استقرار الوضع لا يعني التغلب على الفيروس
قال رئيس الجمعية الجزائرية للأطباء العامين الدكتور عبد القادر تفات، إن شهر رمضان خلال السنة الماضية يختلف كثيرا عن الحالي، باعتبار أن الجزائر عاشت فترة صعبة بسبب العدو الخفي المتغير، الذي ظهر في الكثير من بلدان العالم وزحف إلى الجزائر، مخلّفا حالة كبيرة من الخوف والرعب لدى المواطنين وحتى الأطباء، الذين كانوا في البداية يجهلون طبيعة هذا الفيروس المعدي، ومدى خطورته، وكيفية تشخيصه وعلاجه.
أفاد الدكتور تفات في تصريح خصّ به «الشعب»، أن الأطباء قاوموا الوباء منذ بداية انتشاره بالإمكانيات الموجودة والاجتهاد الشخصي من خلال البحث عن مزيد من المعلومات حول الفيروس والاطلاع عن الدراسات العلمية الجديدة التي كانت تنشر في كل مرة بعد معرفة تفاصيل أكبر عن الفيروس.
وأشار إلى أن الأطباء حاولوا تطبيق توصيات اللجنة الوطنية المكلّفة برصد ومتابعة وباء كورونا، والتي نصّبتها وزارة الصحة في مجال الوقاية والعلاج مع مساهمتهم في تحسيس وتوعية المواطنين، الذين عاشوا ذعرا كبيرا بسبب دخول أولى الإصابات إلى الجزائر، وخوف شديد من انتشار العدوى بشكل لا يمكن التحكّم فيه.
وبالرغم من الجهود المبذولة للتوصل إلى فهم فيروس كورونا، وتحديد سرعة انتشاره وخطورته، إلا أنه حسب الدكتور تفات ما يزال غامضا ويكشف في كل مرة عن مفاجآت غير متوقّعة، آخرها ظهور الفيروسات المتحوّرة التي تتميز بقدرة عالية على الانتقال مقارنة بكوفيد -19، الأمر الذي يجعل الجميع في حالة من الخوف من إمكانية انتشاره وتفشيه مجددا بشكل خطير، لأن التأكد من قرب زوال الفيروس مستبعد تماما بما أن الجزائر تسجل يوميا حالات إصابة ووفيات بسبب الفيروس.
وتحدّث عن المرحلة الصعبة التي عاشها الجزائريون والأطباء على حدّ سواء في مواجهة هذا الوباء ـ قائلا ـ إن الأطباء العامون كانوا في الصفوف الأولى في معركة شرسة لا يعرف عنها كثيرا من الأحداث وساهموا في إنقاذ عدد كبير من المرضى معرضين أنفسهم إلى خطر الإصابة، خاصة وأنّهم كانوا يفتقدون وسائل الحماية اللازمة التي تمكنهم من أداء واجبهم دون خوف ولكنهم لم يستسلموا للوضع المقلق والخطير بل واصلو كفاحهم في سبيل التكفل بجميع الحالات ورفضوا غلق عياداتهم والتوقف عن العمل.
وأوضح، أن الجمعية الجزائرية للأطباء العامين تجنّدت منذ تسجيل أولى الإصابات في الجزائر لخدمة المرضى سواء المصابون بداء كورونا أو الذين يعانون من أمراض أخرى ويتعذر عليهم التنقل إلى المستشفى بسبب الخوف من التقاط العدوى، مشيرا إلى جمعيته قامت بالتواصل مع الأطباء المتواجدون عبر 38 ولاية وأطلقت مبادرة تطوعية شارك فيها حوالي 200
طبيب عام وضعوا أرقامهم الشخصية في خدمة المواطنين قصد الإجابة على مختلف استفساراتهم وتقديم إرشادات ونصائح تتعلق بحالة كل شخص.
وفقدت الجزائر إلى غاية اليوم 169 طبيب يعملون في مختلف ولايات الوطن، علما أن 52 بالمائة من المتوفين هم أطباء عامون تابعين للقطاع الخاص الذين تصدّروا خط الدفاع الأول وعاشوا معاناة إجبارية لا خيار فيها إلا المواجهة في كل ثانية مع الوباء وخطر العدوى، مضيفا أن الضمير المهني والإنساني لا يسمح للأطباء التهرب من مسؤولية إنقاذ المرضى والتكفل بهم حتى على حساب حياتهم.
ويرى أن تعزيز الوقاية من الفيروس، الحل الأمثل لتفادي الوصول إلى مرحلة العلاج التي يمكن أن تقدم نتيجة ايجابية أو سلبية حسب إصابة كل شخص ووضعه الصحي، مشيرا إلى بعض نتائج الإصابة بفيروس كورونا والتي تظهر على الكثير من الحالات والمتمثلة في أعراض مرضية تستمر مع الشخص بعد الشفاء من الفيروس لعدة أشهر من بينها علامات صدرية كاستمرار شعور المريض بصعوبة في التنفس وأعراض أخرى عصبية وجلدية مبرزا أن جميع هذه الحالات لم تكن معروفة في بداية انتشار الجائحة.
وأوضح في ذات السياق، أن الأطباء لم يكونوا على علم بأن الفيروس يؤثر على الجسم خاصة على مجرى الدم ولكن بعد مرور وقت من انتشار الفيروس وتشخيص أكبر عدد من المرضى اكتشفوا الكثير من الحالات الخطيرة التي يتسبب فيها الفيروس وعلى أساس الدراسات العلمية يتمّ تغيير طريقة العلاج وتحسينها محذرا من التهاون في الالتزام بإجراءات الوقاية خلال شهر رمضان الجاري الذي تزامن أيضا مع فيروس كورونا بالرغم من تسجيل استقرار في الوضع الوبائي، ولكن يبقى خطر ارتفاع الإصابات قائم بما أن الفيروس موجود ولم يتمّ التغلب عليه.
ودعا رئيس الجمعية الجزائرية للأطباء العامين، المواطنين في هذا الشهر الكريم إلى تفادي الزيارات العائلية والتجّمعات الكبيرة في الأسواق والمحلات مع تطبيق كامل التدابير الاحترازية وعدم التراخي في التعامل مع الوضع الوبائي المريح الذي تشهده الجزائر في الأسابيع الأخيرة، مؤكدا أن الاستهتار قد ينتج عنه ارتفاع مفاجئ في الإصابات والعودة مجددا إلى نقطة الصفر خاصة في ظلّ تسجيل إصابات بالفيروس المتحوّر سريع الانتشار بين المواطنين.
واعتبر الدكتور تفات حملة، التلقيح ضد فيروس كورونا أهم الإجراءات الوقائية التي من شأنها أن تساهم في التقليل من خطورة الوباء وخفض معدل الوفيات بسبب الفيروس بنسبة 90 بالمائة، مضيفا أن اللقاح الأمل الوحيد للجزائريين ومختلف شعوب العالم من أجل الخروج التدريجي من هذه الأزمة الصحية، معتبرا تصنيع اللقاح الروسي «سبوتنيك» في الجزائر، خطوة هامة بتلبية جميع الاحتياجات الوطنية وعدم الاعتماد على الاستيراد، خاصة وأن جميع الدول حتى المتطوّرة تسارع للظفر بأكبر حصة من اللقاح وتوجد منافسة شرسة عالمية حوله.