تعزيز الجبهة الداخلية لحماية المكاسب وإحباط التهديدات

سعيد بن عياد

سطّر رئيس الدولة في رسالته بمناسبة إحياء ذكرى عيد النصر الموافق لـ19 مارس ورقة طريق كفيلة بأن توفر المناخ الإيجابي لتعزيز بناء الجبهة الداخلية للجزائر في مواجهة التحديات التي تلقي بظلالها حاملة مخاطر عديدة تتطلب حشد الطاقات الوطنية وانخراطها في مسعى الحرص بروح وطنية عالية على تجنيب الجزائر دولة ومجتمعا ما تحيكه بعض الدوائر المعادية من حولنا مرتكزة على عولمة كاسحة ومحاولة دون جدوى التسلل إلى الداخل مستثمرة في مسائل يعرف الجزائريون الشرفاء كيف يعالجونها.
وبالفعل تعدّ الجبهة الداخلية في مثل هذه الظروف الإقليمية والدولية أولوية، كونها الجدار المتين الذي يحمي البلاد والمواطنين من كافة التهديدات المعلنة والخفيّة، في ظل تكالب قوى نافذة في النظام العالمي الجديد على بلدان ناشئة تحرص على حماية مكاسبها وتوظيف مواردها للتنمية والرقي دون التفريط قيد أنملة في السيادة الوطنية.
هذه الأخيرة، وهي بمثابة تاج على جبين الجزائريين جيلا بعد جيل انتزعت من مخالب الاستعمار الفرنسي بعد أن خاض الشعب الجزائري ثورة أول نوفمبر الخالدة بعزيمة لا تلين وقدّم قوافل طويلة من الشهداء البررة.
ويمثل الحوار البنّاء أحد ركائز الجبهة الداخلية في إطار الانسجام والهدوء، بعيدا عن ملاسنات ومشاحنات لا تقدم النموذج اللائق للأجيال الصاعدة وتقلل من شأن أصحابها في الذاكرة الجماعية مقارنة بالعطاءات والتضحيات الجسام التي بذلها الشهداء والمخلصون ممن تحمّلوا مشقة تحرير البلاد وتخليص العباد من ليل استعماري مورست  فيه أبشع أنواع التقتيل والإبادة والاحتقار وسلب الخيرات. وبالضرورة لا يمكن أن يسقط الجزائريون في فخ الاختلاف المفتوح على مغامرات محفوفة المخاطر تصبّ في صالح المتربّصين بمكاسبهم والمهدّدين لمستقبلهم في عالم يتصارع فيه كبار العالم على الموارد الطبيعية والكفاءات والأسواق، ومن ثمة الزج بالمجتمعات المستهدفة في متاهات التمزّق حتى تتحول إلى لقمة سائغة. والواقع مهما كانت توجهات البعض، وقراءات البعض الآخر للقضايا المطروحة على الساحة، فان روح المسؤولية تجاه الأمة برمّتها تقتضي التزام كافة الشركاء خط سير هادئ ومتبصّر بعيدا عن السقوط في التعصّب للموقف أو التشدّد في الرأي، والاقتناع إراديا بان الشعب الجزائري هو مصدر السلطة وصاحب المصلحة الأول ومن ثمة لا يمكن بأي شكل من الإشكال تعريضه لأخطار ستعصف بحقوقه في التنمية وتضعف من ثقله في مواجهة العولمة الزاحفة على المجتمعات السلبية التي تغرق في جدال لا يغني ولا يسمن من جوع ويزج بها من بعض بني جلدتها في أتون الكراهية والتشرذم فتضيع أسباب القوة وتتبعثر الخيرات.
إن الوضع الاقتصادي الراهن والظرف الإقليمي والدولي الخارج عن السيطرة، يقتضي من جميع المخلصين والمدركين للتحديات إعادة قراءة المؤشرات ومراجعة التقديرات بما يخدم المصلحة الوطنية ويعزز من عرى الوحدة الشعبية التي لم تتأثر أبدا بأي أسطوانة، وكان الشعب الجزائري ولا يزال متميّزا بالتمسك ببعضه البعض متجاوزا الجغرافيا والمرجعيات الفكرية، وفي الماضي القريب فقط، قدّم ملحمة أخرى في التضامن والصبر على الشدائد والتهديدات فلم ينكسر أمام عشرية إرهابية غير مسبوقة في العالم، مرتكزا على رصيد تاريخي مشهود له، وعلى قوة عمل أبنائه وإدراكهم لما يحوم حول بلدهم، وعلى جيشه الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني الساهر على حماية الحدود الوطنية المسطّرة بالدماء الزكية للشهداء وحماية مقدّرات الأمة الاقتصادية كما أكده سنة 2013 في التصدي باحترافية راقية وبطولة انتزعت اعتراف الشركاء للاعتداء الإرهابي الخارجي متعدد الجنسيات على مصنع الغاز بتيڤنتورين.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد19527

العدد19527

الخميس 25 جويلية 2024
العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024