محللون سياسيـون وخبراء أمنيون لــ«الشعب”:

استفحال العمليات الإرهابية ضرب للأنظمـة الديمقراطية

حبيبة غريب

 المقاربــة الجزائريــة مرجعيـة

تعد الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت يوم الجمعة أربع مناطق في العالم، فندقا بمدينة سوسة التونسية ومسجدا بالكويت وقاعدة لبعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال “أميسوم” ومصنعا بمنطقة أيزار بفرنسا، بمثابة الضربة القوية التي حاول من خلالها التنظيم الإسلامي أو الجماعات الإرهابية المسلحة فرض سياسة الرعب والتخويف على العديد من الحكومات وشعوبها، وزعزعة الأنظمة الجمهورية والديمقراطية بالعالم الإسلامي والعربي. إنها وضعية توقفت عندها «الشعب» لرصد آراء الخبراء في هذه الجرائم وتداعياتها.

فسر المحلل السياسي أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية د.اسماعيل دبش، أحداث الجمعة الدامية وأسبابها بقوله في تصريح لـ«الشعب” أنه لا يفصل ما يحدث من إرهاب وتصعيد عن الإستراتيجية العالمية لضرب الدول الوطنية في العالم العربي والإسلامي، والتأكد من الفوضى المتزايدة بغض النظر عن نوعية النظام السياسي سواء كان ديمقراطيا تعدديا أو ملكيا أو من نوع آخر”.
 وأضاف د. دبش في سياق حديثه، أن “هذا يفسر الممارسة الإرهابية المتكررة في الدول العربية والإسلامية، أما ما يحدث في أوروبا فهو إفرازات لذلك، فالأوروبيون والغرب يجنون اليوم دعمهم للعمل المسلح بالمال والسياسة للعناصر الإرهابية ضد الحكومات الشرعية في الوطن العربي، على غرار ما يجري في سوريا”.
ويرى المحلل السياسي أنه لابد من أخد هذه الضربات ونتائجها الوخيمة بعين الاعتبار وبجدية أكثر من ذي قبل، معتبرا “أن على شعوب ودول العالم سواء بالجنوب أو الشمال، وحتى حكوماتهم، أن تتضامن ضد الإرهاب الذي تؤطره وتدعمه عناصر اقتصادية ومالية وعالمية، بغض النظر عن المكان والزمان.”
 وفي شان آخر أكد د. دبش على أن “هذا التصور يعكس بقوة مطالبة الجزائر لتحديد مفهوم الإرهاب وطريقة محاربته، بداية من وقف التمويل والدعم السياسي الذي تقدمه له بعد الدول الإقليمية والغربية، تحت حجة دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان مثلما يحدث للنظام السياسي بسوريا وبأماكن أخرى من العالم، كما أنه يوميا يكشف أن العملية تعطي وعيا أكثر للخلفيات والأبعاد للإرهاب الذي لا علاقة له بالمعتقد الإسلامي وسلوك وممارسة المسلمين.”
 واستنكر من جهته اللواء المتقاعد عبد العزيز مجاهد العمليات الأربع، معتبرا إياها ترهيبا وجلجلة يستعملها ما يسمى بتنظيم «داعش» لجلب الضجة الإعلامية التي تخدم مخططاته ومصالح من يموله ويدعمه من قوى امبريالية تسعى لضرب الأنظمة الديمقراطية الإسلامية والعربية خصوصا كما هو الشأن في سوريا والعراق.
واستغرب مجاهد في تصريح لـ«الشعب” الدور السلبي الذي يلعبه الإعلام في تغطيته للعمليات الإرهابية التي راح ضحيتها مسلمون، في حين لا يتحدث مطلقا على العملية التي نفدها الأمريكي داخل الكنيسة بالولايات الأمريكية المتحدة وهي عملية إرهابية أيضا باسم الدين.
محاربة الفكر التكفيري والإجرامي من الأولويات
وأكد مجاهد أن هذه العمليات لدليل قاطع على خطط الامبريالية الغربية التي تبحث جاهدة على خلق عدو بمنطقة الشرق الأوسط ودول إفريقيا يفيد سياستها وينفع اقتصادها، مشيرا إلى صفقات السلاح التي شهدها مؤخرا الشرق الأوسط وإلى الزيارات المتعددة للمسؤولين الأمريكيين لتونس بغية إنشاء قاعدة «أفريكوم» على أرضها، إلى جانب الإستراتيجية المتبعة لخلق مناخ نافع ومفيد من الناحية السياسية للهيمنة عليها اقتصاديا ولتسهيل مصالح ومشاريع تجار ومصانع الأسلحة.
وقال المتحدث بشأن مساعي الجزائر الرامية لحمل الدول العربية والإسلامية والغربية على توحيد الجهود لمحاربة الإرهاب، أن هذه الأخيرة وبحكم الدبلوماسية وقواعد العلاقات الدولية قد لمحت مرارا وتكرارا للعالم أن “من خلق الإرهاب ويستخدمه ويوجهه هو الغرب الامبريالي وحلفاؤه وعملاؤه”.
وندد مجاهد بإستراتيجية الأنظمة التي تستمل اليوم الفكر التكفيري والإجرامي الذي وضعه الاستعمار والتي تشجع وتدعم الجماعات الإرهابية التي تستهدف بقوة أمن واستقرار الأنظمة الجمهورية التي لا تستجيب لإستراتيجيتها، مستعملين الديانات والمذاهب، على أن يبقى السؤال لماذا داعش السنية تضطهد الأكراد السنيين؟.
 وعن إستراتيجية مكافحة الإرهاب التي يلزم إتباعها على الصعيد الدولي، أجاب مجاهد بقوله أن الإرهاب يهدد الكل وعلى الجميع أن يتصدى له سياسيا واقتصاديا وفكريا واجتماعيا وعقائديا، وعليه أن يخرج من عادة تجاهل الأسباب والتعامل مع العمليات الإرهابية بالانفعال، كما الكل ملزم بتجنيد كل الطاقات والتنسيق وتوفير رؤية سديدة وإستراتيجية قائمة على قيم نبيلة والتحلي بإرادة فولاذية لمواجهة هذا العدو المشترك.
الجيش التونسي لم يتأهب بما يكفي
ووصف من جهته الخبير الأمني محمد خلفاوي في تصريح لـ«الشعب”، العمليات الإرهابية “تطبيق لفكرة الهلع والخلع التي يمتهنها الإرهاب، وإعطائه دليلا على تواجده في أماكن متعددة وعلى قدراته على تجنيد الشباب لتنفيذ العمليات الانتحارية”.
واستغرب خلفاوي من ردود فعل الجيش والسلطات التونسية وضعف تأهبها لمواجهة العمليات الإرهابية، كون الجميع يعرف أن الإرهاب يعتم على المباغتة والخدعة وأنه يكتف أساسا من ضرباته خلال شهر رمضان وأيام الجمعة، كما أنه سبق وأن سجل العديد من العمليات المماثلة بتونس.
 فكان ـ يضيف خلفاوي ـ على الجيش والسلطات التونسية أخد هذه المعطيات بعين الاعتبار، والحيطة وكل التدابير اللازمة إلى جانب التدخل السريع خلال أو بعد العمليات مباشرة، وهي الإستراتيجية ـ يضيف الخبير ـ التي تعتمدها القوات الفرنسية، التي تواجدت في الـ10 دقائق التي تلت العملية بعين المكان.
وأشار خلفاوي أن الضربة الإرهابية الموجهة إلى فرنسا هي تحذير لها لتدخلها ميدانيا في مكافحة الإرهاب سواء بمالي، ليبيا وسوريا وإفريقيا الوسطى.
وأضاف المتحدث في سياق آخر أن تنظيم داعش الذي تدعمه أمريكا سياسيا أنشئت لدرب الأنظمة الديمقراطية وللحفاظ على العروش الملكية بالشرق التي تخدم مصالحهم الاقتصادية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19529

العدد 19529

الأحد 28 جويلية 2024
العدد 19528

العدد 19528

السبت 27 جويلية 2024
العدد19527

العدد19527

الخميس 25 جويلية 2024
العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024