغربية، وتستفيد من ريع استغلالها دون أصحابها الأصليين، إلى جانب المجموعات الخاصة التي يمتلكها بعض الخواص في أمريكا وأوروبا ويتمتعون بها لوحدهم دون سواهم.
ويرى العمودي أنّ «تجسيد هذا المشروع يستدعي إضافة إلى تكاتف الجهود وتوحيد المساعي إنشاء هيئات محلية، إقليمية وإفريقية تهتم بجرد وتصنيف وحماية التّراث الثّقافي المادي واللامادي على مستوى القارة السمراء قبل أن تهتم اليونسكو التابعة للأمم المتحدة أو «لاليسكو» التابعة للجامعة العربية بذلك».
ولا تقتصر معركة استرجاع الممتلكات الثقافية على التحف الأثرية فقط، فاليوم تراث القارة السمراء اللامادي مستهدف هو الآخر من قبل الغرب في عالم الموضة و»الاكسسوارات»، فعلى سبيل المثال، يقول لعمودي، «هناك غياب لهيئات إقليمية إفريقية تحمي الملكية الفكرية والتراثية لشعوب إفريقيا وتراثهم اللامادي الممثل للهوية والذاكرة، والذي يعرف للأسف الشديد استنزافا واستغلالا غير مشروع، شأنه شأن البترول والمعادن والثروات الأخرى».
وتبقى جبهة أخرى على الدول الإفريقية أن تتوحد لحمايتها، وهي عمليات التخريب والتشويه والاتجار غير الشرعي بالممتلكات الثقافية، والذي تحترفه منظمات الجريمة المنظمة العابرة للقارات، وهو المجال الذي توليه الجزائر منذ سنوات اهتماما ومجهودات كبيرة، تدعو اليوم إلى اشراك كل الطاقات لحمايته وتوظيفه كمورد اقتصادي للتنمية السياحة.
وعلى ذكر السياحة، يمكن حسب ضيف «الشعب»، «تفعيل التراث كآلية للنهوض بالقارة السمراء من خلال وضع مسارات سياحية بين الدول الإفريقية لكن قبلها يجب تطوير السياحة المحلية في كل بلد، والوصول الى استقرار امني إقليمي والقضاء على الخلافات العرقية والجماعات الإرهابية وشبكات الجريمة المنظمة التي تنخر القارة ومواردها، فلا ثقافة واقتصاد ثقافي دون تعميم للسلم والأمن».
ويبقى على دول الاتحاد الإفريقي أن تعمل بدعوة اليونسكو «إلى استثمار الإمكانات الهائلة للتراث الثقافي والطبيعي الإفريقي كقوة داعمة من شأنها الحد من الفقر وتعزيز التماسك الاجتماعي، بالإضافة إلى كونها دافعا للتنمية المستدامة والابتكارات».
وقد أشارت أحدث الإحصائيات التي قدمتها اليونيسكو الى ان الممتلكات الثقافية للقارة السمراء تسجل نقصا كبيرا على قائمة التراث العالمي، ولا تشكل سوى حوالي 12 ٪ من مجوع المواقع المدرجة على القائمة من جميع أنحاء العالم لكن نسبة عالية جدًا من هذه الممتلكات (39 ٪) مدرجة على قائمة التراث العالمي المعرض لخطر تهديدات مختلفة متمثلة في تغير المناخ، التنمية غير المنضبطة، والاضطرابات الأهلية وعدم الاستقرار، فإن العديد من المواقع الإفريقية التي تحظى بصفة «عجائب» معرضة لخطر فقدان قيمتها العالمية المرموقة. ولذلك بات من الملحّ أكثر من أي وقت مضى، صون هذا التراث الذي لا غنى عنه والمحافظة عليه من أجل الأجيال القادمة».
ويبقى السّؤال مطروحا متى تكون هناك إحصائيات إفريقية حول الممتلكات الثّقافية وعمليات موحّدة لحماية التراث وتوظيفه في مشاريع اقتصادية لبناء القارة السّمراء؟