يقع على عاتق كافة الفاعلين في الساحة الاقتصادية، خاصة رؤساء للمؤسسات العمومية والخاصة، التزام وطني مصيري بالنسبة لمستقبل الاقتصاد الوطني في ظل المؤشرات المالية الراهنة في مواجهة متطلبات التنمية.
في هذا الإطار، أعاد رئيس الدولة في اجتماع الوزراء الأخير، المخصص للمصادقة على قانون المالية للسنة المقبلة، النقاش إلى مساره، بالتأكيد على واجب التفاف الرأسمال الوطني العمومي والخاص حول برنامج النمو، بالارتكاز على التضامن والشراكة الإنتاجية وبالتالي تجاوز مرحلة جدل عقيم برز مؤخرا في واجهة المشهد الوطني.
من شأن هذا التوجه الصحيح، أن يسمح بتوظيف كافة القدرات الوطنية والمحلية واستغلالها لفائدة المؤسسة الإنتاجية ومن ثمة تعزيز قدرات الاقتصاد الوطني، خاصة في مجال الإنتاجية والتنافسية، الأمر الذي يجب أن يكون الشغل الشاغل للفاعلين، مع الحرص على الحافظ على قيمة التضامن والعدالة الاجتماعية في كل مسعى استثماري.
ولعل هذا ما ينبغي أن تثريه جلسات الثلاثية المرتقبة ببسكرة، منتصف الشهر الجاري، للخروج بتصور واقعي وشفاف يرسم معالم المرحلة القادمة في المديين القريب والمتوسط بحيث يمكن إنجاز أهداف الترشيد دون السقوط في مطبات التقشف الذي يتطلب تفاديه مضاعفة الجهد والزيادة من وتيرة العمل على كافة المستويات، خاصة داخل المؤسسات وفي الورشات، مع الرفع من درجة الحوكمة ومراجعة أنماط التسيير بالقضاء على كل الحلقات التي تشكل مصدر استنزاف للموارد.
وفي أوضاع تحمل من الصعوبات ما يقتضي إدراك الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين لخطورة المرحلة وتدارك تداعياتها، بعيدا عن التهويل وكل ما من شأنه أن يؤثر على معنويات عالم الشغل، فإن المتعاملين الوطنيين وحتى الشركاء الأجانب الذين وضعوا ثقتهم في السوق الجزائرية، مطالبون بالانخراط في الديناميكية الجديدة ومن ثمة المساهمة الحقيقية في الاستثمار المنتج في القطاعات التي تؤسس لبناء اقتصاد متنوع وإنتاجي متحرر من التبعية للمحروقات، على غرار الفلاحة الواسعة في الهضاب العليا والجنوب والصناعات الغذائية والتحويلية والطاقات المتجددة واقتصاد البيئة، إلى جانب السياحة والتكنولوجيات الجديدة، خاصة في الأدوية والمعلوماتية وغيرها من الفروع التي تملك فيها الجزائر مقومات وموارد طبيعية وبشرية معتبرة.
يقود كل هذا الالتزام «المواطني»، إلى استحداث فرص عمل تستوعب جانبا كبيرا من اليد العاملة التي تتطلع إلى وضع اجتماعي يوفر الاستقرار.
وتأتي دورة هذه الثلاثية، في سياق انشغال عميق للشركاء، الذين ينبغي أن يخرجوا بمعادلة سليمة ودقيقة تحافظ على مكاسب عالم الشغل والمؤسسات وتفتح آفاقا كبيرة للمستقبل من خلال وضع المصلحة الوطنية مظلة تحمي الاقتصاد الوطني بجميع مكوناته، بتوفير المناخ الهادئ والرصين لجمع القدرات الوطنية وتجنيد الموارد المحلية من أجل كسب معركة النمو التي يمكن إنجازها بإعادة توجيه بوصلة الاستثمار إلى الوجهة الصحيحة، مع الرفع من وتيرة التمويلات البنكية ضمن الضوابط القانونية ومعايير الشفافية وخاصة باعتماد المشاريع الواضحة والمنتجة للقيمة المضافة.
التفاف الرأسمال الوطني العمومي والخاص حول برنامج النمو
سعيد بن عياد
07
أكتوير
2015
شوهد:553 مرة