فاقت الواردات الجزائرية في العشر سنوات الأخيرة ٤٠٠ مليار دولار وهي فاتورة مرتفعة جدا بالمقارنة مع عدد السكان والإمكانيات الاقتصادية الهائلة لبلادنا، وقد دقت الجزائر ناقوس الخطر مع التنامي الفاحش لفاتورة الاستيراد من خلال تسطير إستراتيجية صناعية خارج قطاع المحروقات لتحقيق التوازن والتقليل من التبعية للخارج.
حققت الصناعة الجزائرية قفزة نوعية منذ ١٠ أشهر وتمكنت وزارة الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار من كسر الحواجز والعراقيل التي كانت تفرضها مافيا الاستيراد التي عملت كل ما في وسعها لتكسير الصناعة الوطنية وتبديلها بسلع مستورة تضر أكثر مما تنفع.
وجلبت الجزائر العديد من الشركاء الأجانب الذين يملكون الكفاءات اللازمة والتكنولوجيات اللازمة لتدارك التأخر ومسايرة التحولات الاقتصادية والتجارية العالمية.
وعقدت الجزائر شراكة مع الاسبان في مجال الصناعات الورقية من خلال تنشيط مصنع «تونيك» ببواسماعيل الذي من المنتظر أن يستأنف نشاطه التصديري نحو دول الجوار وتفعيل مهنة مسترجعي الورق حيث سيخلق مناصب عمل كبيرة خاصة في الولايات الداخلية.
كما تعرف الصناعات الجلدية تطورا كبيرا بعد افتكاك عقود شراكة مع الاسبان الذين يضمنون مساحات تسويقية في أوروبا مستغلين وفرة المادة الأولية وانخفاض تكاليف الصناعة لمساعدة الجزائر على تحسين صادراتها خارج المحروقات.
ومن القطاعات التي ستعرف تطورا الصناعات الغذائية التي تكلف الجزائر فاتورة بأكثر من ١٠ ملايير دولار وتشكل حوالي ٢٠ بالمائة من قيمة الواردات حيث سجلت العديد من المشاريع الاستثمارية في هذا الجانب من خلال استغلال توفر المنتوج الفلاحي وتطوره حيث بات يشكل ١٠ ملايير دولار من الناتج الداخلي الخام.
واستفادت الصناعات النسيجية من استثمارات فاقت ٢ مليار دولار وهو ما سيسمح لها باستعادة مكانتها الوطنية والإقليمية، وما سيزيد من إمكانيات النجاح هو إبرام شراكة مع الأتراك الذين اكتسحوا الأسواق العالمية بمنتجاتهم الراقية وبدخولهم الجزائر فهم يرغبون في الوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي ومنه التصدير نحو أوروبا والدول المغاربية والإفريقية.
ولتحفيز الاستثمار أكثر قامت الدولة منذ ٢٠١١ بإنشاء ٤٢ منطقة صناعية موزعة على عديد الولايات لاستغلال ومرافقة مختلف الاستثمارات العمومية في الهياكل القاعدية وتحقيق توازن جهوي اقتصادي يقلل من الضغط عن الشمال ويشجع على إقامة المشاريع في الهضاب العليا خاصة بوجود الطرق السيارة وتطوير شبكة السكك الحديدية.
وستستفيد عنابة من منطقة صناعة بعين الباردة على مساحة ٣٤٠ هكتار والبويرة بوادي البردي بـ١٩٤ هكتار، وبرمجت السلطات منطقة صناعية بعين وسارة بالجلفة على مساحة ٤٠٠ هكتار.
وبرمجت مدينة شلغوم العيد بميلة لاحتضان منطقة صناعية على مساحة ٢٤٧ هكتار، وأضيفت لولاية سطيف منطقة صناعية بـ ٧٠٠ هكتار بأولاد صابر، وستكون منطقة بلارة بجيجل الأكبر بـ٥٢٣ هكتار، كما ستستفيد ورڤلة من منطقة صناعية بحاسي عبد الله على مساحة ٥٠٠ هكتار.
وإذا تم تجسيد جميع المشاريع الى غاية ٢٠١٧ ستصل الجزائر إلى تخفيض فاتورة الاستيراد بنسب كبيرة خاصة في ظل بروز صناعة للأدوية وأخرى للصناعات الغذائية التي تشكل لوحدها أكثر من ٢٥ بالمائة من واردات الجزائر كما ستكون كل هذه الانجازات قيمة مضافة لملف انضمام الجزائر للمنظمة العالمية للتجارة الذي من المقرر أن يكون في ٢٠١٥.