جريمــة فرنسيــة بلا متابعــة قضائيــــــة

سهام بوعموشة

علي هولاند الاعتراف بما ارتكب في حق الجزائريين

استعرض الأستاذ الجامعي المختص في التاريخ علي تابليت، الجانب التاريخي لمجازر الثامن ماي 1945، مصححا بعض الأخطاء الواردة في المصطلحات التاريخية والتي ما نزال نتداولها مثل عبارة «المعمرين» التي تثبت أقوالهم بأن الجزائر كانت خاوية وعمروها وهذا خطأ، والأصح المستوطنين كونهم اغتصبوا أرضنا، مؤكدا أن 8 ماي 1945 هو مجزرة منظمة في حق الجزائريين الذين طالبوا بحقوقهم مع المستوطنين.
أوضح علي تابليت في عرضه التاريخي، أن مشاركة الآلاف من الجزائريين في الحرب العالمية سواء الأولى أو الثانية والذين ماتوا دفاعا عن علم فرنسا، وخاصة إصدار الفتاوى من طرف الزوايا المغاربية في ماي 1916، مضادة للتي أصدرتها الخلافة العثمانية في الحرب العالمية الأولى بأسماء وتوقيعات رؤساء الزوايا المغاربية، وبحسب تصريحاتهم أن من مات دفاعا عن فرنسا مصيره الجنة.
وأضاف في حديث لـ»الشعب» أن فرنسا لم تكتف بهذا بل طلبت من مجموعة من الأشخاص بعنوان: «تحية العلم الفرنسي»، وهم مجموعة من رجال الدين بجميع أصنافهم من المفتي، الإمام والخطيب والقضاة وجميع العاملين والذين لهم ولاء لفرنسا مثل بوعزيز بن قانة، وغيرهم، قائمة أسماءهم طويلة منشورة في مجلة العالم الإسلامي الصادرة سنة 1900، وعدد صفحاتها  176 صفحة، مشيرا إلى أنه في كل صفحة، نجد صورة وتصريح من الأشخاص الموالين لفرنسا في الحرب العالمية الأولى.
وأبرز الأستاذ الجامعي في هذا الإطار، أنه في المجال العسكري خلال الحرب العالمية الثانية يوجد الآلاف من المجندين والمتطوعين، أما في المجال الصناعي أجبر الجزائريون إلى الذهاب لفرنسا لتعويض الفرنسيين في المصانع الحربية والاقتصادية.
وقال أيضا أنه بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وقعت مسيرات فرح في فرنسا وأوروبا، ابتهاجا بالنصر ضد النازية والفاشية كما كانوا يسمونها، حيث قابلتها حركة وطنية جزائرية بداية من نجم شمال إفريقيا، جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، الحزب الشيوعي الجزائري في ظل الحزب الشيوعي الفرنسي، حزب الشعب، الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري.
وأضاف محدثنا أنه بعد انهزام فرنسا في جوان 1940، بدأت الحركة الوطنية تكشر عن أنيابها لمطالب أكثر، فخرجت في مظاهرات ومسيرات، من جملتها مسيرة أول ماي التي قتل فيها الآلاف من الشباب الجزائري في العاصمة وموجودة أسماءهم في شارع العربي بن المهيدي.
وعن كيفية ظهور الحركة في سطيف، أوضح تابليت أن فرحات عباس قال أنه برئ، ومصالي الحاج نفس الشيء، مشيرا إلى أنه  من المؤكد أن مظاهرات 8 ماي 1945 التي وقعت في سطيف، ڤالمة وخراطة كانت حركة وطنية، حيث مات فيها أكثر عدد من الجزائريين، كما وقعت مظاهرات في سائر الجزائر، وحسب الأستاذ فإن الجيش الفرنسي كان يجمع الجزائريين مثل السجائر وتمر عليهم الدبابات، ويأخذون أعيان العشائر بالطائرات ويرمونهم، كما أنهم كانوا يقرعون بطون النساء الحوامل إن كان ما في الحمل ذكر أم أنثى، هذا في سطيف.
وفي قالمة كانوا يأتون بعشرين يقتلونهم، ثم يأتون بعشرين آخرين ليدفنوا الموتى وهكذا دواليك وفي خراطة نفس الشيء، وحسب الأرشيف الأمريكي موجود تفاصيل أكثر عن الثامن ماي 1945،  تذكر عدد الطائرات وأسماء الطيارين، والوقت الذي تقنبل فيه الطائرات والأطنان التي تصب على القرى، مضيفا أن هذه القرى سويت على سطح الأرض بالطائرات التي كانت تأتي من الجزائر، ومن عين أرماد بسطيف وحتى من تونس والبعض الآخر يقول حتى من المغرب، إلى جانب البارجة الحربية الأمريكية في ميناء بجاية والتي كانت تضرب القرى فيما وراء بجاية.
وفي هذا السياق، اعتبر تابليت 8 ماي 1945 بالمجزرة المنظمة في حق الجزائريين الذين يطالبون بحقوقهم وبالمساواة مع المستوطنين، مصححا كلمة «معمرين» لأن الكثير من الطلبة والباحثين ومسئولينا يذكرون دائما معمرين فهذا غير صحيح، قائلا أن هذه الكلمة تعني أننا نثبت أقوالهم بأن الجزائر كانت فارغة فجاؤا يعمرونها.
وحسب الأستاذ الجامعي أن فرنسا أحصت عدد موتاها وحصروها في 103 شخص، في حين موتانا من الجزائريين تذكر تقاريرهم ما بين 500 و1500 شخص، لكن فيه مجلة تابعة للجيش الأمريكي بعد الإنزال البريطاني الأمريكي بتيبازة في 8 نوفمبر 1942، حيث تذكر في حدود 15 ألف إلى جانب تقرير الأمين العام للجامعة العربية.

العراق طالبت بقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع فرنسا

وعن ردود الفعل قال محدثنا أنه، على الصعيد العربي طالبت العراق من الأمم المتحدة والبلدان العربية أن تعلن عن موقفها من هذا الفعل الشنيع وقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع فرنسا، بحيث أن المرحوم الشاذلي المكي الذي كان يمثل حزب الشعب الجزائري في القاهرة، نظم الذكرى الأولى للمجازر في مقر الإخوان المسلمين بحضور شخصيات عربية وإسلامية، وكان له صدى في المشرق العربي لأن المشرق في السابق لا يعرفون الشعب الجزائري بالشكل المطلوب.
وفيما يتعلق بتصريح الرئيس الفرنسي بأننا كنا في حرب، قال تابليت أن هناك حساسية فيما يتعلق بماضي فرنسا، كما أن هذه المجازر ليست الأولى بداية بقبيلة العوفية بالحراش سنة 1832، تلتها مجزرة في الشلف، القبائل، في الجنوب، في الأوراس أين دمرت القرى تماما، زيادة على الجرائم الثقافية، مصادرة الأملاك والقضاء على الحرف.
داعيا هولاند إلى مراجعة التاريخ وقراءة ما ارتكبته فرنسا في حق مستعمراتها، حيث كانت تعتبر الجزائريين مجرد رعايا مسلمين، إلا قانون 1947 الذي اعترف باللغة العربية كلغة من لغات الاتحاد الفرنسي، وكان جزاء الذين دافعوا عن حرية فرنسا في الحرب العالمية الثانية القتل بعد اندلاع الثورة، منهم عائلة خزار وبلقاضي، مضيفا أن ذاكرة الجزائر باقية وأن الأجيال القادمة ستبحث لا محالة عن التاريخ الحقيقي قائلا: «التاريخ بيننا تملأه صفحات وبحر من الدماء مثلما قال الرئيس الراحل هواري  بومدين».

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19528

العدد 19528

السبت 27 جويلية 2024
العدد19527

العدد19527

الخميس 25 جويلية 2024
العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024