حرب ضروس قام بها محيي الدين تبر المدير الجديد للقطاع الصحي بسكيكدة، من أجل وضع القاطرات على السكة والقضاء على الاستغلال الفاحش للمرافق الصحية العمومية لصالح العيادات الخاصة، وتحويل المرضى بطرق ملتوية لفائدة القطاع الخاص على حساب القطاع العام.
لقيت هذه السياسة التي اعتمدها المدير استحسانا ومساندة منقطعة النظير من قبل مواطني مدينة سكيكدة، لاسيما وأن المدينة كادت أن تتحول الى ولاية منكوبة صحيا، رغم الهياكل والمرافق التي تزخر بها، ناهيك عن وجود «لوبي» يعمل لصالح مؤسسة صحية وحيدة للخواص، بتعطيل ومنع الاستثمارات الخاصة، حتى تستفيد من هذا الوضع، إلا أن الحركية التي فرضها المدير الجديد أعطت دفعا إيجابيا في هذا المجال.
وكان أن فجّر مدير الصحة والسكان بولاية سكيكدة خلال بداية السنة الماضية، فضيحة من العيار الثقيل، بكشفه عن وجود تلاعبات وتواطؤ بين مدير مستشفى عبد الرزاق بوحارة والجراحين وكذا القابلات في تحويل النساء الحوامل اللائي يقصدن المستشفى وهن في حالة خطيرة لإجراء العمليات القيصرية بالعيادات الخاصة، وهذا إخلالا خطيرا بصحة الحوامل، حسب مدير الصحة الذي رفع هذه القضية للوزارة الوصية، وكانت «الشعب» قد نقلت الأحداث في حينها.
وأكد تبر محيي الدين خلالها بأن رفض الأطباء الجراحين بالمستشفى إجراء العمليات القيصرية يتعارض مع تعليمات وزارة الصحة التي تلزم الجراحين العامين بالمستشفيات العمومية عبر الوطن بإجراء العمليات القيصرية في حالة انعدام جراحين مختصين في طب النساء والتوليد، وأوضح أن لجنة التفتيش خلصت في عملها إلى أن الجراح الواحد من مجمل 12 جراحا بالمستشفى يجري 3 عمليات جراحية في الشهر بمعدل 1.26، وكشف تقرير اللجنة، عن حقائق غريبة تتمثل في عدم تسجيل أي تحويل إلى مستشفى عنابة في هذه الحالات، وهذا ما يطرح علامات استفهام كبيرة ولا يتم حتى تسجيل حالات الحوامل في المستشفى، ولا تجرى لهن اختبارات الحمل وهذا ما يعد إخلالا خطيرا بصحة الحوامل وغير مسموح به تماما.
مدير الصحة وفي سابقة، أكد على أنه من حق سكان ولاية سكيكدة أن يعلموا بأن جراحي ومدير المستشفى كانوا يرغمون النساء الحوامل من العائلات المعوزة التي يلجأ الكثير منها إلى بيع حليهم ومجوهراتهم على التوجه نحو العيادات الخاصة، والأخطر كما قال المدير «أن الحوامل لا يتم تسجيلهن في المستشفى ولا يتم إخضاعهن لاختبارات الحمل كما هو معمول به، وهذا ما يعد حسبه إخلالا كبيرا وخطيرا تجاه الحوامل.
والامر لا يقتصر على الحوامل فقط، بل إهمال الجراحين طال العمليات الجراحية البسيطة للمرضى الذين يقصدون المستشفى من مختلف مناطق الولاية»، ليضطر الى جلب جراح مختص في طب النساء والتوليد من مستشفى عزابة لكنه لم يتمكن من الاستمرار في عمله بسبب الضغوط والمضايقات التي تعرض لها من طرف هؤلاء الجراحين».
8 قاعات عمليات مجهّزة وعمل طبي محتشم
وبلغة الأرقام، كشف المدير من خلال التقرير المعد في هذا الاطار بأن نسبة نشاط 12 جراحا بالمستشفى لا تتجاوز 1.6 تدخل في اليوم بمعدل 3 عمليات لكل جراح في الشهر، رغم أن المستشفى يتوفر على 8 قاعات للعمليات و80 عملية جراحية ضمن البرنامج المضبوط من أول جانفي إلى الرابع من شهر مارس من السنة الماضية، في حين أن العيادة الخاصة التي «تستفيد» من تحويل الحوامل أجرت 5129 عملية قيصرية في سنة 2017، وأكّد مدير الصحة حينها «بأن من واجبه السهر على صحة المرضى، ولا أطلب من هؤلاء الجراحين سوى القيام بواجبهم تجاه المرضى والحوامل، وبأن تتم التحويلات إلى مستشفى عنابة مع توقيف التحويلات إلى العيادات الخاصة، وكل جراح يريد العمل مع العيادات الخاصة عليه الاستقالة من المؤسسات العمومية».