حصار الدول الناشئة في ستار النار
جماعات إرهابية مدججة بالسلاح تخترق الدول طولا وعرضا وتضرب من تشاء ومتى تريد. تحتل أراض شاسعة ومدن حسب تخطيط حربي دقيق، ولا تبالي بضربات التحالف الدولي وأجهزة التنصت والرصد، تستعرض انتشارها في استفزاز وتحد دون خوف من عيون الأقمار الصناعية المنتشرة في الفضاء بكمية مدهشة. إنها التنظيمات الإرهابية التي تتخذ في كل مرة تسمية، تختلف في أساليب الرعب والاجرام، لكنها تتقاطع في الأهدف والغاية.
تساؤلات كثيرة تطرح حول هذه التنظيمات التي تتمادى في ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية باسم الدين، من تكون ولمصلحة من تنشط، من يمول ويزود بالسلاح الفتاك للابقاء على حالة الرعب والاستقرار في المنطقة العربية، في وقت تنعم فيه الدولة العبرية بالأمن والأمان، وتتمادى في التنكر لمحتوى المفاوضات حول اقامة الدولة الفلسطينية، والاعتراف بحق عودة اللاجئين للعيش في وطنهم وفق حدود مرسومة حسب الاتفاق.
إنها أسئلة محيرة طرحت في ندوة نقاش بـ«منتدى الشعب”، شرحت خلالها الظاهرة الإرهابية التي تستمر في ارتكاب الجرائم، وهي جرائم تنفذها تنظيمات تطل علينا في كل حقبة زمنية ومرحلة تأخذ تسميتها وتحدد هدفها حسب الأجندة المطروحة من قوى خارجية، تحرك نعرات قبلية وطائفية بغرض الابقاء على المنطقة عرضة للاهتزازات والاضطرابات ومن ثم تأمين المصالح.
وقد أثار هذا الإشكال اللواء المتقاعد عبد العزيز مجاهد، في قراءة تحليلية لمشهد جيو استراتيجي متغير مضطرب، متسائلا كيف تخرج تنظيمات مثل ما يعرف بالقاعدة وداعش وبوكو حرام إلى الواجهة بهذا الشكل وتواصل مهمتها في ضرب مناطق بترولية تشكل مصدر قوة الغرب ومؤونته.
وزادت الصورة توضيحا أن هذه التنظيمات برزت فجأة في مناطق تعرف مشاريع استراتيجية، منها الأنبوب الغازي الرابط بين لاغوس والجزائر، والأنبوب الغازي القطري التركي المار عبر الأراضي السورية، وهذان الأنبوبان يشكلان مصدر قوة ونمو للدول المعنية في معركة اللحاق بركب التطور والاندماج في قائمة الدول الناشئة.
مناطق الاضطرابات التي ولدت فيها ما يعرف بـ«داعش” وقبلها القاعدة، وقعت في ستار الأزمات الممتد من المحيط الأطلسي إلى أفغانستان أو ما يطلق عليه سابقا بالشرق الأوسطية، وغايتها محاصرة المد الصيني والنهضة الهندية وروسيا المنتمية إلى الدول الناشئة. وهي أجندة أمريكية حسب مجاهد لاصطناع عدو وهمي بعد الانهيار السوفياتي وحشد قوة الصراع ضده وإقناع الرأي العام الغاضب بحشد القوات وتأهبها حفاظا على النفوذ والمصالح.
واستمدت مداخلات في ندوة النقاش على اطروحات منطقية، متسائلة كيف تمكنت القوات الأمريكية في بداية الحرب على العراق من إجهاض القوات العراقية التي قيل أنها كانت الرابعة عالميا وتدخل بغداد بأسهل ما يمكن، وتبدو أقل فعاعلية في مواجهته لـ«داعش” المستمر في عرض عضلاته والداعية لانتصاراته وتحدياته لقوى التحالف.
«داعش” صناعة مخبرية غربية مدرجة في أجندات ضرب المنطقة العربية لتمرير مشاريع التقسيم والتجزئة وورائها مافيا تصدير الأسلحة وجماعات الضغط والمصالح التي تخطط بلا توقف من أجل صناعة عدو وهمي يفرض كل هذا التجند وحشد القوات والاستنفار للابقاء على التفوق الأمريكي وزعامته للمعمورة قاطبة. هذا كلام يعترف به حتى المسؤولون الأمريكيون منهم ما ورد في كتاب كاتبة الدولة للخارجية السابقة هيلاري كلينتون، وهي شهادة جاءت بعد تسربات «ويكيليكس» التي سبقت العاصفة الهوجاء التي هبت على المنطقة العربية حاملة تسمية “الربيع.