دعا ممثلو المجتمع المدني الشباب الجزائري إلى عدم الانسياق وراء دعاة زعزعة الاستقرار والتحلي باليقظة وتجنب العنف عند التعبير على انشغالاتهم ومطالبهم الاجتماعية لاسيما أبناء منطقة الجنوب، التي مرت بمأساة حقيقية مؤخرا والتي كادت أن تعصف بمصدر رزق الجزائريين، مؤكدين على أن البطالة هاجس كل الشباب وليس منطقة دون أخرى، ما يستدعي تضافر كل الجهود والتنسيق بين عديد الجهات لحلها.
عبيدات:
التنسيق مع مفتشيات العمل لمراقبة المؤسسات
أكد مستشار الوقاية الجوارية لجمعيات رعاية الشباب عبد الكريم عبيدات لـ«الشعب» أن الشباب في الجزائر لاسيما أصحاب الشهادات يطمح لبناء مستقبله عبر الظفر بمنصب شغل وهو أمر عادي وشرعي، ولعل التعليمة الأخيرة لوزير الداخلية دحو ولد قابلية المتعلقة بضرورة التزام الشركات الوطنية والعمومية عند التشغيل المرور بالوكالة الوطنية للتشغيل «لانام» أمر جيد خاصة بالنسبة لولايات الجنوب باعتبارها الأدرى باليد العاملة المتوفرة وفرض غرامات مالية كبيرة للمؤسسات المخالفة.
وأرجع عبيدات تأزم الوضع في ولايات الجنوب الى عدم التزام المؤسسات لاسيما منها الاجنبية بتشغيل اليد العاملة المحلية المتوفرة ولو بالمناصب البسيطة كأعوان الحراسة والوقاية والنظافة والتنسيق مع آليات التشغيل المستحدثة وهو ما أدى لعدم نجاح السياسة الوطنية للتشغيل رغم الجهود المبذولة.
وفي هذا السياق قال المتحدث: «أنه من غير المقبول لجوء الشركات الوطنية وكذا الاجنبية الى استقطاب يد عاملة ولو كانت بسيطة من خارج المنطقة التي تنشط فيها رغم وجود يد عاملة محلية ومقيمة»، مشيرا الى أن هذا الامر هو الذي كهرب الوضع بالجنوب الجزائري ما يستدعي ـ حسبه ـ التعامل مع المطالب المطروحة بجدية واعادة النظر في السياسة الوطنية للتشغيل.
وحسب عبيدات يكمن الحل في إعادة النظر في عمل آليات التشغيل المستحدثة لاسيما الوكالة الوطنية للتشغيل «لانام» التي عليها أن تبحث عن استراتيجية جديدة لاحتواء ومراقبة مدى استخدام شباب المنطقة من خلال التنسيق مع مفتشيات العمل التي يقع عليها مراقبة مدى احترام المؤسسات المستخدمة لإجراءات التشغيل عبر الزيارات الفجائية لأن ذلك كفيل بمحاربة المحاباة والمحسوبية.
من جهة أخرى ناشد عبيدات في ايجاد حلول ميدانية لتعزيز المشاريع المنشأة في اطار الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب، ومنح تسهيلات في الحصول على القروض لاسيما الموجهة منها لانشاء مؤسسات واستثمارات منتجة، خاصة ايجاد صيغة مناسبة لتسوية مشكل الفوائد المترتبة عن منح القروض رغم ضآلتها والمقدرة بـ١٪.
الى جانب ذلك أكد عبيدات على أهمية التنويع في تخصصات التكوين المهني وتكييفه مع حاجيات سوق العمل لكل منطقة باعتبار أن الجزائر أصبحت ورشة مفتوحة على كثير من المشاريع، وهذا تلبية للاحتياجات المتزايدة وتوجيه الشباب نحو الحرف والمهن المطلوبة، كاشفا عن اطلاق مشروع بمناسبة يوم العلم بالعاصمة يتمثل في افتتاح فضاء خاص بالحرفيين والمهنيين من خلال الاستعانة بمشاريع ١٠٠ محل وتوزيعها على الشباب أصحاب الشهادات لتشجيع اندماجهم في التكوين المهني وتخصيص رقم خاص للاتصال «آلو حرفي».
يضاف الى ذلك اتاحة الفرص للشباب لاثبات الذات وزرع الثقة فيهم ومنحهم تكوينا جيدا لان الكثير منهم استطاع النجاح في الخارج فلما لا ينجح ببلاده، مشيرا الى أن المشكل اليوم هو مشكلة تنظيم وتسيير آليات تشغيل الشباب المحلية التي يجب تمكين أبناء كل المنطقة منها.
وفي المقابل دعا عبيدات شباب الجنوب بأخذ الحيطة والحذر وتجنب العنف وتعلم الحوار لانها الوسلة الوحيدة الكفيلة بايصال الانشغالات الى السلطات العليا للبلاد، كما حث المجتمع المدني المحلي على لعب دوره لاسيما بالتوعية والتحسيس، كاشفا في هذا السياق عن التحضير للقاء وطني في الصحراء والبداية من ورقلة للتحاور مع شباب المنطقة مباشرة لايجاد الحلول المناسبة التي تتماشى والمنطقة.
الودادية تحث على فتح نقاش وطني مع الشباب
دعا رئيس جمعية الودادية الجزائرية للتضامن الشباني ياسين مشتي السلطات الى فتح حوار وطني في كل الولايات واشراك الشباب فيه للاستماع لانشغالاتهم والخروج بحلول ميدانية بدل إعطاء الاموال وصرف ميزانية في مشاريع غير منتجة، لأن ذلك سيؤدي الى مشكل كبير وحقيقي.
أوضح ياسين مشتي في تصريح لـ«الشعب» أن وضع الشباب الجزائري لاسيما ما تعلق بمحاربة ظاهرة البطالة يحتاج الى حلول جدية لا ترقيعية من كل الجهات والفاعلين لاسيما المسؤولين المحليين لايجاد حلول مكيفة حسب كل منطقة وخصوصياتها صناعية كانت أو فلاحية، سياحية، مبرزا أهمية فتح نقاش وطني كان قد نادى به منذ سنتين.
وحسب نفس المتحدث يتعين على المسؤولين استغلال الوضع المالي المريح لبلادنا لاحداث تطور في كل القطاعات، وعدم اعطاء فرصة للجهات التي تريد احداث أزمة حقيقية وجعل مشكلة الشباب بالجنوب أزمة جهوية ليتم استغلالها في تقسيم الجزائر علما أن مشكل البطالة هو مشكل وطني وبالتالي فالأمر يحتاج إلى حلول ميدانية بالتنسيق مع كل الجهات.
من جهة أخرى حث ياسين مشتي الشباب على تجنب الفوضى التي ستكون عائقا أمام إيجاد حلول اقتصادية واجتماعية حقيقية وتنظيم أنفسهم في اطار قانوني بالاستعانة بالمثقفين منهم لايصال انشغالاتهم بطرق سلمية لأصحاب القرار للخروج بأرضية تخرجهم من حالة الاحتقان والتذمر التي يعيشونها.
دريدي تشدد على دور المجتمع المدني في التوعية
أكدت نادية دريدي رئيسة الجمعية الوطنية لترقية وحماية المرأة والشباب على أهمية دور المجتمع المدني في تحسيس وتوعية الشباب الجزائري واحتواء الفئات التي تعاني من مشاكل اجتماعية ومهنية منهم، وعدم الانسياق الى ما لا يحمد عقباه.
دعت دريدي الجهات المعنية الى التكفل الحقيقي بمطالب الشباب وتحسين ظروف استقباله والاصغاء اليهم، وهو الأمر الذي يقع على عاتق المسؤولين المحليين لأن ذلك من واجباتهم باعتبارهم الهيئة المحلية الأولى التي يتعامل معها المواطن وبالتالي يتعين عليهم التقرب الى هذه الفئة الحساسة واحتوائها بدل السماح باستغلالها لما يضر بالبلد.
وأوضحت المتحدثة أن هناك إرادة حقيقية من الوزارة الأولى لايجاد حلول ناجعة والاستجابة للطلبات المرفوعة وتذليل العقبات أمام الشباب الجزائري، كما دعت وزارة الشبيبة والرياضة الى مساعدة الجمعيات للتقرب أكثر من هذه الفئة من خلال توفير الوسائل المادية، حاثة في المقابل هذه الفئة على اعتماد الطرق السلمية لطرح انشغالاتهم وكذا الحوار وتجنب الفوضى والعنف في التعبير، والتحلي بالوعي لما يحاك ضد الجزائر في هذه المرحلة الحرجة.