تجتمع الحكومة مع الاتحاد العام للعمال الجزائريين وأرباب العمل، في لقاء الثلاثية، لبحث عديد القضايا والاقتراحات الكفيلة بتطوير الاقتصاد الوطني وبعث الاستثمار، ويشكل الموعد فرصة سانحة لوضع إستراتيجية واضحة المعالم لتوجيه مخططات التنمية خلال المرحلة المقبلة. يراهن الجهاز التنفيذي على نجاح لقاء الثلاثية، الذي وصفه الوزير الأول عبد المالك سلال، بالمناسبة الهامة واللقاء الكبير، وسيغلب عليه هذه المرة الطابع الاقتصادي المحض، بتوصية من رئيس الجمهورية، لمواكبة الحركية التنموية التي بدأت تتجلى نتائجها مع نهاية المخطط الخماسي الحالي، خاصة ما تعلق بمشاريع البنى التحتية وارتفاع الدخل الفردي، والنشاط الذي عرفه قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ويدرك الأطراف الثلاثة، أن التحدي الاقتصادي للبلاد خلال الفترة المقبلة يكمن في بناء مؤسسات منتجة قادرة على امتصاص البطالة ولو بنسبة مؤقتة، مع معالجة نهائية لمشاكل العمال في مختلف القطاعات الحساسة لإنهاء الاضطرابات التي عكرت حياة المواطنين، على غرار الصحة والتربية. ويعتبر توفير الإنتاج وخلق القيمة المضافة وتخفيض فاتورة الاستيراد التي بلغت مستويات قياسية، مسؤولية تستدعي تجنيد مؤسسات مهيكلة ومؤهلة، وأثبتت التجربة القصيرة أن المشاريع المصغرة للشباب لن تؤدي مساهمة معتبرة في هذا الجانب، وإنما تعتبر عناصرا مساعدة في إستراتيجية تقوم على الأقطاب الصناعية الكبرى، ويعد استرجاع الدولة لمركب الحجار خطوة هامة لإعادة صناعة الحديد والصلب إلى الواجهة وتحقيق الاستقرار الاجتماعي للمركب. وعليه فإن فرصة التقييم والتقرير، التي ستجمع ممثلي الحكومة والشريك الاجتماعي وأرباب العمل، ستسمح بوضع الأصبع على أسباب عدم تجسيد مقترحات اللقاء الأخير سنة 2011، وفشل بعض السياسات الخاصة بالتشغيل في تلبية الطلب المتزايد على سوق العمل، والتصاعد المخيف لقيمة الواردات من سنة إلى أخرى، رغم الوعود المقدمة، واعترف الوزير الأول بهذا الفشل في أكثر من منبر وقال « منذ 1962 ونحن نتحدث عن اقتصاد بديل للمحروقات ولازلنا نعتمد على مداخيل البترول والغاز، والبلاد التي لا تملك فلاحة وصناعة لن تذهب بعيدا»، بل تحدث سلال عن الأخطر من ذلك عندما أشار أنه «في حالة انهيار أسعار النفط سنجد أنفسنا في نفس الظروف الصعبة لسنوات التسعينات.» أما تشجيع الاستثمار الأجنبي والوطني، فيرتبط باتخاذ إجراءات تحفيزية، ويحتاج الشباب أصحاب المشاريع، إلى توجيه ومتابعة مستمرة، وتحسيسهم باقتحام قطاع الفلاحة الذي يعرف نزيفا بعد اختيار المنتسبين له مجالات أخرى غلب عليها الطابع الاستهلاكي. وحتى وإن كانت أرقام صندوق النقد الدولي عن البطالة مطمئنة، بعدما قدرتها هذه السنة بـ 9.7 بالمائة وتتوقع وصولها 9.3 السنة المقبلة، إلا أن الآليات الخلاقة لمناصب الشغل ليست دائمة، والإدارة غير قادرة على استقطاب المزيد، فلابد أن ينصب التفكير على إدارة عجلة اقتصادية تدر الإنتاج وتفور العمل. ومن المتوقع أن ينبثق عن الاجتماع، اتفاق بإنشاء شركات مختلطة، عمومية وخاصة، وأجنبية ووطنية، إلى جانب توصيات يستند نجاحها على مدى تطبيقها في الميدان، وقد سبق وحملت الباترونا عدم تحقيق الاجتماع السابق أهدافه لعدم الأخذ بالمقترحات ودعا أمينها نايت عبد العزيز إلى التقييم الشامل.