تسيُّب، إهمال، فوضى، وتمرّد على الضوابط والقوانين والأسس؛ هو وصف مختصر لواقع قطاع النقل في وهران التي تستعد لاحتضان ألعاب البحر الأبيض المتوسط 2022، وغيرها من التظاهرات العالمية في غياب مخطّط نقل واضح، يراعي المتغيرات والطموحات المستقبلية.
نقائص بالجملة
ويعتبر قطاع ﺍﻟﻨﻘل، الأكثر تخلفا في وهران لعدة أسباب متداخلة، أبرزها: ضعف منشآت البنية التحتية والاحتياجات المتنامية لهذا القطاع الحيوي في اتجاه تحقيق التوازن الديمغرافي والخصوصيات الجغرافية للمنطقة، وكذا الديناميكية التنموية السريعة التي تعرفها الولاية.
وقد تحوّلت وسائل النقل وفي مقدمتها حافلات النقل الحضري والجماعي من خدمة عمومية إلى تجارة مربحة، تفرض منطقها على المستويين العام والخاص، ما انعكس سلبا على الخدمات المقدمة والارتفاع المهول لحوادث السير المميتة.
الكم على حساب الكيف
ووصف المدير أسطول النقل البري للمسافرين بوهران بـ»المهم جدا»، كونه يحصي أكثر من 3458 حافلة بشبكة النقل الحضري وشبه الحضري وما بين الولايات، منها 1233 بالمحيط الحضري لوهران المتربع على ست بلديات.
واعتبر معمر لطفي، مفتش بالمديرية الولائية للنقل، أن «الفوضي التي تسود قطاع النقل الحضري، تناهز مدتها الـ30 سنة، أنتجتها سياسات سريعة التغيير وغير مستقرة طيلة عشريات»، مبينا في الوقت نفسه، أن هذا الواقع، بقي يفرض نفسه بالرغم من ولوج «إيطو» المؤسسة العمومية للنقل الحضري وشبه الحضري هذا المجال، كونها لم تتمكّن من المنافسة وتغطية الشبكة.
يقول لطفي، أنّ «الدولة لما كانت تسيّر النقل، كان القطاع تحكمه قوانين وإجراءات صارمة، تفرض على القابضين والسائقين المحددين بعقد عمل، ليتحوّل تدريجيا إلى مهنة تجارية تنافسية بعد فتح المجال واسعا أمام القطاع الخاص».
3 آلاف ناقل خاص والمشكل قائم
وأوضح محدثنا في هذا الصدد، أن «المشكل الذي كان مطروحا في مختلف المخططات، يتعلق بالناقلين الخواص البالغ عددهم أكثر من 3 آلاف ناقل؛ حيث لم يسمح هذا العدد الكبير بتنفيذ مخطط واضح ومتكامل، لذلك تمّ ـ حسبه دائماـ اقتراح خلق «مجمع» لتنظيم نشاط الناقلين، من خلال جمعهم في شركة واحدة، بهدف تشجيع المنافسة والتكامل في أداء الخدمة.
وأضاف أنّ الناقلين الخواص لم يتقبلوا هذا المقترح الولائي، واعتبروه غير مربح، لاسيما وأن الهدف الأساسي من هذا المجمع، يكمن في إعادة تنظيم وهيكلة القطاع، من خلال إلزامية وضع نظام داخلي والتطبيق الصارم للقوانين ضد المستخدمين، وغيرها من الامتيازات المشابهة للمؤسسة العمومية «إيطو»، ومنها اللباس الموحد والتكوين الإجباري للقابضين والسائقين، وكذا التصريح بهم لدى هيئة الضمان الاجتماعي وتثبيتهم في خطوطهم، وفق ما أشير إليه.
انعدام الدعم وندرة الحافلات
وفي ضوء ذلك، حذّر المفتش الإداري من خطورة زيادة اهتراء الحافلات ومدى تأثيرها على حياة المواطنين، وذلك بالرغم من القرار الولائي القاضي بسحب المركبة المهترئة إلى أن تصلح، مشيرا إلى أن السبب الحقيقي وراء عدم تجديد الحظيرة، عدم وجود الحافلات في السوق، وانعدام الدعم من طرف البنوك.
في انتظار إلزامية شهادة الكفاءة
ومن جانب آخر، أفاد معمر أنّهم بانتظار صدور إلزامية تطبيق شهادة الكفاءة المهنية لسياقة مركبات نقل الأشخاص والبضائع عبر الطرقات، حيث يتعين على كافة المتعاملين المزاولين لهذا النشاط نسخة من هذه الشهادة المهنية عند تجديد رخصة سير العربة في الملفات الإدارية اجتياز امتحان، وذلك بعد تكوين لمدة 15 يوما على مستوى مراكز التكوين المعتمدة.
وتقدم بعدة اقتراحات عملية أخرى، أهمها الرجوع إلى الأصل، مع إحداث تغيير في رزنامة القوانين المسيرة للقطاع منذ 30 سنة، مشددا في هذا الإطار على ضرورة استحداث وصياغة تشريعات وقوانين جديدة، تواكب المتغيرات والتحوّلات.
بدوره، أكد الملازم الأول للشرطة بأمن ولاية وهران، كالي ياسين، على ضرورة تشديد الردع والصرامة ولاسيما على المسؤول المدني للحافلات، بهدف غرس الوعي وتعزيز الشعور بتحمّل المسؤولية وصولا لتحقيق الأهداف التنظيمية.
.. وانعدام الإشارات وضيق الطرقات
كما أشار إلى مشكل عويص لم تتمكّن السلطات من مسايرته، يتعلق بشبكة الطرقات التي تعود إلى حقبة ما قبل الاستقلال وتتميز بالضيق الكبير، وخاصة تلك الواقعة وسط المدينة، ما يجعل الحافلات الكبيرة تواجه صعوبة في المسير وهو ما يؤثر على السيولة المرورية والأمن، وفق تعبيره.
كما تطرّق المصدر الأمني إلى عدة عراقيل تواجهه المصالح المعنية خلال معاينة المخالفة: أبرزها النقص الفادح في مواقف الحافلات والغياب شبه التام للإشارات العمودية والأفقية، على غرار الخطوط البيضاء التي تحدّد مكان وقوف حافلات النقل الحضري.
وتشير إحصائيات مصالح أمن ولاية وهران، المضبوطة خلال الثلاثي الأول 2021، إلى معاينة 199 مخالفة لأصحاب الحافلات وسواقها، من بينها 24 جنحة تنسيق، خاصة فقط بخط الحافلات 11.