بذلت الجزائر منذ ما يقارب عشرية من الزمن مجهودات كبيرة للحفاظ على تراثها الثقافي المعرض للخطر وحماية وتثمين التراث المشترك الذي تتقاسمه مع دول مجاورة، لاسيما في مجال البحث والنقل والتصنيفات الدولية.
التزمت الجزائر لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) بالتكفل الكلي أو الجزئي بملفات التصنيفات الدولية لعناصر التراث اللامادي الذي تتقاسمه مع الدول المجاورة وتقديم المساعدة التقنية والعلمية من أجل إيداع الملفات الدولية ووضع عمليات الحفظ.
وكان ملف «الإمزاد» أوّل ملف دولي أودع باسم الجزائر ومالي والنيجر، وصنف في القائمة التمثيلية لتراث البشرية الثقافي اللامادي في ديسمبر 2013.
واعتبر إعداد ملف الممارسات والمعارف المتعلقة الإمزاد الذي يعد آلة موسيقية تقليدية أحادية الوتر عزفتها وصنعتها نساء الطوارق لوحدهن، تتويجا لجهود استمرت خمس (5) سنوات على مستوى المؤسسات الثقافية، ومن بينها ديوان حظيرة الأهقار الوطنية، من أجل جرد وتسجيل كل الممارسات المتعلقة بالإمزاد، المهدّدة بالزوال.
وبعد أن شجع بعض العازفات القليلات اللاتي ما زلن على قيد الحياة على تدريب شباب تمنراست على ممارسة الإمزاد، باشر ديوان حظيرة الأهقار الوطنية والمركز الوطني للبحث في عصور ما قبل التاريخ والأنثروبولوجيا والتاريخ أشغال البحث التي بادر بها الباحث ديدا بادي في وسط مجتمعات الطوارق بالجزائر ومالي والنيجر.
ويتمثل الملف الدولي الآخر الذي صنف في القائمة التمثيلية لتراث البشرية الثقافي اللامادي في 2020، في الكسكس والدراية المعرفية والممارسات المتعلقة بإنتاجه، والذي صنف كتراث مغاربي باسم الجزائر وتونس موريتانيا والمغرب.
وتتجسد هذه الجهود الرامية إلى الحفاظ على التراث الثقافي الافريقي وتثمينه من خلال تنظيم المهرجان الثقافي الإفريقي في 2009، في مشاريع ذات بعد قاري في شاكلة المركز الإقليمي للحفاظ على التراث الثقافي اللامادي في إفريقيا، وهو مركز من الصنف الثاني تحت رعاية منظمة اليونسكو الذي دشن بالجزائر العاصمة في 2019، وفي مشروع متحف افريقيا الكبير الذي منحه الاتحاد الافريقي للجزائر، وهو أحد المشاريع الكبرى التي تتضمنها أجندة الاتحاد الافريقي لسنة 2063، والتي التزمت الجزائر بجعله قطبا ثقافيا رفيعا ومنارة للإشعاع الثقافي في القارة الافريقية.