القتل البشع يتكرّر

جثــــث الجزائريـــــــــات تُسائــــــل شـــــــــرف القبيلــــــة

فتيحة كلواز

منذ جانفي الماضي سقطت 40 جزائرية جثة هامدة بعد اغتصاب وضرب وحرق، وهو رقم رفع منسوب الزئبق في ردود الفعل الغاضبة على ما يحدث في غفلة منا، أو بعيدا عن أعين القبيلة، التي تجد نفسها مطعونة الشرف، مرة أخرى، على الأقل لدى من يحركون دعوات القصاص حالا، من وحوش بشرية، لا تجد ما تبرّر به فعلتها المتكررة، في المحاكم، غير كلام لا يتقبله عاقل: حرقتها لأنني لحظتها أصبت بالجنون!

يوم السبت 10 أكتوبر، عُثر على جثة فتاة في العقد الثاني من عمرها متوفاة وقد تعرضت للحرق بحي تهقارت الغربية بضواحي مدينة تمنراست.
وكانت ولاية سطيف عرفت حادثة مماثلة، بعدما تدخلت مصالح الحماية المدنية للولاية ليلة الأربعاء إلى الخميس الماضيين من أجل نقل جثة امرأة في العقد الثالث من العمر وجدت محترقة ومغطاة بعجلات مطاطية بغابة فيض غريب التابعة لبلدية العلمة شرق سطيف. وعرفت ولاية بومرداس قضية مشابهة الجمعة ما قبل الماضية، تمثلت في حرق الفتاة شيماء.
أبانت التعاليق التي عجّت بها منصات التواصل الاجتماعي حول قتل وحرق «شيماء» عن مجتمع لم يستطع بعد التخلص من الموروث الشعبي الذي يحصر المرأة في صورة «مادة سريعة التلف»، ما «يبرر» الكثير من السلوكيات والتصرفات اتجاهها، لكن أن يبرر اغتصابها         وذبحها وحرقها، فهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلا، فلا أحد يملك الحق في سلب «شيماء» حياتها ولا شيء يعطي أي شخصٍ كان الحق في قتلها بهذه الطريقة البشعة.
اليوم كما الأمس لملمت الأم شتاتها لتصرخ بأعلى صوتها «لماذا أحرقتم قلبي؟» الإعدام لقاتل ابنتي؟»، لترفع الغطاء عن المسكوت عنه باسم مجتمع «محافظ» و»تقاليد وأعراف»، وباسم «طابوهاتٍ» سرقت من فلذات الأكباد براءتها بسبب مرضى ومهووسين بخيالات جنسية لا تفرق بين صغير وبالغ، وأشياء أخرى.
«شيماء « ليست أول اسم عنوانه اغتصاب وتنكيل ولن تكون الأخيرة، ما دمنا لم نتعظ من الدروس السابقة التي كتبها أطفال اختطفوا واعتدي عليهم بالفعل الخادش للحياء فقط لان البعض يرى في الإعدام عقوبة تتعارض ومبادئ حقوق الإنسان، وتناسوا قصدا قول الله تعالى:» ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب».
تحوّلت عقوبة الإعدام اليوم إلى مطلب شعبي وضرورة حتمية لمواجهة الشرخ الأخلاقي الذي يعيشه المجتمع، فالتراكمات التي أنتجت هذه الوحوش البشرية بحاجة إلى رادع قوي لإيقاف ما يقترفونه ضد الأطفال، فمن غير الممكن ترك المغتصب حرا طليقا لان النتيجة ستكون نفسها كما حدث مع المغدورة «شيماء» ففي 2016 قدمت شكوى ضد مغتصبها، وفي 2020 أعاد هذا المسخ جريمته بأكثر وحشية لم يكتفي فيها بإشباع شهوته الحيوانية بل تفنن في تعذيبها، اغتصابها، ذبحها وحرقها.
وهنا يتساءل الجميع عما تغير من «شيماء» 2016 إلى «شيماء» 2020، ماذا فعل المشرّع ليوقف كل ما تتعرض له الطفولة من اغتصاب وتعنيف، لن يختلف اثنان على ضرورة مراجعة ترسانة القوانين حتى يتم تسليط أقصى العقوبات على المغتصبين والمتحرشين والمعنفين للأطفال لأنه أنسب الحلول للخروج من حالة الفوضى الاجتماعية التي اختلط فيها الحابل بالنابل.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024