رغم استفادتها من المشاريع الهامة في إطار تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية السنة الفارطة، من ترميم المآثر التاريخية والمساجد والأحياء القديمة لكن الزائر لأقدم حي بالمدينة يرى عكس ذلك، حيث أصبحت المدينة القديمة تنهار على رؤوس قاطنيها دون تحرك من السلطات المحلية التي لم تتمكن من إنقاذ ما يمكن إنقاذه أمام قدم البناياتئوتأثرها بانفجار القنبلة التي هزت المنطقة منتصف سنة ١٩٩٧والتي لاتزال أثارها ظاهرة للعيان.
''باب سيدي بومدين'' تجاوزها الزمن
تعد منطقة باب سيدي بومدين القلب النابض لتلمسان القديمة، حيث يعد مسجد باب زير أحد الشواهد التاريخية التي تشهد على عراقة الحي، باعتباره امتداد لحي أقادير العتيق الذي كان البوابة الشمالية للجهة الشرقية خلال العهد الزياني، لكن هذا الحي أصبح يعاني من الإهمال، حيث يعيش أحد السكان في خيمة رفقة زوجته وأبنائه منذ أكثر من سنة بعد أن انهار منزلهئولم يجد أذانا صاغية للوقوف معه أو لتوفير مسكن قار يأويه رفقة أبنائه.
من جهة أخرى، وغير بعيد عن هذا المواطن يعيش العشرات من المواطنين داخل بيوت مهددة بالانهيار في ظل صمت المسؤولين خاصة وأن أغلب هذه البيوت عاشت بها العشرات من الأجيال دون أن تخضع للترميم ما جعل جدرانها وأسقفها تتآكل خاصة وأن تلمسان معروفة بالثلوج والأمطار المتساقطة بعشرات الميلمترات زادها تعقيدا الانفجار الارهابي عام ١٩٩٧، الذي أدى إلى سقوط العشرات من السكنات وتشقق العشرات الأخرى التي صنفت في الخانة الحمراء لكنها ما تزال تأوي العشرات من السكان المهددين بالموت تحت الأنقاض.
آثار قنبلة ١٩٩٧ تهدد بإزالة المدينة القديمة
عرفت تلمسان على غيرها من مدن الجزائر مآسي كبيرة جراء العشرية السوداء ولعل انفجار كل من فندق المغرب وحي باب سيدي بومدين المتزامنين أحد أكبر الأحداث، حيث شهدت المنطقة صبيحة الجمعة ٧١٥/٠٥/١٩٩٧ انفجارا عنيفا تسبب في سقوط العشرات من السكنات، وتصدع العشرات الأخرى التي صنفتها مصالح الحماية المدنية تحت الخط الأحمر لما تشكله من خطر على سكانها.
ورغم مرور أكثر من ١٥ سنة على الحادثة ما تزال آثار الانهيارات الناجمة عن القنابل باقية وظاهرة للعيان وكأنها حدثت بالأمس القريب.
ولم تقم سلطات تلمسان سوى برفع بعض الردم الناجمة عن التساقط للأسوار المهترئة وإقامة مبنى تابع للدولة على الواجهة لإخفاء الكارثة خلف جدرانه المنمقة التي ما يزال سكانها يطالبون من السلطات العليا للبلاد بالتدخل لإنقاذهم من الموت تحت الأنقاض، على حد قول السيدة ڤخديجة ڤأنها كل يوم تقول أنها لن تصبح بفعل التساقطات الترابية الناجمة عن تآكل السقف التي تهدد حياة النائمين تحته. كما أشارت السيدة عائشة أنها شهدت إنهيار سقف غرفة فجرا ولو ستر الله لكان سكانها ضمن الموتى، هذا و تشير إحصائيات الحماية المدنية وبلدية تلمسان أنها تتدخل تقريبا أسبوعيا لمعاينة الانهيارات الجزئية للمساكن بالأحياء القديمة التي أصبحتئلا تصلح للسكن وتهدد بدفن العشرات من قاطنيها ومتخوفين من تكرار سيناريو ماي سنة ١٩٩٧والذي خلف العشرات من القتلى والجرحى بذات الحي.
«المدرس العتيق» أقدم الأحياء.. مهدد بالسقوط
يعتبر حي المدرس العتيق من أعرق أحياء تلمسان القديمة هو الآخر وهو الحي الذي عاشت به الشيخة طيطمة، ورغم الأهمية التاريخية لهذا الحي الذي يضاهي في بنائه حي القصبة العتيق لكنه اليوم مهدد بالسقوط على رأس قاطنيه، حيث ورغم وجود مساجد عتيقة بهذا الحي على غرار مسجد سيدي جبار وسيد اليدون التي خضعت للترميم رفقة منزل الشيخة طيطمة، إلا أن سكناته المصنفة في خانة الخطر من قبل الحماية المدنية لم تعرف الترميم حيث يعيش السكان في درب السلسة ودرب النعيجة وسيد اليدون بعد تأثرها بالعوامل الطبيعية.
ويشير سكان هذه الأحياء أنهم يعيشون في قبور ينتظرون اليوم الذي ستغلق عليهم مؤكدين أنهم قدموا عشرات الملفات للحصول على سكنات لكن دون جدوى وحتى عاصمة الثقافة الإسلامية أسقطتها من أجندتها، فلم يستفد الحي من الترميم على غرار باقي الأحياء، وأكثر من هذا أكد أحد أطباء الحي أن قدم السكنات أصبح يشكل خطر على حياة ساكنيه صحيا بفعل انتشار الرطوبة وغياب النظافة ما أدى الى انتشار أمراض الحساسية، الربو، السل ما يستوجب من مصالح البلدية التدخل العاجل للوقوف على حقيقة الوضع وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
كشفت مصالح الصحة بولاية تلمسان، أن مصالحها سجلت أكثر من ١٠٠حالة ما بين السل والربو والحساسية لدى سكان الأحياء القديمة بتلمسان، و أغلب الإصابات ناجمة عن الرطوبة والأوبئة، زاده غياب المرافق الصحية وكذا قدم البنايات التي تغطى أسقفها الأخشاب والقصب ما حولها بمرور الزمن الى سم يستنشقه السكان ليل نهار، وحولها الزمن إلى بذور للسل والربو.
وأكد الأطباء أن الحل الوحيد للقضاء على توسيع بقعة المرض هو القضاء على هذه السكنات التي تحولت إلى بؤرة للأفات والمرض.