أوضح الخبير فريد بن يحيى، أنّ تعزيز القدرات الوطنية في النقل البحري من شأنه أن يعطي حركية اقتصادية للجزائر، إذا ما توفّرت بعض الشروط التي ستجعل منها تتحكّم في مقاليد هذا النوع من النقل بداية بفتح الاستثمار للقطاع العام والخاص، والتوجه نحو صناعة السفن وتوفير بنية تحتية كبيرة وقوية لاسيما الأرصفة التي تستوعب السفن الكبرى، ونفس الأمر بالنسبة للنقل الجوي.
أوضح بن يحيى في تصريح لـ «الشعب»، أنّه لا يمكن الاستمرار في شراء السفن بل يجب أن تقوم صناعة وطنية في هذا المجال لتلبية الاحتياجات الوطنية والاقتصادية والتجارية، لأنّه الحل الوحيد الذي يكفل مناعتها أثناء الأزمات الاقتصادية ويحول دون جعلها رهينة المؤسسات العالمية.
وحسبه يمكّن البدء في هذه الصناعة من خلال عقد شراكات من أجل اكتساب الخبرة، ما سيفتح الاستثمار بقوة في هذا المجال في عدة أنشطة لها علاقة بهذه الصناعة بما فيها مكاتب الدراسات، ويمكن استقطاب مستثمرين كبار في هذه الصناعة كتركيا إيران كوريا الصين وغيرها.
ويرى المتحدث، أنّ وهران وجيجل تصلحان لإقامة مثل هذه الصناعة نظرا للإمكانات البحرية التي تتوفر عليهما وكذا للطبيعة الجغرافية، كما أنّ هذه الأخيرة تتوفر على موانئ هامة معروفة بنشاطها التجاري والاقتصادي وحتى في نقل الأشخاص، في حين يجب الذهاب نحو بناء أرصفة بالمعايير الدولية تستوعب السفن والحاويات الكبيرة، وهو ما يرجو توفره في مشروع ميناء الحمدانية بشرشال.
في هذا السياق، أبرز الخبير أهمية تجسيد ذلك لأنه مهم جدا وستكون لهذا المشروع فوائد اقتصادية على الاقتصاد، وفي التحكم بالأسعار، لأن أي تأخر في عرض البحر أو داخل الأرصفة البحرية سيؤثر على الأسعار، ونفس الأمر لدى حدوث أي أزمة اقتصادية أين نجد أنفسنا رهائن المؤسسات العالمية سواء من حيث الأسعار أو التموين بالسلع والبضائع.
من جهة أخرى، اعتبر بن يحيى أن هذه الصناعة يجب أن تتبع أيضا بصناعة الحاويات الكبرى، فلابد أيضا من مؤسسة وطنية تقوم بصناعتها لتفادي تحويل العملة الصعبة نحو الخارج، وذلك بعد أن تبين أن الكثير من المتعاملين الاقتصاديين قاموا باستغلال ذلك، وتم جعلها فخا حقيقيا من أجل استنزاف احتياطي العملة الصعبة باعتبار أنّنا لا نمتلك البنية التحتية القوية التي تستوعبها أو تستقبلها سواء من حيث تحميلها كون أن السفن الكبرى لا تدخل الجزائر أو عدم امتلاكنا لأرصفة كبيرة تستوعبها.
وأشار إلى أنّه في كثير من الأحيان يتم تفريغ هذه الحاويات الكبيرة القادمة إلى الجزائر في اسبانيا، وتوزيع سلعها وبضائعها على حاويات وسفن أصغر حتى تتمكن من الدخول الموانئ الوطنية، ما يتسبب في تأخر وصولها في الوقت المحدد، وبالتالي تكاليف هذا التأخر تدفع بالدولار، حيث يكلّف النقل البحري بكل نشاطه بما فيها تأخر الحاويات في الموانئ أو دخول السفن إليها وبقائها في عرض البحر حوالي 7 مليار دولار في السنة.
في المقابل، اعتبر المتحدث أنه كان يفترض تقييم نشاط الموانئ الجافة وتنظيمها قبل غلقها لأنّ الاقتصاد الوطني بحاجة لها حتى يتم ترك الموانئ من أجل أداء مهامها الرئيسية، مقترحا الإبقاء عليها واعتماد الطرق العلمية والعصرية في تسييرها، منها إدراج شرائح إلكترونية في كل حاوية تتوفر على قاعدة معلومات خاصة بها متاحة الاطلاع عليها من طرف الجمارك، الضرائب، والأجهزة الأمنية حتى يتم متابعتها طوال فترة بقائها داخل هذه الموانئ.
وتطرق بن يحيى أيضا للنقل الجوي الذي هو الآخر مطالب بتأديته دوره الاقتصادي سواء من حيث تعزيز أسطوله الجوي، أو من حيث فتح المطارات بين الولايات لضمان الملاحة للطائرات الصغيرة بهدف تقليص المسافة بين الولايات الداخلية وتشجيع الاستثمار، وتخفيف الضغط على الطرق السريعة لاسيما الطريق السيار شرق - غرب، الذي للأسف رغم أنه كان مشروع القرن إلا أنه لم ينجز بالمعايير المطلوبة ما نسف أبعاده الاقتصادية، وجعلها دون المبتغى المنشود.