لا يختلف اثنان بعين تموشنت، على ان مشروع التعديل الدستوري الذي يرتقب أن يكون عميقا سيساهم بشكل كبير في مراجعة منظومة الحكم في الجزائر، وإعادة النظر في صلاحيات والعلاقة بين غرفتي البرلمان، والتأكيد على فصل السلطات وتعزيز دور السلطة القضائية ودولة القانون، فهو باختصار يصب في تعزيز اسس الديمقراطية دون فقدان مكتسباتها، «الشعب» استطلعت آراء المختصين والمواطنين بالولاية في هذا الشأن.
المختصون: حتمية تعديل الدستور دون المساس بالثوابت الوطنية
أجمع المختصون في القانون في تصريحهم لـ«الشعب» بعين تموشنت، على حتمية تعديل دستور سنة ١٩٩٦ جذريا دون المساس بثوابت الأمة، باعتبار أن بعض مواده أضحت غير صالحة في الوقت الراهن، وفي هذا الصدد أكد الأستاذ والمحامي بن سنون انيس على أن الأحكام الانتقالية للدستور، لا سيما منها المواد من ١٧٩ إلى ١٨١، والتي تم تنفيدها لم تعد صالحة، مستبعدا الحديث عن المواد أو البنود التي ستعدل، لأن اللجنة التقنية المكلفة لا تزال تدرس مسودة المقترحات وحسب بن سنون فإن النظام شبه الرئاسي الأنسب للحكم في الجزائر.
من جهة أخرى، أكد الأستاذ الجامعي بن عثمان محمد، أن دستور سنة ١٩٩٦ يتضمن ٥ مواد تنص على التعديل الدستوري، خاصة المادة ١٧٤ التي تنص على أن «لرئيس الجمهورية حق المبادرة بالتعديل الدستوري، وبعد أن يصوت عليه المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة بنفس الصيغة حسب الشروط التي تطبق على نص تشريعي، يعرض التعديل الدستوري على استفتاء الشعب خلال ٥٠ يوما الموالية لإقراره، مما يسمح للمواطن ـ حسبه ـ المساهمة في دسترة القوانين التي تسير شؤونه لفترة طويلة.
وتأتي المادة الموالية ١٧٥ حسب الأستاذ لتبرز الحالة العكسية أي في حالة رفض الشعب للتعديل الدستوري المطروح، يعتبر لاغيا ولا يمكن إعادة عرضه مرة ثانية على الشعب خلال الفترة التشريعية، وبالتالي يجب انتظار نهاية عهدة البرلمان وتنصيب النواب الجدد، لإعادة طرح التعديل على الشعب لأن التعديل يصل للاستفتاء الشعبي بعد مصادقة البرلمان بغرفتيه بينما يمكن تمرير التعديل دون الاستفتاء الشعبي حسب المادة ١٧٦، التي تقول «إذا ارتأى المجلس الدستوري أن مشروع التعديل الدستوري لا يمس البتة بالمبادئ العامة التي تحكم المجتمع وحقوق الإنسان والمواطن وحريتهما ولا يمس بأي كيفية التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية»، وعلل رأيه بأنه يمكن «لرئيس الجمهورية أن يصدر القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري مباشرة ودون أن يعرض على الاستفتاء الشعبي بشرط أن يحصل على ثلاثة أرباع أصوات البرلمان بغرفتيه».
وأكد بن عثمان ان المادة ١٧٨ من باب التعديل الدستوري في دستور ١٩٩٦ جاءت لتحفظ الثوابت الوطنية من هذه التعديلات حيث تؤكد هذه المادة على أن أي تعديل مهما كان لا يجب أن يمس الطابع الجمهوري للدولة، النظام الديمقراطي القائم على التعددية الحزبية، الإسلام باعتباره دين الدولة، اللغة العربية باعتبارها اللغة الوطنية والرسمية، وكذا الحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمواطن، وسلامة التراب الوطني ووحدته».
ولفت في ذات السياق إلى أن هذه المادة تعرضت للتعديل في نوفمبر ٢٠٠٨، حيث أضيف لها بند سادس ينص على «العلم الوطني والنشيد الوطني باعتبارهما من رموز الثورة والجمهورية»، وهذه المبادئ لا يمكن أيضا المساس بها مهما عدلت الدساتير.
المواطنون: محكمة دستورية مطلب
من جهتهم أكد لـ«الشعب»، مواطنون بعين تموشنت ان لهم وعي سياسي اكثر من ذي قبل ويتتبعون بشكل جيد الاحداث، موضحين وجود الكفاءة لانجاح الاستفتاء.
و في هذا الصدد ناشد سمير طالب جامعي بتحويل المجلس الدستوري لمحكمة دستورية باعتبار ان هذه الاخيرة تضفي الثقة أكثر بين المواطن والسلطة، حيث أن المحاكم الدستورية ـ يقول سمير ـ أوسع صلاحيات ولها استقلالية أكثر في إصدار القرارات كما يمكن للمتقاضي البسيط أن يخطر المحكمة الدستورية إذا استدعى الأمر ذلك.
وكشف الشاب علي وهو أستاد في الثانوي، ان التعديل الدستوري المرتقب فرصة تاريخية للجزائر، وقال انه مشروع مجتمع جديد وانطلاقة جديدة، مؤكدا ان هناك متغيرات كثيرة طرأت في الظروف الجزائرية بالإضافة إلى المعطيات التي يشهدها العالم العربي والعالم بأسره، معتبرا إياها بالفرصة الثمينة لتحسين الأوضاع في الجزائر، قائلا «انتظر من الدستور الجديد أن يعزز الديمقراطية وحقوق الأشخاص والمجتمع مفضلا النظام شبه الرئاسي باعتباره الأنسب إلى الحالة الجزائرية».