يتوافد يوميا على مصلحة الولادة التابعة للمستشفى الجامعي الدكتور بن زرجب بعاصمة غرب البلاد عدد هائل من النساء اللواتي يعشن هاجس العمليات القيصرية، بعدما أصبحت الحل الأمثل لاحتواء ظواهر الاكتظاظ وافتراش الأرض المعروفة لدى العام والخاص.
الصورة وقفت عليها «الشعب» في استطلاع ميداني أول أمس بمصلحة التوليد والأمومة بالمستشفى الجامعي بن زرحب أحد أهم وأكبر المستشفيات الجهوية والوطنية، حيث تتوسد الأمهات وأطفالهن أفرشة وأغطية ملطخة بالدماء، وأخريات تتجرعن مرارة الألم خوفا من الطرد خارج المصلحة، وفئة كثيرة تحول بطرق استبدادية إلى مراكز أخرى أو إلى ديارهن رغم موعد المخاض، فيما تسأل الكثيرات منهن عن «المعريفة» لولادة طبيعية...
أما عن الحالات المسجلة فلا بداية ولا نهاية لها، وكعينة السيدة ب. مونى من بلدية الكرمة التي بلغت المستشفى مساء يوم الجمعة لتخرج بأمر من الفريق الطبي مصدومة بعدما أكد لها أنها ستخضع لعملية قيصرية وأن موعد المخاض لا يزال، لتحول يوم السبت الموالي من قبل العائلة إلى مستشفى آخر، حيث أنجبت ابنتها في ظروف طبيعية وهي بصحة جيدة. سيدة أخرى من بلدية السانية التي لم تكشف عن اسمها، وحسب ما ورد عنها توسطت لها عاملتا نظافة بالمستشفى وبطريقة لم تفصل فيها خضعت لولادة طبيعية، بعدما تم برمجتها ضمن العمليات الجراحية.
كما تحدثت لـ«الشعب» سيدة كانت بصدد وضع مولودها بعملية قيصرية عن تفاجئها بعدم إبقائها في العناية المركزة لمدة ٢٤ ساعة، مؤكدة أنها تعلم كل العلم أنه بعد العملية القيصرية تبقى الأم ٢٤ ساعة في العناية المشددة، من أجل تجنب المضاعفات الجانبية. وما هذه الأمثلة إلا عينات من بين العشرات الأخرى.
وعن النساء الحوامل واللاتي أنجبن ويفترشن الأرض، أكد عدد من الأطباء أن الأمر خارج عن السيطرة لأنهم ملزمون حسب ما ورد عنهم باستقبال كل النساء الحوامل على عكس المستشفيات الأخرى كمؤسسة أول نوفمبر التي لا تستقبل عدد كبير من الحوامل، إذ لا يتجاوز عددهم عدد الأسرّة الموجودة بالمصلحة.
وبلغة الأرقام أضاف مصدر مسؤول أن عدد العمليات الجراحية التي أُجريت على مستوى مصلحة التوليد وأمراض النساء التي عرفت مؤخرا الكثير من الانتقادات عن تدنّي مستوى الخدمة بها من قبل والي الولاية السيد عبد المالك بوضياف، بلغت خلال السنة الفارطة ٣٨١٤ عملية قيصرية و١٨٥٦٧ ولادة عادية، إلى جانب إجراء ٨٠٧٦ عملية جراحية تتعلق بأمراض النساء، فيما كشف ذات المصدر عن تراجع نسبة الوفيات عند المواليد الجدد ببلادنا، إذ أحصت ذات المؤسسة الاستشفائية ٢٤ حالة وفاة لكل ١٠٠ ألف مولود جديد.
وتبقى هذه الأرقام وأخرى بحكم الأخبار المتناقلة من طرف عشرات الحوامل والشكاوى المرفوعة من طرف المواطنين ضد القائمين على هذه المصلحة بين الفترة والأخرى، نتيجة التجاوزات اللاإنسانية التي تحدث بين ثنايا مصلحة الولادة حيث المعاملة السيئة والكلام الجارح، وباختصار إنها عنوان للتجاوزات الفاضحة، والفشل في تسيير أكبر المؤسسسات الإستشفائية بالوطن، والتي ظل منصب المديرية على مستواها شاغرا منذ تحويل المدير الأسبق عبد القادر بغدوس نحو ولاية سطيف، رغم تغطيتها لأكثر من ١٤ ولاية بالغرب الجزائري، وهو ما أثار غضب نقابات مهنيي القطاع من خلال وقفات احتجاجية متتالية.