أكد أحسن جاب الله، أستاذ جامعي بالمدرسة العليا للصحافة، على أن البطاقة الوطنية للصحفي المحترف سلمت منذ الاستقلال مرتين، وذلك في إطار العمليات الكبرى، حيث سلمت البطاقة الأولى في جانفي ١٩٧٢، للصحافيين الذين كانوا يؤدون الخدمة العسكرية في مجلة الجيش، لكن هذه التجربة لم تدم طويلا، أضاف الأستاذ الجامعي.
وفي هذه النقطة أبرز أحسن جاب الله من منبر «ضيف الشعب» أمس، قيمة البطاقة الوطنية للصحفي المهني آنذاك والتي كانت تسمح للصحفي بسحب المال من البريد، بحكم أنها أعدت بطريقة مدروسة وكانت تسلمها وزارة الثقافة والإعلام آنذاك.
وأضاف جاب اللّه، أن التجربة الثانية لتسليم هذه البطاقة كانت سنة ١٩٩١، من خلال المجلس الأعلى للإعلام الذي كان يضم لجنة تسمى التنظيم المهني، هذه الأخيرة أحصت ١٨٠٠ صحافي الذين كانوا متواجدين على الساحة الإعلامية آنذاك، مشيرا إلى أن الانتخاب الأول الديمقراطي لمنح البطاقة الوطنية للصحفي المحترف كان بقصر الثقافة.
وفي ذات السياق دائما، أوضح المحاضر أن اللجنة قامت بإعداد نص قانوني استنادا لما جاء في قانون ١٩٩١، لتسليم بطاقة الصحفي المهنية وتنظيم انتخابات تحت إشراف لجنة مستقلة متساوية الأعضاء (تضم ناشرين وصحفيين)، حيث منحت صلاحيات للجنة التنظيم المهني للمجلس الأعلى للإعلام بصفة مؤقتة.
وقال ـ أيضا ـ أحسن جاب الله، أن اللجنة قامت بدراسة قرابة ١٥٠٠ ملف، وسلمت ١٣٢١ بطاقة مهنية للصحفيين الذين استوفى ملفهم الشروط المطلوبة وذلك بتاريخ الـ٣١ ديسمبر ١٩٩١، مبرزا أهمية البطاقة الوطنية للصحفي المحترف بحكم الامتيازات التي تتوفر عليها من ناحية إضفاء صفة الشرعية والحق الدستوري في ممارسة مهامه وبالتالي تسهيل عمله في الخارج والداخل.
وقال ـ أيضا ـ الأستاذ الجامعي، أنه بعد إلغاء المجلس الأعلى للإعلام أصبح هناك فراغ قانوني، مما خلق مشاكلا كبيرة مرتبطة بعدم وجود تنظيمات مهنية بسبب الغليان الذي كان موجودا آنذاك على الساحة الإعلامية، والذي تجلى في إنشاء مؤسسات دون تنظيم وظفت شبابا يفتقدون لقواعد تكوينية، أي ٦٦ بالمائة من المؤسسات الإعلامية الخاصة.
ويرى جاب الله أنه بات لزاما وضروريا تسوية مشكل البطاقة الوطنية للصحفي المحترف، لأن الوضع يسير نحو التعقيد بحكم انتشار المواقع الالكترونية والقنوات الخاصة التي تبث من الخارج، وحسبه فإن قطاع الإعلام أضحى ذو رأسمال مهم وصناعة لها وزن في الاقتصاد، بما في ذلك قطاع الإشهار.
وبالمقابل، تأسف ضيف «الشعب» عن التأخر الذي وصل إليه قطاع الإعلام في الوقت الراهن قائلا «أظن أن المرحلة الأولى يجب أن تكون لتوضيح وتنظيم القطاع على مستوى الأشخاص الذين ينشطون في المجال، بما في ذلك النقابات والناشرين، ومعرفة ما يوجد في الميدان من خلال ضبط مدونة لتعريف الصحفيين.
وأضاف أن الهدف الأساسي من منح البطاقة الوطنية للصحفي المحترف هو تنظيم المهنة، كي لا تكون هناك فوضى في ممارسة المهنة، غير أن المحامية فاطمة الزهراء بن براهم لم توافق جاب الله في هذه المسألة، وحسبها فإن المشروع التمهيدي لتسليم البطاقة المهنية مجرد ذر الرماد في الأعين، مؤكدة أن إنشاء مجلس للصحفيين هو الكفيل بحمايتهم.
ومن جهة أخرى، أشار الأستاذ الجامعي إلى أن الصحفيين عبر العالم يحبذون تنظيم أنفسهم ويرفضون تدخل أطراف أخرى لتنظيمهم. كاشفا في معرض حديثه عن تنظيم لقاءات جهوية للمناقشة في الأيام القادمة من أجل التحضير لانتخابات المهنة الصحفية.
ونشير هنا إلى أن ضيفا «الشعب» استحسنا اللقاء الذي جمعهم بصحفي الجريدة للمناقشة وتقديم اقتراحات بشأن المشروع التمهيدي لمنح البطاقة الوطنية للصحفي المحترف، وقال في هذا الصدد الأستاذ أحسن جاب الله «إنه آمر جيد أن تنظم جريدة عمومية مثل هذه اللقاءات التي تساهم في إثراء النقاش حول هذا النوع من القوانين التي من شأنها معالجة الاختلالات الموجودة على مستوى الساحة الإعلامية».