أثار كل من محمد ارزقي فراد أستاذ في التاريخ و سليم قلالة دكتور في العلوم السياسية اشكالية كيفية ترجمة قيم الشهداء الخلقية، والسياسية والوطنية إلى سلوك تتحلى به الأجيال المتعاقبة، ويقتبس منها المسؤولون السياسيون في تسيير شؤون الدولة، التي ينبغي أن تبنى وفق المعايير النوفمبرية.
أكد محمد أرزقي فراد خلال المداخلة التي قدمها امس في ندوة تاريخية حول يوم الشهيد المصادف لـ ١٨ فيفري من كل سنة نظمتها جمعية مشعل الشهيد بالتنسيق مع جريدة «المجاهد»، أن عدد شهداء الثورة التحريرية يفوق حسبه ٥ ملايين شهيد، بالنظر إلى سياسة الابادة التي مارسها الاستدمار الفرنسي لمسخ الأرض والشعب.
وأبرز أنه من الضروري أن يتم تعريف جيل اليوم والأجيال القادمة بقيمة هذه التضحيات التي قدمها الشهداء لاسترجاع السيادة الوطنية، حتى ينمو لديهم الوعي التاريخي، الذي يعد «صمام الأمان بالنسبة لهم».
وأوضح فراد أن دلالة الوعي التاريخي لا بد ان توظف يوم الشهيد من أجل اقامة الجسور المعرفية والتاريخية بين أجيال الاستقلال والتاريخ، عن طريق تدريس السجل الذهبي لكفاح الجزائر عبر التاريخ، عبر جميع مراحله، كما يمكن للمسرح والفن عموما أن يساهم في ذلك، مبرزا بأن للاعلام كذلك دور كبير ينبغي أن يلعبه في هذا المجال.
وتكمن أهمية هذا الوعي التاريخي في أن الأجيال إذا ما امتلكته، من الصعب جدا ان يعتدى عليه من قبل أي قوة كانت، بالاضافة إلى أن الدول التي يملكه شعبها تكون أكثر استقرار.
واعتبر أن تجريم الاستعمار يعد جوهر الوعي التاريخي، مشيرا إلى أن ما ارتكبته فرنسا لا يقل عن كونه جريمة انسانية، ويرى أن فعل «التجريم» لا بد أن يسبق مطالبة فرنسا بالاعتراف بجرائمها.
وبالنسبة للأستاذ فراد، فان التحدي الكبير الذي يجب رفعه في الوقت الحالي، يتمثل في كيفية تلقين الناشئة حب الوطن «في السراء والضراء»، ونعلم الأجيال المتعاقبة أن مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وتجاوز المصالح الضيقة، «لأن رسالة الشهيد أكبر من أن تحصر في فئة أبناء الشهداء».
«أسس التاريخ منع انهيار الدولة الجزائرية»
وفي نفس الاتجاه ذهب الدكتور سليم قلالة أستاذ العلوم السياسية والاعلامية بجامعة الجزائر، حيث ذكر أن بيان أول نوفمبر يعد وثيقة أساسية تقدم رؤية مستقبلية تقوم عليها أسس الدولة، وقد جنبت الجزائر مغبة الوقوع في الأزمات التي تعيش على وقعها دول عربية، نتيجة الحراك الذي دخلته، مشيرا إلى أن البعض منها ما تزال بعد مرور سنتين من الثورة ما تزال تناقش الاطار العام لدستورها في جو يسوده الاستقرار.
وأكد الأستاذ قلالة أنه من الضروري الانطلاق من الماضي من خلال دراسة مآثر الشهداء لبناء المستقبل، مذكرا باحدى مقولات الشهيد العربي بن مهيدي «نحن نمثل قوى المستقبل» لأن معرفة هذه الحقائق كما قال «تضمن استمرار الدولة ولا يمكن للرياح مهما كانت ان تزعزعها خلال ٥٠ سنة القادمة»، وأضاف ان «أسس التاريخ منعت الدولة الجزائرية من الانهيار في فترة من الفترات».
ودعا في سياق الحديث السلطات العمومية إلى الاعتناء بأرامل الشهداء، نظرا للتضحيات التي بذلتها لتربية أبنائهن على حب الوطن والتفاني في خدمته بدون طلب مقابل، مذكرا بأنه ابن شهيد، وقد كتب كتاب بعنوان «حلم والدتي»، يروي من خلاله حياة والدته كارملة شهيد، والعناء الذي كابدته لتربية ولديها حتى كبرا وتحصل كل واحد منهما على دكتوراه، المتحدث في العلوم السياسية، وأخيه في الطب، وهما يخدمان هذا الوطن الذي دفع والدهما نفسه من أجله.
وتجدر الاشارة إلى أنه تم عقب الندوة تكريم الأستاذين المتدخلين، وكذا ابنة شهيد تحمل شهادة عليا في الطب، بالاضافة إلى تكريم المجاهدة لويزة ايغيل احريز .
أساتذة في ندوة حول يوم الشهيد:
ترجمة قيم الشهداء إلى سلوك
حياة / ك
شوهد:256 مرة