جمال عيدوني، رئيس النقابة الوطنية للقضاة لـ “الشعب”:

اللّجوء إلى الحبس المؤقت وفقا للمعايير الدولية

سعيد بن عياد

اللّجنة الوزارية أنهت أشغالها وننتظر النتائج

ثمّن جمال عيدوني، رئيس النقابة الوطنية للقضاة، حرص وزير العدل على مراجعة وترقية إجراءات الحبس المؤقت من خلال العمل المعمق الذي تكفلت به اللجنة المختصة ذات الصلة، في انتظار أن يكشف وزير العدل حافظ الأختام عن فحوى النتائج المتوصل إليها، والتي تندرج بالتأكيد في إطار التحسين المتواصل لإجراءات التقاضي وترقية حقوق الإنسان.
وأكد في لقاء مع “الشعب” أن هذا الإجراء القانوني الساري المفعول يتم خاصة من حيث الآجال (أقصاها 56 شهرا في القانون الجزائري و4 سنوات في القانون الفرنسي) وفقا لمعايير دولية لا تختلف عما هو معمول به في بلدان متقدمة، مشيرا إلى انه ضرورة يلجأ إليها بالنظر لاعتبارات موضوعية منها مثلا، خطورة المتهم، قلة الضمانات التي يقدمها، خشية تأثيره على الشهود أو عدم التزامه بشروط الرقابة القضائية. وأوضح أن الإحصائيات الرسمية تفيد بأن اللجوء إلى الحبس المؤقت على مستوى قضاة التحقيق لا يتعدى 6٪ من إجمالي القضايا المسجلة وأقل من 11٪ بإضافة غرف الاتهام.
ودعا بشأن هذه المسألة التي تثير جدلا لا يتوقف في مختلف الأوساط  إلى الحرص دائما على تطبيق هذا الإجراء المقيد للحريات بطريقة عادلة على المواطنين المعنيين انطلاقا من طبيعة الجريمة المتابعين بها ذلك انه لا يوجد متّهم مميز عن غيره من عامة الناس متمسكا بالدفاع عن مبدأ مساواة كافة المواطنين أمام القضاء، واستهجان قيام جهات محسوبة على الدفاع بإثارة ضجة حول هذا الموضوع لحسابات تجارية أو مهنية أو حب الظهور.
وللإشارة، تتراوح مدة الحبس المؤقت تبعا لطبيعة الاتهام في الجنح من 20 يوما إلى 8 أشهر وفي الجنايات من 12 شهرا إلى 56 شهرا باحتساب التجديد.
قانـون مكافحة الفسـاد جيّـد ويراهـن علـى الوقايــــة...
وبخصوص مكافحة القضاء للفساد الذي يحتل صدارة المشهد حاليا سجل وضوح الإرادة السياسة للدولة بمكافحة كافة أشكال الفساد من رشوة وتبديد للمال العام واستغلال النفوذ، مشيرا إلى أن الظاهرة عرفت استفحالا على المستوى العالمي، مما أدى إلى صدور نداء جنيف بمبادرة من 7 قضاة دوليين على اعتبار أن جرائم الفساد تضر بالتنمية وتهدد الدخل الفردي ويؤدي إلى إفقار الشعوب.
وحسب تقديرات البنك العالمي يقدر الحجم المالي للفساد في العالم كله 1 تريليون دولار سنويا وكل دولار منه يؤدي إلى خسارة 1,7 دولار. كما أن الدول الأقل فسادا تحقق نموا للدخل الوطني الخام بـ 3 مرات كما هو بالنسبة للدانمرك الأولى في التصنيف العالمي للبلدان الأقل فسادا بينما ترتفع نسبة وفيات الأطفال 3 مرات في الدول الأكثر فسادا. أما بالنسبة للبلدان العربية يضيف محدثنا، فإنها تفقد جراء الفساد ما يعادل 40 بليون دولار، حسب تقديرات البنك العالمي وهو مبلغ يكفي لإحداث 20 مليون فرصة عمل في السنة، بينما يحتاج الوطن العربي لمعدل 5 ملايين فرصة عمل سنويا لمواجهة البطالة.
واعتبارا أن الرشوة أصبحت ظاهرة دولية عابرة للحدود ظهرت اتفاقية “فيريدا” التي أقرتها منظمة الأمم المتحدة في 2003 ومنها جاءت أحكام قانون مكافحة الفساد والوقاية منه سنة 2006. وبلسان رجل القانون المتمرّس وصف جمال عيدوني قانون مكافحة الفساد الجزائري بالجيد غير انه يرتبط ذلك بمن يكلف بتطبيقه ومن ثمة لو يطبق بحذافيره سيحقق النتائج المرجوة.
وأضاف بأن هذا القانون يتضمن أحكاما تتعلق بالوقاية من الفساد داعيا رؤساء المؤسسات والمتعاملين بمراجعته والاستفادة منه بوضع ميكانيزمات داخلية تؤسس لأخلاقيات الممارسة المهنية من حيث تسيير المال العام وتوظيف الكفاءات وإسناد المسؤوليات، مؤكدا أن هناك قاعدة بأن الرجل النزيه لا يطلب المسؤولية بل على صاحب العمل ورئيس المؤسسة أن يثق في الكفاءات النزيهة. كما حمّل كل من المدرسة والأسرة جانبا من المسؤولية في ترسيخ ثقافة مكافحة الفساد ونبذه من الأساس بترقية سلّم القيم وأخلقة الحياة العامة. وضمن هذا التوجه من الضروري اعتماد معيار النزاهة في تأطير المنظومة المالية والاقتصادية بكفاءات تتمتع بالنزاهة وهي ثروة توجد في المجتمع ويكفي أن توضع الثقة فيها.
احترام أخلاقيات المهنة وقرينة البراءة
وعن دور وسائل الإعلام في بناء منظومة سوسيو اقتصادية سليمة سجل محدثنا الدور البارز والحساس للإعلام بكافة أنواعه في وقت أصبح يتابع فيه عن كثب وبأدق التفاصيل مجريات ملفات مكافحة الفساد، ألا إنه شدّد على أهمية التزام قواعد أخلاقيات المهنة واحترام قرينة البراءة، معتبرا أن دور الإعلام يكمن في إعطاء الخبر دون التعليق على مجريات القضايا التي هي في طور التحقيق. وحول سؤال يخّص إعطاء وزير العدل تعليمات للقضاء بتحريك الدعوى العمومية، أوضح رئيس نقابة القضاة أن هذا الأمر طبيعي ويندرج ضمن صلاحيات الوزير الذي يرأس النيابة العامة ويحق له إعطاء تعليماته وتوجيهاته خاصة وأنه من أسرة القضاء ويعرف خباياها مما يؤدي بالضرورة إلى تحسين الأداء لفائدة المتقاضين وسيادة القانون.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19528

العدد 19528

السبت 27 جويلية 2024
العدد19527

العدد19527

الخميس 25 جويلية 2024
العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024