المـورد البشـري قـوّة الدفــع للاستثمـار والتجارة

الشباب الإفريقي.. قــوّة الاقتصـاد الصاعــدة

فضيلة بودريش

تجربة ريادة الأعمال بالجزائر.. قاعدة النجاح

 يحتل المورد البشري مكانة هامة في معرض التجارة البينية الإفريقية، باعتباره الطاقة والثروة المحركة لمسارات التنمية والمؤسّسة للمشاريع التنموية المشتركة، بفضل سواعد الشباب وابتكاراته.. شباب يمتد معه المستقبل المشرق، ويعد باقتصاديات مزدهرة وتكامل حقيقي، يفضي إلى بناء استثمارات منتجة والرفع من مستويات التبادل التجاري لتقليص كلفة الاستيراد من خارج القارة.  ومن أبرز ما ستعرضه الجزائر من تجارب ناجحة، نذكر ريادة الأعمال بعد أن شهدت في غضون سنوات قليلة، تطورا ونموا كبيرين، ذلك أن الثروة البشرية هي وقود التنمية الاقتصادية، وهي قوة الدفع الحقيقية لكل المشاريع الناجحة.

ينتظر من معرض الجزائر للتجارة البينية في طبعته الرابعة، أن يكون قاعدة انطلاق صلبة للتكامل الإفريقي، ووجهة موثوقة للفرص الثمينة، بمشاركة قياسية للضيوف والشركات والمستثمرين، وكذا الشباب المبتكر من رواد الأعمال ومن أصحاب الشركات والطامحين للظفر بفرص تبادل الخبرات والانفتاح على عالم التجارة والاقتصاد.
وتمنح طبعة الجزائر للمعرض كثيرا من الفرص، وتفتح الفضاءات أمام الجميع، لا تدخر جهدا في دعم الشباب الإفريقي، على خلفية أنه يرمي إلى تكامل حتمي، اقتصادي وتجاري، وتحويل الثروة إلى ثورة تنموية، في وقت صارت التكتلات ضرورة قصوى في العالم، وتفرض معادلتها الجديدة بشدة لبناء الشراكات واختراق الأسواق الخارجية.

موعـد استثنائـــي

 الجزائر المنتصرة.. منظمة معرض التجارة البينية الإفريقية، تمضي قدما في جعل الشباب المحرك النابض لاقتصادها، واستحداث منصة واعدة للشباب الأفريقي، تتقاطع من خلالها أفكار المشاريع الرائدة من أجل تشجيعهم على تطويرها، وبناء مؤسساتهم المصغرة للإسهام في استحداث مناصب الشغل في بلدانهم، بما يتيح لهم المساهمة في التخفيف من البطالة، فالجزائر -بدفاعها الصارم عن حرية القرار الإفريقي واستقلاليته -  تواصل سعيها من خلال هذا الموعد الاستثنائي لرسم معالم التكامل الإفريقي، وذلك بعرض تجربتها المهمة في تعزيز المورد البشري وتشجيع خريجي الجامعات على الابتكار، والدفع بكثير من المشاركين وغير المشاركين، إلى بناء مشاريع اقتصادية يتلقون فيها الدعم خلال مذكرة التخرّج والاستفادة من مرافقة ودعم بفضل حاضنات الأعمال المفتوحة على مستوى الجامعات، وهذا ما يمكن للمشاركين من دول القارة الواحدة الاستفادة من مزاياه.
وفي ضوء التحضيرات المتقدمة للحدث الاستراتيجي الذي تفصلنا أيام معدودة، تم تخصيص حيز واسع من أجنحة المعرض لفائدة رواد الأعمال الشباب من المبدعين الأفارقة في مجال الشركات الناشئة، إلى جانب فضاءات خاصة لفائدة الطلبة الجامعيين والباحثين على حد سواء، للتواجد في قلب هذا الموعد الاقتصادي والتجاري الهام، بهدف الظفر بفرص متنوّعة ستغير من مسار الشباب الإفريقي، ومن مستقبل بلدانهم الطامحة إلى مستقبل يضمن التنمية والاستقرار.
وتركز الجزائر  في نظرتها الاستشرافية على أهمية مشاركة الشباب، فالمستقبل الزاهر يكمن في الاستثمار في المورد البشري، وإشراكه بقوة في مضامير التنمية، ومنحه الثقة والدعم لرفع رهان تعزيز الاندماج الاقتصادي للقارة السمراء، من خلال فتح القنوات وتوفير الفرص الحقيقية، بما يسمح بتبادل الخبرات والتعاون في إرساء المشاريع الاستثمارية والتجارية.

تنويع الفُرص وتثمين المبادرات

ما زال يُنظر بحماس واهتمام إلى الدور الحيوي للشباب في جذب الاستثمارات إلى القارة الإفريقية، من خلال طرح أفكار مبتكرة قادرة على إقناع المستثمرين، وتأسيس شراكات اقتصادية تستجيب لحاجيات السوق في مختلف البلدان الإفريقية، ويحتل معرض التجارة البينية الإفريقية، في طبعته المقررة بالجزائر، مكانة محورية في هذا التوجه، حيث يضع في صلب أجندته مجالات الاستثمار والتجارة، وتنويع الفرص، وتثمين المبادرات، وبناء الشراكات وإبرام عقود ذات أبعاد تنموية وتجارية.
وتتطلب هذه الرؤية تعزيز قنوات التواصل والتعاون المشترك بما يلبي تطلعات جميع الأطراف ويخدم مصالحها المتبادلة، ومن المنتظر أن تتيح العقود المبرمة فرصًا لتقاسم الأرباح والمنافع، ونقل الخبرات والتجارب الناجحة في قطاعات متعددة، سواء الصناعية أو الفلاحية أو التكنولوجية، إلى دول القارة، بعيدًا عن الشروط المجحفة والأعباء المالية الباهظة.لقد عملت الجزائر المنتصرة على تعبيد الطريق أمام الشباب من أجل ولوج بيئة أكثر مرونة لريادة الأعمال، واستثمار طموحاتهم وروحهم الابتكارية في بناء مشاريع منتجة قادرة على التطور، بما يضيف قيمة تكنولوجية إلى المنظومة الاقتصادية الوطنية، وتُعد تجربة الجزائر في دعم ريادة الأعمال قاعدة حقيقية لخلق فرص جديدة وتعزيز الاندماج الاقتصادي، إذ يبقى الشباب ركيزة أساسية في بناء اقتصادات مرنة ومستدامة، فهو يمثل قوّة ابتكار ورافعة للنمو، خصوصًا في الاقتصادات الناشئة والطامحة إلى الإقلاع.
وتشير آخر إحصائيات منظمة العمل الدولية إلى أن ريادة الأعمال تساهم بما لا يقل عن 60 بالمائة من الوظائف الجديدة في الأسواق الناشئة، كما تُمثل أداة فعالة للحد من البطالة، إضافة إلى دورها الجوهري في خلق الثروة.
وإذا كان الاستثمار يتدفق حيث يوجد الابتكار، فإن الشباب المبدع يظل القوّة الحية القادرة على تفجير الأفكار الجديدة، ويبرز ذلك بوضوح في القارة الإفريقية، التي تزخر بثروة بشرية وموارد طبيعية نفيسة، فعدد الشباب الإفريقي يقدر بنحو 226 مليون نسمة، أي ما يمثل 19 بالمائة من سكان العالم، مع توقعات بارتفاع هذه النسبة إلى 42 بالمائة بحلول 2030، وهو ما يمنح القارة ميزة ديموغرافية استثنائية، إذ تبقى تركيبتها السكانية الأصغر عالميًا، بما يعزز حظوظها في بناء مستقبل أفضل.

الشباب وجها لوجه مع المموّلين والأسواق

ترصد فضاءات معرض التجارة البينية الإفريقية، العديد من الفرص الواعدة، حيث تقرر تنظيم سلسلة من الورشات التدريبية الموجهة لتطوير مهارات الشباب في مجالات حيوية، مثل ريادة الأعمال، والتسويق الرقمي، وتحويل الأفكار إلى مشاريع اقتصادية ملموسة.
ويتيح هذا المحفل للقارة الإفريقية، فضاءً غنياً لتبادل الأفكار وصقلها وتطويرها، إلى جانب عرض مشاريع مبتكرة والبحث عن مصادر تمويل مناسبة، كما يشكّل جسراً يربط الشباب بالمستثمرين الكبار، والمؤسسات التمويلية، والمسؤولين الحكوميين، ما يمنحهم فرصة مباشرة لعرض منتجاتهم وتوسيع مشاريعهم نحو أسواق جديدة.
ومن خلال مشاركتهم الفاعلة، سيكون الشباب الجزائري والإفريقي أمام تحدٍ مباشر مع السوق والممولين، عبر عروض ابتكارية تحمل قيمة مضافة للتنمية الاقتصادية، وتجسد روح المبادرة والقدرة على المنافسة في بيئة تتطلب الجرأة والإبداع.
ولقد تضاعف دور الجزائر في دعم القارة الإفريقية، من خلال إسهاماتها المتواصلة في مجال تمكين الشباب، ومد شبكات البنى التحتية، وتشجيع التعاون والتبادل عبر مختلف الفعاليات والملتقيات الاقتصادية، كما عملت على توفير مزايا وتسهيلات تعزّز روح المبادرة، وجعلت من حضور الشباب في قلب معرض التجارة البينية الإفريقية أولوية أساسية.وتركز الجزائر، من خلال هذا التوجه، على تعميق العلاقات التجارية والاقتصادية بين دول القارة، وبناء شراكات متوازنة تجسد طموح التكامل الإفريقي وتفتح آفاقاً أرحب للازدهار المشترك.
مع اقتراب موعد افتتاح المعرض البيني الإفريقي بقصر المعارض بالجزائر العاصمة، كثفت الجزائر جهودها، ووفرت كل الإمكانات لضمان نجاح هذا الحدث، بما يفضي إلى مكاسب تعزز التعاون المشترك، وتفتح آفاقاً واعدة للاستثمار والتجارة البينية، ويُعد المورد البشري، وفي مقدّمته فئة الشباب، الركيزة الأساسية التي تراهن عليها الجزائر في هذا المسعى، باعتبارها قوّة اقتصادية صاعدة قادرة على المساهمة في بناء مستقبل أكثر استقراراً ورفاهية.
ويحظى هذا الحدث الإقليمي الكبير باهتمام واسع من قبل دول أجنبية عديدة، لما تمثله القارة الإفريقية من سوق واعدة وفضاء استثماري ضخم ما زال يجذب أنظار العالم.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19852

العدد 19852

الإثنين 18 أوث 2025
العدد 19851

العدد 19851

الأحد 17 أوث 2025
العدد 19850

العدد 19850

السبت 16 أوث 2025
العدد 19849

العدد 19849

الخميس 14 أوث 2025