مشهد اصطحاب الأولياء أبناءهم إلى المدارس يتكرر كل سنة

أجواء استثنائية طبعتها فرحة العودة

سعاد بوعبوش

كان أمس، التلاميذ على موعد مع المدرسة مجددا بعد العطلة الصيفية، وكذلك الأولياء الذين حرصوا على مرافقتهم الى الموعد المحدد على الساعة الثامنة صباحا، ورغم أنه تم تحديد هذا التوقيت لتلاميذ السنتين الأولى والثانية فقط، إلا أن تلاميذ السنوات الثالثة والرابعة والخامسة المبرمجين بين الواحدة والثالثة زوالا كانوا حاضرين بدورهم لعدم علمهم المسبق بالتوقيت.

أجواء غير عادية عاشتها المدارس، أمس، أرجعت لها الحركية التي توقفت بدخول التلاميذ في عطلة، أطفال يرتدون أجمل ما لديهم من ملابس، أولياء فرحون بعودة أطفالهم الى مقاعد الدراسة، وبالنسبة للبعض التحاقهم للمرة الأولى، ميزت الدخول المدرسي للموسم ٢٠١٣ / ٢٠١٤.
إذا كان للدخول المدرسي نكهة خاصة بالنسبة للتلاميذ لا سيما الجدد، فرحة منهم بالألبسة الجديدة والأدوات المدرسية والجو الجديد الذي لم يعيشوه من قبل، فقد بدأت معاناة الصراع مع عامل الوقت بالنسبة للأولياء خاصة الأمهات منهم، في مرافقة أبنائهم نحو مؤسساتهم التربوية، هذه المعاناة التي رصدتها «الشعب» بمختلف مدارس العاصمة.
عرفت مختلف المدارس بأحياء العاصمة إقبالا كبيرا من الأولياء الذين رافقوا أبناءهم في أول احتكاك لهم مع العالم الخارجي بعيدا عن حضن العائلة حتى يكونوا معهم في أول خطوة لهم بكل ثقة وثبات قد تنعكس آثارها على شخصية الطفل مستقبلا، لكن في المقابل تحولت هذه الظاهرة مع الوقت الى عادة ترسخت لدى الجزائريين ومشكلا عويصا بالنسبة للأولياء لاسيما الموظفين منهم.
ويرجع انتشار ظاهرة مرافقة الأولياء لأبنائهم الى مدارسهم الى عدم تقبل بعض الأطفال الانسلاخ عن حضن أمهاتهم وجو العائلة، ما يصعب عليهم التأقلم مع الجو الجماعي الذي تتسم به المدارس،  بالإضافة الى سبب آخر جعل من تعلم الأبناء مشكلا يؤرق الأولياء والمتمثل في تنامي ظاهرة الإجرام والاختطاف الممارس ضد البراءة في السنوات الأخيرة.
ويبدو أن اصطحاب الأبناء الى المدارس بدأ يتحول الى كابوس حقيقي للآباء والأمهات، نظرا لعدم ثقتهم بالمجتمع الذي بدأ يفرز ظواهرا وآفات اجتماعية لم تكن معروفة من قبل، وذلك بسبب انحلال السلوك الاجتماعي وانسلاخه من مبادئ   وأخلاق المجتمع الجزائري، حيث لم تمنع براءة الاطفال الشباب المنحرف وذوي النفوس المريضة من التحرش بالأطفال والاعتداء عليهم  والتنكيل بجثثهم في حالات الاختطاف.
يضاف الى ذلك التخوف من حوادث المرور خاصة وأن هناك الكثير من المدارس التي تقع على قارعة الطريق، فرغم اطلاق وزارة التضامن لمبادرة تشغيل بعض الشباب في إطار عقود ما قبل التشغيل ليساعد التلاميذ على قطع الطريق، إلا أن المبادرة لم تنجح ففي كثير من الأحيان يتسبب ارهاب الطرقات في خطف أرواح بريئة في عز عمر الزهور.
وفي هذا الإطار، أكدت ''آمال'' أم التلميذ ''مغراوي أيمن'' أنها لا تثق في أحد ولا تستأمن على فلذة كبدها أي شخص ماعدا أخواله وجديه، مشيرة الى أنها في ظل غياب والده، فهي تلعب دور الأم و الأب مع أبنائها سواء في تربية أبنائها أو مرافقتهم الى مدرسته «ابتدائية ابن رشيق» بحي ٠٨ ماي ٤٥ بباب الزوار التي تبعد عن المنزل مدة ربع ساعة.
وإذا كان الأمر سهلا بالنسبة للأمهات الماكثات بالبيت، فإن الأمر يزداد صعوبة للعاملات والموظفات التي تعانين ضغطا نفسيا كبيرا، لاسيما إن لم يجدوا من يقوم بإعادة أبنائهم الى المنزل إذا انعدم وجود الأهل والأقارب في ظل عدم تماشي وقت الدراسة مع أوقات العمل، فيبدأون في رحلة البحث عمن يحوز على ثقتهم ليستأمنوه على فلذات أكبادهم، وقد يكلف الأمر فاتورة و مصاريف أخرى، بحيث تلجأ الكثير من الأمهات الى استخدام المربيات لاستقدام أبنائهم وابقائهم لديها لحين انتهاء دوامها.
من جهة أخرى، طرح بعض الأولياء انشغالات أخرى تعدت مرافقتهم لأبنائهم، حيث أبدوا حيرتهم حول مدى قدرة أبنائهم على استيعاب البرامج المسطرة خاصة السنة أولى ابتدائي في ظل التغييرات التي طرأت على الكتاب المدرسي في اطار«الإصلاح»، خاصة وأن هناك بعض التلاميذ الذين أعادوا السنة، وهناك من لم يدرس في القسم التحضيري، ما يجعل فرص الاستيعاب تتراوح بين تلميذ وآخر.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024