طفت على أشغال الدورة الـ٤٠ لمؤتمر العمل العربي تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية التي يظهر أنها لن تنفرج في الوقت القريب بحكم المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية للمنطقة العربية، ما يفرض تعزيز وتطوير العلاقات البينية العربية ودفع العمل المشترك قدما بما يجعله قادرا على مواجهة تحديات الألفية اقتصاديا واجتماعيا سعيا لتحقيق عالم تتقاسم فيه المعمورة نِعَم السلم والأمن والرفاهية مثلما أبرزه وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي الطيب لوح في افتتاح أشغال الدورة، التي حضرها الوزير الأول عبد المالك سلال، وأعضاء من الحكومة، إلى جانب السلك الدبلوماسي وإطارات قطاع العمل، والمشاركين الممثلين لـ٢٠ دولة عربية.
وقال لوح، إن الآثار الاجتماعية المترتبة على الأزمة العالمية وفي مقدمتها أزمة التشغيل تطرح اليوم أكثر حدة في ظل تفاقم مستوى البطالة في العالم بما فيها العديد من البلدان العربية، التي تحصي نحو ٢٠ مليون عاطل عن العمل، الأمر الذي يستدعي منا أكثر من أي وقت مضى إعطاء المضمون الملموس للعمل العربي المشترك، مشيرا إلى أن هذا الفضاء العربي المشكل من التركيبة الثلاثية حكومات وأصحاب أعمال وعمال، يعد صرحا مناسبا للحوار والاقتراح تجاه التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها العالم العربي في ظل الأزمة العالمية وتداعياتها.
وفي هذا السياق، أشار وزير العمل، إلى أن الجزائر أقرت مخطط عمل متكامل لمواجهة تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية على التشغيل بدأ تنفيذه في ٢٠٠٨، وهو المخطط الذي ارتكز على محاور الاقتصاد والتكوين المؤهل وآليات التشغيل العمومية لمرافقة الشباب وتشجيعهم على إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وجلب الاستثمار، مما سمح بتسجيل نمو اقتصادي مقبول والمحافظة على مناصب الشغل وإنخفاض البطالة، كما عرفت منظومة الرعاية الاجتماعية قفزة معتبرة بعد تنفيذ برنامج عصرنة منظومة الضمان الاجتماعي، في إطار توطين تكنولوجيات التسيير، لا سيما البطاقة الإلكترونية للمؤمّن، التي أصبحت تغطي أغلبية المواطنين بالتراب الوطني، فضلا عن وضع أسس الحوار الاجتماعي بين المؤسسات، الشركاء الاجتماعيين والحكومة من خلال لقاءات ثنائية وثلاثية تكللت بإبرام عقد وطني إقتصادي وإجتماعي بين الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين لتعزيز الجهود التنموية وتعبئة القدرات الإنتاجية الوطنية.
وأبرز لوح، أن العالم العربي يواجه تحديات كبيرة، وخطيرة كالطاقة، والطاقة المتجددة والمياه والأمن الغذائي وتنويع الإقتصاديات وتنافسها، كما يواجه تحدي توطين التكنولوجيات وتوظيفها في شكل واسع في التنمية عوض الجري وراء تحويلها من الدول المتقدمة، وهو ما يفرض العمل على بلورة تصور عربي مشترك يسمح بتوفير المناخ لبناء اقتصاديات المعرفة القادرة على المنافسة واستحداث الثروة ومناصب الشغل، بالتركيز على الثروة التي لا تنضب، واستغلال الكفاءات البشرية للوصول إلى تنمية مستدامة، داعيا المشاركين في اللقاء إلى التفكير في إعداد مشروع للأهداف الإنمائية لما بعد ٢٠١٥ تمهيدا للمفاوضات المقررة بمناسبة إنعقاد الجمعية العامة في سبتمبر ٢٠١٥.
وفي رأي وزير العمل، لا يمكن تصور ديناميكية تنموية بمعزل عن الاهتمام والعناية بالعنصر البشري انطلاقا من أن الإنسان هو الفاعل الأساسي في تحريك عجلة التنمية، مضيفا أن التنمية المستدامة تستدعي وضع الأسس الصحيحة لاقتصاد منتج وقوي له القدرة على توفير مناصب الشغل وكسب المراتب في الأسواق العالمية، ولا يتحقق ذلك في عالمنا العربي إلا بتوظيف مؤهلاتنا البشرية والمادية في إطار التكامل البيني الذي تراعى فيه المصالح العربية المشتركة.