سلال في توجيهات لمسؤولي ولاية النعامة:

رؤساء البلديات مطالبون بالتحكم في الجباية

زهراء.ب

لم تخل زيارة الوزير الأول، عبد المالك سلال، إلى ولاية النعامة، من تعليمات وتوجيهات صارمة لتدارك التأخر المسجل في المشاريع التنموية المسجلة بعاصمة الأطلس الصحراوي، ففي الوقت الذي رصدت فيه الدولة أغلفة مالية ضخمة لتجسيد مشاريع تخصّ مختلف القطاعات، سيما تلك الخاصة بقطاع السكن، الأشغال العمومية، المياه ممن لها علاقة بتحسين معيشة المواطن، لم تتحرك آلة السلطات المحلية لمرافقة جهود الدولة، حيث بدت الولاية ''غارقة'' في تأخر فادح في إنجاز مختلف المشاريع، ما أثار استياء مواطني المنطقة وجعلهم يرفعون طلبات بتدخل السلطات العليا للبلاد لتسريع وتيرة المشاريع وتسليم تلك التي تمّ الانتهاء من إنجازها.

أعطى المسؤولون المحليين لولاية النعامة في بداية الزيارة، صورة طيبة على مواطني الولاية إلى درجة أن البعض وصفهم بـ''الأكثر هدوء ومسالمة''، فلم يظهر لهم أي أثر في نقاط المدرجة في جدول الزيارة، إلا باستثناء القلة مما دفعهم الفضول إلى ترقب الموكب الوزاري، لدى توقفه وسط مدينة المشرية، حيث تمّ معاينة سوق جواري مغطاة تمّ إنجازه ووضعه تحت تصرف ٤٠ شابا من المنطقة لممارسة مهنة التجارة بطريقة قانونية، حيث ظهروا بعيدا مصطفين من وراء السياج الحديدي يتابعون تحرك الوفد الوزاري، غير أن هذه الصورة سرعان ما تغيرت من النقيض إلى النقيض حينما حل الوزير الأول بعين الصفراء التي تبعد عن مقر الولاية بـ١٠٠ كلم، حيث اغتنم مواطنو المنطقة وأكثرهم من الشباب فرصة تدشين قاعة متعددة للرياضات لرفع عدة طلبات للوزير الأول ومناشدته بالتدخل العاجل لإنهاء ما أسموه بـ''الحقرة'' و''البيروقراطية'' في توزيع السكنات وتوفير مناصب عمل.
وارتفع صوت الكثير منهم ''لإسماع'' الوزير الأول معاناة ـ قال البعض ـ  طال أمدها، وحاول سلال الاستماع إلى أكبر عدد منهم بالتقرب من السياج الحديدي، ومحادثتهم لمعرفة انشغالاتهم عن قرب، خاصة بعد أن ظهر له أن التنمية تسير بطريقة ''محتشمة'' جدا بهذه الولاية الغنية بالثروات الطبيعية والموارد البشرية، فحتى وإن صمت المواطنون فإن الطرقات والأحياء كانت تنطق لوحدها، حفر منتشرة في كل مكان، وسكنات غير مكتملة شوهت الوجه العام للمدينة السهبية، باستثناء الأحياء الكبرى الواقعة في قلب المدن، حيث ظهر النمط المعماري الحديث يزين واجهاتها.

أكثر من ١٠ آلاف سكن اجتماعي لم ينطلق إنجازها بعد

لم ينتظر الوزير الأول كثيرا، لتتجلى له حقيقة الغضب الشعبي من السلطات المحلية، فالمشاريع السكنية التي خصصتها الدولة للمنطقة لم تنطلق أشغالها بعد، وقد أحصى وجود ١٠ آلاف و٢١٨ وحدة سكنية اجتماعية لم تنطلق بعد، في حين لم توزع ٨ آلاف وحدة سكنية ريفية على المستفيدين منها إلى غاية اليوم، وهو ما جعل سلال يتأسف لهذا الوضع، ويتراجع عن منح برنامج إضافي لهذه الولاية في قطاع السكن، ما دام أنه لم يتم الانتهاء من البرنامج القديم وهو شرط سبق للحكومة اشتراطه على كل الولايات إذا ما رغبت في الحصول على برامج ومشاريع جديدة.
ولم ينحصر المشكل في التأخر في الإنجاز فقط، حيث ظهر للعيان أن المشاريع السكنية التي أنجزت لم تراع خصوصيات المنطقة، وظهرت المباني ''دون روح'' بسبب عدم اعتماد أي نمط معماري خاص يميّزها عن غيرها من السكنات، وقد حمّل الوزير الأول ''فوضى العمران'' إلى مكاتب الدراسات والمهندسين المعماريين المحليين الذين يتعين عليهم المشاركة في إلباس المدن الجديدة ''هوية المنطقة''، وكذا المسؤوليين المحليين المطالبين بالتنسيق مع المستفيدين لتوضيح الرؤى حول المرافق العمومية الممكن إدراجها داخل الأحياء السكنية، فالسكن ''مرآة'' المجتمع ـ كما قال ـ سلال، ويتعين بذل الجهود لتحسينه وتطويره.

نقص الأطباء المختصين.. مشكل يؤرق المرضى والمسؤولين

قطاع الصحة بالولاية، يعاني هو الآخر ليس من نقص الهياكل والتجهيزات، بل من نقص الموارد البشرية فالمنطقة تتوفر على ٣ مؤسسات إستشفائية موزعة على كل من النعامة، عين الصفراء والمشرية، سيتم تدعيمها بمستشفى جديد بهذه الأخيرة يتسع لـ١٢٠ سرير، رصدت له الدولة مبلغ ٣٠٠ مليون دينار جزائري لتجهيزه، غير أن نقص الأطباء المختصين يبقى النقطة السوداء، إذ من مجموع ٢٤ طبيبا مختصا وجهته وزارة الصحة للعمل بالولاية، لم يلتحق سوى ٤ أطباء بمناصب عملهم.
وقد اعتبر الوزير الأول، وهو يخاطب ممثلي المجتمع المدني على هامش زيارته للمنطقة، أنه من غير المقبول ''أن يتم تكوين جزائريين'' ويرفضون الالتحاق بمناصب عمل في الجنوب أو في ولايات الهضاب العليا عندما تحتاج إليهم، مشددا على ضرورة زوال مثل هذه ''الذهنيات''، كما وعد بتدارك النقص في عدد الأطباء المختصين بجلبهم من كوبا ''إذا لزم الأمر''.
في حين أرجع عدم تشغيل جهاز السكانير بمستشفى المدينة، إلى غياب من يسيّره وليس بسبب ''عدم توفره'' مثلما راج وسط سكان المنطقة، أمرا بتخصيص سيارات إسعاف لكل المستشفيات فلا يعقل ـ كما قال ـ أن يستمر نقل المرضى في الشاحنات، فهذا ''أمر غير مقبول''.
ووعد الوزير الأول سكان الولاية بإعادة النظر في توقيت الرحلات الجوية المبرمجة أسبوعيا باتجاه العاصمة ووجهات أخرى، بعد أن اشتكى الكثير منهم من قلة الرحلات الجوية، حيث تبرمج رحلة في الأسبوع وهو ما بات يؤثّر على تنقل المرضى للعلاج، غير أنه طالب بعدم الضغط أكثر على شركة الخطوط الجوية الجزائرية لتخفيض أسعار التذاكر حتى لا تتعرض للإفلاس.

منطقتين صناعيتين جديدتين لتشجيع الإستثمار  

لطالما ساد الاعتقاد أن التشغيل بالنعامة ـ هذه الولاية الرعوية السهبية ـ منحصر في القطاع الفلاحي فقط، ولا يمكن أن يتعداه إلى القطاعات الأخرى بسبب قلة عروض العمل التي توفّرها، وقد رأت الحكومة أنه يمكن توفير فرص عمل أخرى للشباب خارج هذا القطاع، حيث سارعت إلى دعم إنشاء منطقتين صناعيتين جديدتين بالولاية، وتوسيع المنطقة القديمة وقد رصدت غلاف مالي يقدر بـ٥٠٠ مليون دينار لدراسة وإنجاز المنطقتين الصناعيتين في خطوة منها لدعم الاستثمار المنتج في هذه الولاية وخلق أكبر عدد من مناصب الشغل لشباب المنطقة.
وشدّد سلال على تسهيل الاستثمار في الولاية، وانخراط المستثمرين الخواص في هذا المسعى لأنه ''لا يمكن للدولة أن تستثمر في المشاريع الصغيرة'' على غرار تلك التي يوفرها قطاع السياحة، أو المحجرات.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024