لا تزال سياسة المد والجزر بين حركة «النهضة» وأمينها العام حمادي الجبالي تفرض نفسها بالمشهد السياسي التونسي، بعد أن فشل الطرفان في الوصول إلى تسوية تفتح أفق إنفراج للوضع المعقّد والمتشنّج الذي أعقب إغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد.
حركة «النهضة» تراهن على الشارع لإعادة الجبالي إلى بيت الطاعة وثنيه عن موقفه القاضي بإنشاء حكومة تكنوقراطية، مبرّرا ذلك بأسبقية مصلحة الوطن والأمة على الحزب وطموحات السياسة، مهددا بالإستقالة، مع مواصلة المشاورات التي قال انها تستأنف الاثنين القادم.
في شارع الحبيب بورقيبة، وسط العاصمة تونس، خرج أمس العشرات من منتسبي حركة «النهضة» حاملين رايتها من أجل الدفاع عن شرعية وجودها في السلطة وأحقيتها في تسيير شؤون البلاد، مرددين شعارات: (الشعب يريد نهضة من جديد).. (مساندة النهضة واجب)، كما ندّد المتظاهرون بالوزير السابق (باجي قايد السبسي) وحزبه (نداء تونس) الذي يقدم نفسه كبديل عن التيار الإسلامي الحاكم.
سياسة الوضع الراهن والتسويق لا تزال تطبع المشهد السياسي التونسي، فحمادي الجبالي الذي هدّد بالاستقالة ولا يزال يلوّح بها، ولكنه يتمسّك بالمشاورات السياسية ويستمر فيها ويرجئ إستقالته في كل مرّة وحركة «النهضة» من جهتها تلجأ إلى الشارع للتنديد بقرارات أمينها العام، ما دفع ببعض المحللين إلى التشكيك في حقيقة الخلاف القائم بين الطرفين واعتباره مجرّد مناورة سياسة تقوم بها الحركة للتغطية على فشلها في إدارة شؤون البلاد، أو على الأقل، الإنسحاب بشرف في ظل أوضاع إقتصادية وإجتماعية تزداد تدهورا وسوءا.