أبانت زيارة الوزير الأول، عبد المالك سلال، إلى جيجل، عن إرادة سياسية قوية للدولة لتحقيق التنمية والإقلاع الاقتصادي بأبعاده الشاملة، فجل المشاريع الضخمة المعلن عنها في إطار البرنامج التكميلي الخاص بالولاية ذات أهمية إستراتيجية جهوية ووطنية إلى جانب معالجة النقائص ومواجهة المشاكل المحلية، ولم يكن هذا ليتأتى لولا الاستقرار والهدوء الذي تعرفه البلاد رغم الأزمات المتفاقمة على حدودنا.
كانت رسائل الوزير الأول عبد المالك سلال، التي أطلقها من جيجل، واضحة وصريحة، سواء للرأي العام الداخلي أو الدولي وخاصة للمتربصين المتآمرين على أمن الجزائريين، فبلادنا اليوم، وكما قال سلال «لن تأخذ الدروس من أحد» نظرا لتجاربها وخبرتها في التعامل مع مختلف الظروف والمحن التي استطاعت أن تخرج منها لوحدها.
واستطاعت الجزائر أن تضع نفسها على السكة الصحيحة والسير التدريجي بخطى ثابتة للاستجابة إلى تطلعات الشعب، بعد إرساء السلم والأمن باعتبارها العاملين الرئيسين لإنجاح أي تنمية اقتصادية واجتماعية، وتبنت خيار تلبية حاجيات المواطنين وبناء المنشآت القاعدية، وفضلت ذلك على الدخول في أي دوامة لا تعود بالنفع على مواطنيها، وقد أكد الوزير الأول ذلك بقوله «نعرف قيمة الاستقرار، ولن نتدخل في شؤون الغير، وقادرين على التحكم في أمورنا».
وعمد سلال على التشديد أمام ممثلي المجتمع المدني بولاية جيجل، على أن التقدم المسجل كان بفضل الاستقرار. والسبيل الوحيد لتكريسه هو مواصلة العمل على جميع الجبهات المنتجة والخلاقة لثروة بديلة للنفط، وتدارك النقائص للوصول إلى مراتب دول اعتقدت أنها تفوقت علينا في شتى الميادين.
وتحوز بلادنا على كل الامكانيات لحماية أمنها القومي ومصالح شعبها والمكتسبات المحققة، وبينت ذلك من خلال قدرتها على تأمين الشريط الحدودي والشرقي الملتهب، وبرزت للعالم كقوة قادرة على إحداث التوازن في منطقة شمال إفريقيا والساحل الإفريقي، وبينما تجمعت العناصر المؤدية لانهيار دول مجاورة أو وقعوها في فوضى واختلال على الأقل، تكتسب الجزائر من يوم لآخر ما يبقي على ركائزها المتينة، فقد قال عبد المالك سلال «لدينا قوة جهنمية ولن نستخدمها ضد أولادنا» وهذه القوة الجهنمية هي التي أحبطت الاعتداء الإرهابي الدولي بتيڤنتورين، ومنعت تسلل الإرهاب وتهريب السلاح عبر حدودها، ويؤكد هذا النجاح بعدم تسجيل أي اعتداء إرهابي خلال شهر رمضان داخل الوطن.
وفي الوقت الذي تلح القوى الدولية الكبرى عليها لتقحم نفسها في المتغيرات السياسية والأمنية الحاصلة إقليميا ولعب دورها، ومحاولة جهات أخرى دفعها وإقحامها في صراعات بغرض استنزاف قوتها، تمسكت الجزائر بموقفها الثابت بعدم التدخل في شؤون الغير والتعاون الجهوي برفع التنسيق الأمني، وتسخير كل الجهود للتنمية الوطنية فمصلحة المواطن الجزائري هي توفير الشغل والقضاء على أزمة السكن والرقي بقطاع الصحة واسترجاع القاعدة الصناعية لرفع الإنتاج وتهيئة البنى التحتية لاستقبال البرامج الاقتصادية.
وأكد سلال الموقف الثابت من عدم التدخل في شؤون الغير عندما قال «أن دولا كبرى طلبت منا لعب دورنا كقوة جهوية لكن سياستنا واضحة ولدينا كل الإمكانيات لحماية أمننا».
وتركت زيارة المسؤول الأول عن الجهاز التنفيذي ارتياحا كبيرا لدى مواطني ولاية جيجل الذين استبشروا بالمشاريع التي ستفك عنها العزلة بشكل نهائي وتجعلها قطبا اقتصاديا وسياحيا هاما على المستوى الوطني، كما حفزت تصريحاته المتعلقة بحماية الأمن والتصدي لأي خطر محذق، والتركيز على التنمية ودعم الاقتصاد وبينت بوضوح مسار المرحلة الحالية للدولة.