تجاوزت الرسالة النبيلة للشرطة إطار ملاحقة المجرمين لتلامس المشاغل اليومية للمواطنين فقد نجح الأمر الذي لم يكن ليتحقق لولا تعزيز مفاهيم الشرطة الجوارية حيث تمكن الجهاز بفضل حنكة قادته من تغيير صورته في وسط المواطنين بالتخفيف من مشاعر انعدام الثقة في نفوس البعض تجاه رجال الأمن مدركين أن الوسيلة الأكثر فاعلية في نظرنا تكمن في تبديد المخاوف ومد جسور الاحترام والتفاهم، انطلاقا من فكرة أن «المجتمع المدني يلعب دورا كبيرا في محاربة الجريمة».
دخلت الإستراتيجية التي تنتهجها القيادة العليا للأمن الوطني في مرحلة المنهجية والتخطيط والاحترافية، وذلك بعد أن نجحت في التصدي إلى مختلف الجرائم وإيقافها قبل وقوعها وتسليم المتورطين فيها إلى العدالة، وهو ما يترجم حرص مسؤوليها على تطوير هذا الجهاز والرقي به إلى مصاف الدول المتقدمة.
وبات هذا القطاع يشهد بعد السياسة الرشيدة المنتهجة من طرف مسؤولي الجهاز بمؤهلات واعدة، حيث وضع تحت تصرف مصالحها المكلفة بحماية الأشخاص والممتلكات، الوسائل الأكثر تطورا في مجال البحث، التحقيق والخبرة من أجل السماح لهم وبكل فعالية الاضطلاع بمهمة الشرطة القضائية، خاصة ما تعلق منها بمواجهة تصاعد الإجرام العابر للأوطان والجريمة المنظمة.
كما حرص القطاع على مواكبة التقنيات العلمية لمحاربة المتاجرة غير الشرعية للمخدرات وكيفية تحديد هوية جثة من خلال استغلال الأدلة الرقمية والإعلام الآلي إضافة إلى أبواب ومجالات أخرى في مختلف المجالات، العلمية، منها التي ترجمت مستوى الاحترافية التي تتميز بها الشرطة الجزائرية التي أصبحت تتحكم في تدخلاتها من خلال استخدامها للتقنيات الحديثة، خاصة في مجال الشرطة العلمية والتقنية .
وفي إطار مواصلتها لبرامجها التوعوية والجوارية الموجهة نحو كافة شرائح المجتمع على اختلاف أعمارهم، سطرت المديرية العامة للأمن الوطني برامج ثرية كالمشاركة في مختلف الفعاليات المنظمة بقصر المعارض الدولي مع تنظيم أبواب مفتوحة والمشاركة في صالون التشغيل للاحتكاك بالشباب وفتح مناصب شغل خاصة بهم.
زيارات ولقاءات مع سفراء الدول لتعزيز العلاقات وتبادل الخبرات
كما حرصت المديرية العامة للأمن الوطني على مواكبة الأحداث الوطنية والدولية حيث برمج القطاع عدة لقاءات بعدد من سفراء الدول المعتمدين في الجزائر على غرار سفير جمهورية ايطاليا وسفير الجمهورية الكورية والتونسية ووفد من الشرطة الإيرانية المختصة في مكافحة المخدرات وهي الزيارات المتواصلة التي تدخل في إطار تنمية وتعزيز العلاقات بينها ومحاولة إيجاد سبل تطويرها بما يخدم الطرفين مع تعزيز آليات محاربة الجريمة على الخصوص.
مديرية الموارد البشرية: رسم معالم تطوير المسار المهني
وكان للمديرية تحت قيادة اللواء هامل عبد الغني وقفة لإعادة النظر في سير وتسيير مديرية الموارد البشرية بما يسهل من مهام موظفيها ويحسن من أدائهم تجاه واجبهم المهني من جهة ويضمن حقوقهم من جهة أخرى، حيث تقرر في هذا الإطار، الرفع من عدد المنتسبين إلى القطاع، مع إعادة النظر في كل من القانون الخاص بتحويلات الموظفين، وشروط الالتحاق بالقطاع خاصة فيما تعلق بشرط السن، التكوين، وقانون العقوبات الخاص بالموظفين .
وهي مساعي تبرز حرص القيادة على ضمان التكفل الدائم والمستمر بكل انشغالات المنتسبين إلى الأمن الوطني، وهي الخطوة التي وضعها اللواء هامل عبد الغاني ضمن أولوياته منذ توليه قيادة جهاز الأمن، حيث حرص على تنصيب لجان مهمتها الاستماع إلى انشغالات موظفي الشرطة وطرح انشغالاتهم المهنية والاجتماعية وأخذها بعين الاعتبار.
ووفق رؤية متجددة من شأنها رسم معالم لكيفية تطوير المسار المهني، تقرر إعادة النظر في الرتب التي خضعت إلى دراسة متأنية لملفات المرشحين حالة بحالة من خلال لجنة، عكفت على تفحص الملفات والنظر في مدى مطابقتها لمعايير الاقدمية في الرتبة، وإخضاعها مع سلم التنقيط حيث تم مقابلة كل معيار بعلامة وهي العملية التي ستسهل على رجل الشرطة معرفة فترة ترقيته، وقد استفاد في هذا الصدد ٣١٧٩٠ شرطي منذ ١جانفي ٢٠٠٨ من رتب جديدة، ١٢٧١٦منها خلال ٢٠١١ و٢٠١٢، قابلها رفع في الأجر القاعدي الخاص بكل موظف.
وقد سمح الهيكل التنظيمي الجديد الذي أقره المدير العام حسب تصريحات سابقة، بمواكبة مسار ودرب قطاع الشرطة، حيث سيمنح لإطارات وموظفي سلك الأمن الوطني امتيازات كبيرة وسينظم وضعيتهم وفقا لمرجع قانوني معتمد بالقطاع.
تعزيز التعاون العربي الأمني
وأكد جهاز الأمن الجزائري مجددا حرصه على المساهمة في تعزيز التعاون الأمني العربي ومشاركته في كل المبادرات الرامية إلى التطوير، من خلال تبنيه للمؤتمر الثلاثين لقادة الشرطة والأمن العرب، المنعقد بعاصمة الجزائر، بفندق (الأوراسي)، تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بتاريخ ٩ ديسمبر ٢٠١٢ ركز خلاله على ضرورة ايلاء الأهمية اللازمة لأجهزة الشرطة في دولنا العربية، من خلال خطط محكمة، والسعي وراء جعل جهاز الأمن يضاهي المؤسسات الأمنية الفعالة في الدول المتقدمة بزيادة فعاليته وجاهزيته لمواكبة التحولات الداخلية والخارجية والتعامل معها بكل احترافية خاصة ما تعلق بالجريمة العابرة للأوطان.
وقد أفرز العمل المشترك الذي جمع الدول العربية في مجال مكافحة مختلف الجرائم التي تهدد امن المنطقة، بإنجازات عظيمة، عكست من خلالها مسيرة التعاون التي باتت من أهم ركائز العمل العربي المشترك التي أكدت في أخر دوراتها على ضرورة ايلاء الأهمية اللازمة، للجرائم الالكترونية التي عرفت تطورا مذهلا في السنوات الأخيرة خاصة بعد مساهمتها في تسيير الاتصال والتواصل بين الجماعات الإرهابية والإجرامية في الترويج لأفكارها الهدامة، مع بذل جهود في مكافحة تهريب الأسلحة والمتفجرات والاتجار بها لاسيما على مستوى الحدود، بمضاعفة الجهود من قبل أجهزة الشرطة ومواكبة كل المستجدات والتطورات لتوفير الأمن والسكينة للمواطن وأجواء الاستقرار الضرورية لتحقيق برامج التنمية في البلدان العربية.