إستضافت أمس حصة «نقاش الأسبوع» للقناة الإذاعية الأولى كل من المجاهد صالح ڤوجيل مسؤول قيادي في حزب جبهة التحرير الوطني.. وعضو مجلس الأمة ود.محي الدين عميمور وزير سابق، والطيب الهواري الأمين العام للمنظمة الوطنية لأبناء الشهداء، والإعلامي سعد بوعقبة لمناقشة المسار النضالي للمجاهد الراحل علي كافي، ومساهمته السياسية ما بعد مرحلة الإستقلال.
النقاش أدارته الصحافية فاطمة الزهراء مشتة وكان ساخنا أحيانا.. نظرا للمواقف التاريخية التي تشهد للمرحوم كافي في تعاطيه مع الأحداث الثورية، وتطلعات الجزائريين خلال فترة استرجاع السيادة الوطنية.
وأجمع الحضور على أن كافي كان رجلا يتصف بالصرامة والمسؤولية يؤمن إيمانا راسخا بالعمل في الأطر النظامية البعيدة كل البعد عن التجاوزات، والإرتجالية، وحتى النرجسية، ففي كثير من المحطات قال كلمته الفاصلة، والحاسمة في قضايا تردد الكثير في ابداء الرأي حولها.. ومثل هذه المحطات جلبت له المزيد من الإحترام والتقدير.. وكان يستشار في القضايا المصيرية للبلاد، بحكم أنه كان قياديا ثوريا برتبة عقيد، وديبلوماسيا هادئا، ومسؤولا سياسيا في المنظمة الوطنية للمجاهدين، ورئيسا للمجلس الأعلى للدولة.. شغله الشاغل هو الإرتقاء بالجزائر إلى مصاف الدول الكبرى في جميع المجالات.
السيد صالح ڤوجيل كان تدخله دقيقا ومقنعا بخصوص المسار التاريخي لكافي منذ أن كان مناضلا نشطا ووفيا في حزب الشعب مدافعا عن مبادئه التحررية للجزائر ويتذكر ڤوجيل جيدا اللقاء الذي جمعه بكافي وهذا بعد انعقاد مجلس الثورة بالقاهرة سنة ١٩٥٧، وانتقل هذا المجاهد إلى مكان الإجتماع من الجزائز.. وليس من جهة أخرى، كما شارك في مؤتمر الصومام باسم وفد الولاية الثانية، وحاز كافي على رتبة أصغر عقيد وسنه ٢٨ سنة بعد أن دخل بن طوبال لجنة التنسيق والتنفيذ وفي مقابل ذلك بقي في الولاية الثانية إلى غاية تعيينه سفيرا بالقاهرة، اعترافا للخدمات النضالية التي ما فت يقدمها للثورة.
ففي كل مرة كان ڤوجيل يعود إلى شخصية كافي الثورية وبخاصة ما يعرف باجتماعات العقداء الـ ١٠ الذين كان من بينهم كافي وهذا من أجل إعادة هيكلة مؤسسات الثورة وتحديد المسؤوليات، والتنسيق بين جيش التحرير، وهذا باختيار ٣ عقداء، كريم بلقاسم، لخضر بن طوبال، وعبد الحفيظ بوصوف، وأسندت هيئة الأركان للعقيد هواري بومدين، ومن هنا تقرر العودة إلى اجتماعات المجلس الوطني للثورة الجزائرية الذي لم ينعقد لمدة طويلة جدا.
ويرى ڤوجيل بأن كافي كان صريحا لا يجامل أحد عندما يتعلق الأمر بالوطن، بالإضافة إلى قدرته الفائقة في نسج علاقات وطيدة وممتازة مع القيادة المصرية عندما كان سفيرا هناك.
أما سعد بوعقبة فقد كشف عن حقائق غير معروفة عن كافي لم تدون حتى الآن، تندرج في إطار المهام التي كلف بها، إلا أنه أحيانا وجد نفسه طرفا فيها.
وهنا جدد سعد القول بأنه على مدار ٢٥ سنة من الصداقة التي ربطته بكافي كان يرى فيه الرجل الصريح والصارم والحازم غير أنه يحب الدعابة، كل هذه القيم استمدها من الثورة، وقد اندهش جنرالات فرنسا عندما قاد معركة زڤار بنفسه، التي كان ردها على الصاع بصاعين، تجاه عملية «جومال» وكشف بوعقبة بأن موقف كافي كان مخالفا للعقداء الـ ١٠ الذين إستدعوه وكاد أن يكلفه ذلك ثمنا باهظا، رفقة لطفي وبومدين مؤكدا بأن ترأسه للمنظمة الوطنية للمجاهدين، أرجعها إلى المشهد الوطني بكل ثقلها وفي هذا الشأن قدمت تعديلات هامة في مسألة دستور ١٩٩٦، منها تحديد العهدات.
في حين قدم عميمور معلومات نادرة عن مواقف كافي خاصة ما بعد مرحلة الاستقلال معتبرا إياه من المسؤولين القلائل الذين تقلدوا مناصب عليا وكتبوا مذكراتهم وهو مناضل يفرق بين الحب والتقدير والتجاوب والإلتزامات مشيرا إلى أن هذا الرجل تعرض لهجومات حادة من كل صوب بخصوص ما ورد في كتابه الأخير.
أما الطيب الهواري الأمين العام للمنظمة الوطنية لأبناء الشهداء، فقد أوضح بأن المجاهد كافي كان رجلا يستمع للآخر، مقدما كل الأفكار الحية التي تنقذ البلاد من براثن التخلف ومعولا على فئة أبناء الشهداء خاصة في اللقاءات التي كانت تجمعهم به.
نقاش ثري حول مساره النضالي والسياسي
رجل حوار صريح ودبلوماسي هاديء
جمال أوكيلي
شوهد:295 مرة