امتزجت صرخة الضمائر الحيّة بالآلام، واكتملت صورة الجرح في التذكير بوضعية الأسرى الفلسطينيين الذين يئنون تحت التعذيب بزنزانات المحتل الإسرائيلي، ولم يستسلموا عن حرارة النضال من أجل الحرية.
عكس هذا جعلوا من الزنزانة الإسرائيلية أرضية لاستنباط قيم التحرر والتمادي في مواجهة الآلة الحربية الإسرائيلية، جعلوا منها مصدر تحدي وإنطلاقة ليس فقط في فضح جرائم إسرائيل، وتعرية ماكينات التعذيب والهمجية، بل التسلح بعزيمة الثورة، وأفكارها المقدسة في عدم المساومة والتنازل مهما كانت التحديات.
ظهر هذا واضحا في مداخلات «منتدى الشعب»، والشهادات الحيّة المقدمة في الندوة المفتوحة، إحياء ليوم الأسير الفلسطيني.. وهي ندوة مدرجة في سياق التضامن مع القضية الفلسطينية التي أولتها جريدة «الشعب» العناية القصوى، وظلت ترافع من أجلها على الدوام، مخصصة ملحقا أسبوعيا حول الأسرى، مقدمة أدّق التفاصيل عن هذا الملف «الورقة السياسية» ذات الوزن الثقيل في مفاوضات المرحلة النهائية لاستعادة الحق المهضوم والحرية والسيادة.
ظهر هذا جليا في مداخلة السيدة أمينة دباش ـ الرئيسة المديرة العامة لـ(الشعب) ـ ووزير العمل الفلسطيني أحمد مجد، ووزير الثقافة والإعلام الأسبق د. محي الدين عميمور، ود. إسماعيل دبش، أستاذ العلوم السياسية.
وامتدت المداخلات إلى القواسم المشتركة بين الثورتين الجزائرية والفلسطينية في مواجهة الاستعمار الاستيطاني، وكيف تسلحت قياداتهما وشعبيهما بالإرادة في جعل المستحيل ممكنا، دون السقوط في اليأس والإنهزامية وقبول الأمر الواقع..
وأعطت أمثلة حيّة عن دور القيادات الجزائرية والشعب في مناصرة فلسطين ظالمة أو مظلمة، وأجيب عن أسئلة مطروحة لماذا يحمل الجزائري في وجدانه وفكره، قضية فلسطين التي انتفض في كثير مرات من أجلها، وصغرت أمامه الأشياء.. وكبرت القضية.
وقدمت شهادات حيّة عن الجزائريين الذين قصرت أمامهم المسافات، وكسّرت الحواجز والممنوعات في الوثبة من أجل تحرير فلسطين، وهم يقطنون بالقدس، وبات المغاربة الشاهد الحي.
قدمت شهادات عن الهبّة الشعبية الواسعة في الجزائر منذ ثورة ١٩٤٨، رافضين قرار تقسيم فلسطين الجائر من أمم متحدة كانت تحت سيطرة المركزية الغربية.. وهذه الهبّة ظلت على الدوام، ضرب من خلالها الجزائريون المثل في التضحية طيلة الحروب مع العدوّ الإسرائيلي، جاعلين من فلسطين قضيتهم الأبدية، مؤكدين للملأ أن الحرية التي دفعوا من أجلها الغالي والنفيس تبقى مرة الطعم والمذاق مادامت فلسطين تئن تحت الاحتلال الإسرائيلي، ومادام الأسرى يناضلون في صمت ويصرخون بملء الفم ولا أحد يحرّك ساكنا من العواصم التي تدّعي أنها أكبر أمم المعمورة ديمقراطية وتحضّر.. وتخرج إلى السّطح بالتباهي، وعدم التوقف في إعطاء وصفات للآخرين في احترام حقوق الإنسان.
تطبّق هذه القوى المتحكمة في القرار الدولي، السياسة الانتقائية معتمدة القاعدة السلبية «يحق لنا ما لا يحق لغيرنا»،، لهذا تغمض عينها أمام كل إختراق إسرائيلي لحقوق الإنسان، الذي بلغ درجة من الهمجية فاقت حدود المنطق والمعقول..
منتدى «الشعب» تحرّك في الاتجاه الآخر، جاعلا من «يوم الأسير الفلسطيني» محطة إنطلاق، ووثبة لكسر الحصار في المعركة الحاسمة من أجل تحرير هؤلاء الأسرى، ومنهم تحرير فلسطين، القضية والوطن.