تعرف عاصمة الشرق الجزائري في الآونة الأخيرة انطلاق انجازات ضخمة ستغير من الوجه العام للمدينة التي عاشت التهميش لسنوات مضت، قسنطينة اليوم، هي سيرتا المشاريع والانجازات الإستراتيجية، هي عاصمة الشرق بلا منازع ستفتح مع مطلع سنة ٢٠١٥ أبوابها لاحتضان تظاهرة ثقافية عربية، فبدءا من مشاريع في طريقها للتجسيد وأخرى للتسليم نجد مشروع الجسر العملاق الذي يجري إنجازه بقلب مدينة قسنطينة والذي سيتم استلامه في غضون السداسي الأول من السنة المقبلة يعتبر بمثابة «الأعجوبة الثامنة» لعاصمة الشرق الجزائري ومدينة الجسور المعلقة. هذا ما أكده أكثر من متحدث لـ«الشعب» بعين المكان.
ويشكل هذا الإنجاز الفني بدون منازع أضخم وأهم إنجاز يتم تحقيقه منذ الاستقلال في مدينة الصخر العتيق حيث يمتد على طول ١١٩ . ١ متر ومن شأنه حتما تغيير الملامح العمرانية للمدينة بالنظر لشكل تصميمه المستقبلي مما سيسمح للمدينة باسترجاع هالتها المفقودة واكتساب مكانتها شيئا فشيئا كعاصمة الشرق الجزائري.
صمم الجسر العملاق ليشكل ملتقى بين وادي الرمال وساحة «هيئة الأمم المتحدة» بوسط المدينة والأعالي الشمالية المحيطة بها، المشروع الضخم الذي أثار الكثير من الشكوك لحظة الإعلان عنه أصبح اليوم حقيقة جلية تتضح معالمها مع التقدم في نسبة أشغاله والتي وصلت حسب القائمين على المشروع إلى ٦٦٪.
تحفة فنية... زادها جمال المدينة تميزا وانفرادا
التحفة الفنية تزامنت مع احتفالات خمسينية استرجاع السيادة الوطنية التي تتضح معالمه من مفترق الطرق بساحة «هيئة الأمم المتحدة» المحاذية لفندق «طرانزانتلاتيك» ليعلو حي (باردو) مائلا ومتخطيا طريق باتنة غير البعيد عن جسر«سيدي راشد» الذائع الصيت قبل أن يتصل بعدها بالمسلك الغابي وأعالي حي «المنصورة» على طريق طولي بـ٣ كلم ويشكل متنفسا حيويا للمدينة المختنقة جراء الحركة المرورية غير المحتملة.
وبلغت نسبة إنجاز الطرق التابعة للجسر العملاق نسبة ٤٥ بالمائة ذلك حسب مسؤولي الشركة البرازيلية «أندراد غيتراز» المكلفة بإنجاز هذا المشروع الذي يسمح بالولوج إلى الجهة الجنوبية للمدينة بما في ذلك حي «ساقية سيدي يوسف» الكبير وامتدادات سكنية نحو أحياء كل من جبل الوحش والزيادية والدقسي وواد الحد، استعملت في انجازه تقنيات جد متطورة للتحكم في ظاهرة الانزلاقات الترابية لتمكين الشركة من إنجاز هذا المشروع المقام على أرضية جد صعبة.
أما فيما يخص أشغال إنجاز هذه المنشأة الفنية، فقد تم على أرضية ملائمة غير أن ذلك لم يمنع المؤسسة المكلفة بالإنجاز بحفر أساسات بعمق ٦٠ مترا لوضع الأعمدة القاعدية الثمانية التي سيرتكز عليها هذا الجسر العملاق.
إكمال مسار العملية التنموية
في خمسينية الجزائر
الجسر العملاق ذو الطريق المزدوج يعتبر إثباتا حقيقيا لدرجة وتيرة التنمية في الجزائر بعد مرور ٥٠ سنة من الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية، لتنطلق الأشغال في تجسيده في سبتمبر ٢٠١٠ ليشكل تناغما لا جدال فيه مع نظيره جسر «سيدي راشد» الذي يعلو مدينة الصخور والجسور المعلقة والذي ينفرد بتصميمه الهندسي الفريد عالميا.
لتبلغ على هذا الأساس التكلفة الابتدائية للمشروع مبلغ يقدر بـ١٥ مليار دج لتخضع من جديد للمراجعة ليقفز إلى ٢٩ مليار دينار حسب مديرية الأشغال العمومية التي أوضحت أن هذه المراجعة جاءت للتمكن من إدخال تعديلات وتحسينات على هذا الهيكل الفريد من نوعه في الجزائر، وفي هذا السياق سيدعم هذا المشروع بمحول اجتنابي بطول ٧ كلم ليلتحم بالطريق السيار شرق ـ غرب، وكذا سيتم ربطه بالمطار محمد بوضياف لتسهم هذه القيمة الجمالية العمرانية المضافة في تسهيل عملية التنقل بالمدينة حسبما أكدته مديرية الأشغال العمومية.
ويحتم القدر على سكان مدينة قسنطينة التواصل عبر جسورها المعلقة لذا ليس من العبث إنشاء جسر عملاق يربط أطراف المدينة ويلتحم سكانها فيما بينهم، وحسب تقدير سكان هذه المدينة يذهب البعض الآخر إلى حد الإشادة بهذا المشروع الذي سيغير حتما التسمية الملتصقة بالمدينة إذ ينعتها البعض بمدينة الديكور والزي الموروث، وسيرفع ابتداء من صائفة ٢٠١٣ الجسر العملاق جزءا كبيرا من الحمل الثقيل الذي يعاني منه نظيره جسر «سيدي راشد» ليشاركه ثقل الحركة المرورية ويضفي على المدينة سحرا ورونقا أخاذ لاسيما من المنظر الجوي لتصدق تسميتها بعش الصقر النوميدي.