أمام عودة ارتفاع منحى الإصابات

رهان على الوعي لوقف الفيروس «المتوحّش»

زهراء - ب

على الرغم من تأكّد دخول السلالات المتحورة لفيروس كورونا، وعودة ارتفاع عدد الإصابات، بشكل يتطلّب المزيد من الحذر لأن آثار الفيروسات المتحوّرة «المتوحّشة» وخيمة صحيا، اجتماعيا واقتصاديا، إلا أن هناك «لا وعي جماعي» بأهمية مساهمة الأفراد إلى جانب الدولة في محاربة الوباء، عن طريق الإلتزام فقط بإجراءات الوقاية والتباعد الإجتماعي، فالجميع «معنيون» بعدم الوقوع في «الخطأ» لتفادي العودة إلى نقطة الصفر في محاربة الوباء.
منذ بدء تنفيذ إجراءات محاربة كورونا في الجزائر، تلقّت «الاستراتيجية الوطنية» التي تمّ تسطيرها من قبل مسؤولين بالدولة ومختصين وخبراء عدّة «انتقادات»، بالرغم من أنّه اتّضح بعد أشهر من تطبيقها في الميدان أنّها «الأحسن» وجنّبت الجزائر «تكلفة باهظة»، وقد كانت محل إشادة من هيئات ومنظمات عالمية.
فقرار الغلق المستمر للحدود، وإقرار حجر صحي على ولايات الوطن، وتشديد اللهجة مع المخالفين لإجراءات الوقاية بسنّ مخالفات لمن يرفض ارتداء الكمامة، وإن كانت في نظر البعض «صارمة»، إلا أنها أعطت أكلها ووصلت إلى نتيجة مرضية، وقد ظهر ذلك في تراجع عدد الإصابات بالفيروس وتقلص الوفيات، بفضل تحكم الأطقم الطبية في جميع الحالات المسجلة بالرغم من المخاوف بعدم القدرة على استيعاب أكبر عدد من المرضى نتيجة نقص الإمكانات والوسائل، وعدم امتلاك العدد الكافي من أسرة الإنعاش.
يقظة مؤسسات الدولة في التعامل مع الجائحة العالمية، ومسارعتها لاعتماد إجراءات الوقاية، كان يفترض أن يتكيف الفرد معها، ويكون جزءاً أساسيا في تنفيذها، فالمواطن يتحمل هو الآخر مسؤولية إجتماعية، ومخطئ من يعتقد أن المسؤولية تتحملها وزارة الصحة أو الداخلية أو الحكومة لوحدها لمحاربة هذا الوباء، فالجميع «معنيون» دون استثناء بالمشاركة في الجهود الوطنية، عن طريق الإلتزام بارتداء الكمامات واحترام التباعد الاجتماعي، وتفادي التجمعات في الساحات والأماكن العمومية، وحتى بين العائلات.
ودور ممثلي المجتمع المدني ووسائل الإعلام «مهم» في نشر «الوعي الجماعي» بين الأفراد، ودفعهم للمساهمة في تنفيذ إستراتيجية الحماية والوقاية من الفيروس الذي أصبح أكثر شراسة، ولا يجب الانقطاع عن تنظيم حملات تحسيسية وتوعوية في الشوارع، في المحلات التجارية، الأسواق، الساحات والمساجد، وحتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تستقطب اهتمام أكثر من 24 مليون جزائري.
والجميع لاحظ التراخي في تطبيق البروتوكول الصحي، خاصة في الشهر الفضيل، بعد تراجع عدد الإصابات، وكأنه تم إعلان الانتصار على الفيروس، في وقت كان في «فترة هدنة» استعاد فيها شراسته ورجع بوحشية، تحت مسميات أخرى فأخذ إسم «البريطاني»، «البرازيلي»، «الهندي»، «النيجيري» وهو أكثر ضراوة وخطرا على الفيروس المستجد، لأنه يفتك بالشباب «عماد الأمة» أكثر من كبار السن، ويصيب الأطفال «جيل الغد» وهو أكبر تهديد للدول.
جدير بالمواطن والجزائر تشهد ارتفاع منحى الإصابات، أن يكون أكثر ليونة مع اجراءات الوقاية، ويسارع إلى التقيد بها، قبل أن ينفلت الوضع ويخرج من تحت السيطرة، فإذا كانت عدد الإصابات المسجلة يوميا تتجاوز 200 إصابة، معنى هذا أنه في ظرف 10 أيام نصل إلى 1000 إصابة، وهذا يتجاوز قدرة استيعاب المستشفى، وقد سبق وحذّر الأطباء من التراخي في تطبيق البروتوكول الصحي، لأن ذلك سيسبّب متاعب كثيرة للسلك الطبي، ويزيد المنظومة الصحية هشاشة، وهي في غنى عن ذلك، وتحتاج إلى تفهم الجميع الوضع، والمساعدة كل في موضعه بلبس الكمامة أقل شيء.
انضباط المواطن والتزامه بالبروتوكول الصحي «خطوة حاسمة»، لكبح جماح «الفيروس المتوحّش»، الذي يستغل استهتاره اليوم، للفتك بأرواح أخرى وإطالة مدة بقائه، وحتى لا نعود إلى نفس الإجراءات الوقائية المشددة التي اتخذتها السلطات في بداية ظهور الوباء، بتعليق الأنشطة التجارية وغلق المدارس والجامعات، وأماكن التسلية، ومنع التنقل بين الولايات، والتي «أرهقت» الكثيرين، أصبحت الحاجة ملحة لبذل المزيد من الجهود والحفاظ على أقصى درجات اليقظة والتقيد بجميع تدابير الوقاية والحماية التي تمكن من حماية النفوس والمستضعفين من أي وضع قد يعقد أي تكفل صحي، والأهم من كل ذلك التحلي بالمسؤولية الفردية والجماعية، للحفاظ على الأرواح والامتثال لجميع المحظورات والقيود الصحية المتعلقة بالتجمعات والاجتماعات التي تعد جميعها عوامل لتفشي الفيروس، حتى ولو كانت الولاية خارج قائمة الولايات المعنية بالحجر الصحي، لهذا لا يعني أنها في مأمن عن الفيروس المتحوّر، فكما تغلغل بين حدود الدول، وانتقل بين القارات دون تذاكر، يمكن أن يدخل ولايات لا تشهد أية إصابات ولكن «الوعي الجماعي» غائب فيها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024