أجمع المشاركون في اليوم الدراسي حول العملية التشريعية ونظام التعديلات المنظم أمس، بإقامة الميثاق، على ضرورة تقليل قيود السلطة التنفيذية على البرلمان مع الأخذ بعين الاعتبار تعديل الدستور لتوسيع صلاحيات السلطة التشريعية في مجال التشريع والتعديلات ومنح حرية وصلاحيات أوسع في سياق التطورات والممارسة الديمقراطية والعمل بمبدأ الفصل بين السلطات. وربط الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان محمود خوذري، في مداخلة له بالمناسبة مسألة التشريع بالسيادة الوطنية والممارسة الديمقراطية والتي تمارسها السلطة التنفيذية والتشريعية استنادا للقوانين والدستور السائد. وقال خذري أن «التعاون مع الجامعات والخبراء من شأنه أن يوصلنا إلى تشريعات محينة وتراعي مختلف التطورات وهو ما يسمح بتعزيز دولة القانون ويقوي الحكم الراشد وينشأ دولة المؤسسات مثمنا تجربة الجزائر في هذا المجال خاصة منذ زمن التعددية». الجهاز التنفيذي تضعف أداء البرلمان وقال الأستاذ مسعود شيهوب من جامعة قسنطينة أن السلطة التنفيذية من خلال الحكومة تهمين على عملية المبادرة بالتشريع بالنظر للإمكانيات الضخمة التي تملكها والترسانة الكبيرة من المستشارين التي ترجح كفتها في المبادرة، كما أنها تملك بنوك من المعلومات كافية وشاملة لإعداد نصوص في المستوى، مضيفا أن هذه الظاهرة لا تقتصر على الجزائر فقط وإنما تشمل حتى فرنسا التي سجلت في بعض الأوقات إصدار 458 قانون 60 منها فقط من الجمعية التأسيسية ـ البرلمان الفرنسي ـ . وأضاف نفس المصدر أنه من حسن حظ البرلمانات امتلاك حق التعديل وهو ما يعتبر تداركا للضعف أمام السلطة التنفيذية داعيا إلى ضرورة التقليل من قيود التشريع على السلطة التشريعية من خلال مراجعة الدستور الذي يضع الكثير من القيود مثلما هو وارد في المادة 122 و123 التي تحدد 30 مجالا بإمكان المجلس الشعبي الوطني المبادرة بالتشريع فيها، ومنه يجب توسيع تلك المجالات لمنح حرية أكثر للنواب. كما تساءل شيهوب عن إلزامية توفر 20 نائبا لقبول مبادرة تشريعية حيث يجب الأخذ بعين الاعتبار قيمة المبادرة بدلا من التركيز على عدد المبادرين، وأشار إلى أهمية منح مجلس الأمة صلاحيات المبادرة بالتشريع والتعديل وعدم جعله منصة فقط للمناقشة والمصادقة. خلق توازن بين السلطات ضرورة لتشريع في المستوى ويبقى خلق توازن بين السلطات والابتعاد على دوائر فرض القيود أحسن وسيلة للوصول إلى قوانين في المستوى تراعي التحولات وتستجيب لانشغالات المواطن الذي يبقى ضحية ما يحدث طالما أنه يمنح ثقته لنواب يمثلونه دون صلاحيات واسعة وهو ما يجعل البرلمان دائما في موقع ضعف ومحل اتهامات كثيرة. ودعا الأستاذ لمين شريط عضو مجلس الأمة إلى استغلال مبادرة تعديل الدستور لإحداث توازن في الصلاحيات وتعزيز السلطة التشريعية بمجالات أوسع للوصول إلى قوة اقتراح في مستوى تطلعات وانشغالات المواطن والدولة. واقترح بالمقابل منح مجلس الأمة صلاحيات أوسع في مجال التشريع حيث تساءل عن سر حرمانه من المبادرة في اقتراح مشاريع قوانين وتقديم تعديلات عكس المجلس الشعبي الوطني الذي يبقى أكثر مناورة من الغرفة الأولى. وطالب في محاضرته حول «حق التعديل في القوانين» إلى مراجعة القانون الذي ينظم العلاقة بين الحكومة والبرلمان من خلال إضفاء توازن أكبر وعدم ترك الهيمنة في يد السلطة التنفيذية. ونبه إلى أهمية توفير الإمكانيات لنواب الشعب لتقديم مشاريع قوانين في المستوى، وهذا من خلال توفير المستشارين وخبراء القانون ومختلف المجالات حتى تكون المقترحات في المستوى وعدم جعل النواب ينتظرون المناقشة لتقديم تعديلات. وقال عضو مجلس الأمة أن المبادرات البرلمانية في مجال التشريع تكون أكثر فعالية من مبادرات الحكومة في الكثير من الأحيان خاصة من خلال إمكانية الوصول إلى تطبيقها في آجال قياسية بالمقارنة مع الإجراءات التي تمر عليها الحكومة التي تنتظر مجلس الوزراء ثم تحيلها على مكتب المجلس الشعبي الوطني الذي بدوره يحيلها على اللجنة المختصة وبعد 60 يوما تبرمج للمناقشة والتعديل والمصادقة. ويأتي هذا اليوم الدراسي في ظرف تمر فيه الجزائر بتحولات وطنية هامة من شأنه أن يكون مقترحا لتوسيع مشاريع الإصلاحات من خلال خلق توازن بين السلطات وتكثيف التنسيق فيما بينهم من أجل الوصول إلى منظومة تشريعية متكاملة وقوية تعزز الممارسة الديمقراطية وتحل مشاكل المواطن ومختلف الفاعلين بهدوء.