الظّاهرة في ميزان علم الاجتماع

الدكتور مصطفى حاج الله من جامعة المدية يؤكّد على عالميتها

المدية: ع ــ ملياني

تحيين القوانين وتحديد المسؤوليات بدقّة للحد منها

 

  يعتقد الدكتور مصطفى حاج الله بجامعة المدية، بأن إشكالية الأخطاء الطبية تعد ظاهرة عالمية لا يخلو منها أي مجتمع مهما كانت درجة تطوره التكنولوجي والاقتصادي، لكونها من أخطر الظواهر الاجتماعية التي تؤثر سلبا في أفراد المجتمع عامة وفئة المرضى ضحايا هذه الأخطاء خاصة لما تسببه من انعكاسات صحية ونفسية خطيرة ومستديمة على المريض وأهله.
ينقسم الخطأ الطبي حسب حاج عبد الله إلى قسمين الخطأ الطبي الواعي، وهو الذي يجرمه القانون وتؤثر على نشاط الطبيب ومع ذلك يقدم عليها، أما النوع الثاني فهو الخطأ الطبي البسيط هو خطأ بدون توقع نتيجة النشاط الايجابي أو السلبي مع قدرة شخص آخر من فئته توقعها وتفاديها، كما يتم تقسيمها إلى أفعال مبررة وأفعال غير مبررة، تبدأ من صعوبة تبريرها وإثباتها من طرف المريض ضحية الخطأ الطبي وحتى من القضاء، وهو ما يشكل عاملا معيقا لمحاسبة الطبيب والسماح له بالهروب من المسؤولية، وبالتالي استمرار ارتكاب الأخطاء الطبية لا يلزم الطبيب أيه مسؤولية زيادة على المساندة المطلقة لمجلس أخلاقيات المهنة الطبية له، وهو ما يجعل العلاقة بين الطبيب والمريض تتّسم بالخوف وعدم الثقة أحيانا نظرا لبعض المعاملات اللانسانية من بعض الأطباء ومعاملة المريض كآلة وجب إصلاحها.

قلّة الخبرة وضعف المستوى  ساهما في تنامي الظّاهرة

 أما الأسباب المباشرة للأخطاء الطبية تعود في بعض الحالات إلى قلة الخبرة لدى بعض الأطباء، وضعف المستوى  لدى البعض الآخر الناتج عن عدم الاستفادة من الدورات التكوينية وإعادة الرسكلة وتنمية المعارف، وكذا الاطلاع على آخر البحوث والمستجدات التكنولوجية في عالم الجراحة بالخارج زيادة على ضعف التحكم في الآلات التي تسهل عمل الطبيب، كما أن قلة المختصين في بعض التخصصات يزيد من فرص حدوث الأخطاء الطبية زيادة إلى عدم التوازن في توزيع الأعباء بصفة عادلة على جميع الأطباء، فنجد في كثير من الأحيان قيام مجموعة من الأطباء تقوم بأكثر من عشر عمليات جراحية في اليوم وهو ما يستهلك كثير من الجهد ويعرض الطبيب إلى التعب، وبالتالي تتضاعف فرص ووقوعه في الخطـأ الطبي، في حين نجد مجموعة أخرى تقوم بعمليتين فقط في اليوم ويتلقون نفس الأجر الذي هو في الأساس غير لائق بالطبيب الجزائري، علاوة على قيام بعض الأطباء بتهريب المرض من القطاع العام إلى القطاع الخاص والمخاطرة بحياتهم رغم علمهم بخطورة الحالة وقلة الخبرة والتجربة لدى القطاع الخاص مقابل الربح المادي، بالإضافة إلى تجريب أدوية جديدة من طرف بعض الأطباء على المرضى مثلما حدث بمستشفى بني مسوس قبل 2010، ما أدى إلى إصابة 60 مريضا بالعمى وعدم تحمل أي طرف للمسؤولية.
 برّر الباحث حاج الله في هذا الصدد اهتمامه بهذه الإشكالية المحورية بإعتبار أن جامعة المدية سبق لها وأن ناقشت هذا الموضوع الحساس في ملتقاها سنة 2014 بعنوان «الأخطاء الطبية بين التبرير والتجريم في الجزائر»، ودراسته لجزء منه في مذكرة ماجستير سنة  2011 غير أنه بعد تفاقم الظاهرة فكّر بمعية نظرائه في تخصيص ملتقى وكان الأول في الجزائر وربما في الوطن العربي لحساسيته، على اعتبار أن كثيرا ما يجد الطبيب نفسه محيطا بعوامل عديدة تدفع به إلى ارتكاب الأخطاء الطبية دون إرادته منها اللوجيستية كقدم الآلات الطبية، افتقار المستشفى إلى مختصين في التعامل مع معدات حديثة ومعقدة، الخطأ في تحديد فصيلة الدم، الخطأ في التشخيص، غياب الطبيب المختص في التخدير وهو من بين أخطر وأكثر أنواع الأخطاء الطبية المعروفة بسبب خطأ في جرعات التخذير بالزيادة أو النقصان أو محل تطبيقها، إلى جانب عدم احترام المناوبة الليلية من طرف بعض الأطباء والممرضين ما يجعل المريض عرضة لأخطاء وأخطار طبية بسبب غياب الكادر الطبي في وقت تحرص الدولة على إجبارية العلاج المجاني ووفرته.
داعياالهيئات الوصية إلى وجوب التقليل من الأخطاء الطبية من خلال تحسين الظروف السوسيومهنية للطبيب وأعوانه وتوفير الآلات الحديثة، تمكين الأطباء والممرضين من الإستفادة من دورات التكوين والرسكلة بالخارج، مع إعطاء أهمية بالغة لمقياس أخلاقيات المهنة الطبية في التكوين الجامعي، فضلا على تحيين القوانين وتحديد المسؤوليات بدقة، ضرورة تحميل مجلس الأطباء المسؤولية كاملة، وتفعيل الرقابة خاصة أثناء المناوبة الليلية، وكذا وجوب تأكد الطبيب قبل البدء في عمله من توفر اللوازم الطبية وخاصة الطبيب المختص في التخدير، علاوة على توفير الحماية والآمن للطبيب بالمستشفيات، مراقبة سيرورة الإسعاف من تجهيزات سيارة الإسعاف إلى الطبيب المسعف من أجل تفادي حدوث أخطاء تشخيصية لضحايا الحوادث المفاجئة، وكذا ضرورة التوزيع العادل للأطباء والمتخصصين على المناطق الكبرى للوطن، مع اعطاء ضمانات أكبر للأولياء والجمعيات للتأسس بدلا من الضحايا لدى العدالة في حال تسجيل شكاوى بهدف الحد من هذه الظاهرة الخطيرة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024