غالبا ما يُعامل الإعلام الثقافي كالفرد الفقير من العائلة الذي يضحى به في الصحافة الورقية حين تزيد صفحات الإشهار، ولا يسمع له صدى حين تطغى المواعيد السياسية على الحدث. الكثير ينظر إليه كمجال يحكي عن الثقافة من باب الترفيه وفقط، متناسين أن الثقافة هي مفتاح رقي الشعوب والأمم المتصدرة لمراكز التقدم والقوى في العالم.
يعتبر الانفتاح على الرقمنة والعالم الافتراضي الذي يعيشه قطاع الصحافة اليوم بمثابة الفرصة الذهبية قد تتاح للإعلام الثقافي ليلعب الدور الفعال المنوط به، وهو إنشاء همزة وصل قوية بين القراء وأهل الفن والثقافة، وبالتالي مواكبة كل الأنشطة الثقافية افتراضية كانت أو واقعية.
إنّ المطلوب من الإعلام الثقافي هو: نقل الخبر وتقديم نوع من الترفيه مع الحرص على نشر الوعي والفكر والقيم السليمة بين القرّاء وأفراد المجتمع، وكونه منبرا للأديب والشاعر والمفكر والممثل والرسام والفنان والموسيقي...وهو اليوم في زمن العصرنة والانتقال إلى الرقمنة، قد سبق الركب نوعا ما، بتواجده المستمر على شبكة الانترنت من خلال المواقع الالكترونية للمؤسسات والهيئات والجمعيات الثقافية، وكذا أهل الثقافة والفن أنفسهم، حيت أصبح كل ذي موهبة مروجا لها افتراضيا ومُعرفا إياها لرواد مواقع التواصل الاجتماعي.
برهنت تجربة الحجر الصحي الذي فرضه انتشار فيروس كورونا القاتل مند مارس 2020، أنه من الممكن للثقافة أن تنتعش بعيدا عن خشبة المسارح ودور العرض وقاعات المحاضرات، وأنّه من السهل الإبحار في العالم الافتراضي وتنظيم أنشطة ومعارض فنية ومسابقات أدبية وموسيقية انتعاش الثقافة والإعلام المتابع لها افتراضيا.
وبالتالي أصبح هذا الأخير ملزما بالتكيف مع الوضع الجديد، ونقل الأحداث والأنشطة الثقافية للقارئ مع التوسع فيها، فهو يواكب كل المواعيد واللقاءات افتراضية، وينقلها في الآنية من خلال المواقع الالكترونية وحتى الصفحات الخاصة. ويمكن إذا نشر افتراضيا كل ما يؤجل ورقيا بحكم الإشهار الوارد، حتى لا يضيع الجهد ولا يكون هناك انتقاص اتجاه أصحاب النشاط الفكري أو الفني.
قد يكون الانتقال النوعي إلى العالم الافتراضي الذي تنوي الصحافة الجزائرية إنجازه اليوم سبيلا لتطوير إعلام ثقافي يعيد الثقافة الجزائرية إلى الواجهة، وهي المعول عليها في معركة التنمية والرقي كونها مجال يحمل الكثير من موارد الاستثمار الاقتصادي والسياحي.
مجال ومشروع بنّاء يكون على الإعلام الثقافي الترويج له وتحضير الذهنيات لتقبله والالتفاف حوله، وهنا تتبلور فرضية إطلاق مواقع إعلامية ثقافية مختصة في نقل الخبر ونشر الفكر والترويج لمخططات الاقتصاد الثقافي المستقبلي.
وإن تحتاج النقلة من الورقي إلى الرقمي تكوينات تمكّن الإعلامي من الاستعمال الصحيح للتكنولوجيات الحديثة، يبقى تغيير نظرة الكثير اتجاهه واتجاه أهميته في مسار التوعية والتحسيس المعول عليه لبناء الجزائر الجديدة ضرورة حيوية لأن بين الثقافة والإعلام الثقافي رابط تواجد ووجود.