الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يعترف أمام ممثلي الشعب:

''الجزائر خضعت لمدة 132 سنة لنظام عنيف، جائر وغير عادل ''

قصر الأمم: فريال/ب

اعترف الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، أمام ممثلي الشعب من نواب المجلس الشعبي الوطني وأعضاء مجلس الأمة بـ«المعاناة التي كبّدها النظام الاستعماري الفرنسي للشعب الجزائري»، مضيفا «التاريخ وان كان مأساويا ومؤلما لا بد أن يقال وسأقوله أمامكم، الجزائر خضعت لمدة ١٣٢ سنة لنظام عنيف وغير عادل وجائر، هذا النظام له اسم انه الاستعمار، وأعترف بالآلام التي تسبب فيها الاستعمار للشعب الجزائري، منها مجازر سطيف وخراطة وقالمة في ١٩٤٥».حرص الرئيس هولاند في مستهل خطابه الذي ألقاه، أول أمس، في جلسة برلمانية استثنائية بقصر الأمم، على التوضيح بأنه يعي حجم «أهمية الحدث وكبر الرهان» في إشارة إلى الزيارة التي قادته إلى الجزائر على مدى يومين التي تفتح لعهد جديد وصفحة جديدة، لافتا إلى أن «قبل ٥٠ سنة افتكت استقلالها بعد حرب دامت ٨ سنوات منتزعة نفسها من فرنسا» مؤكدا بأنه وان «بدت ٥٠ سنة قصيرة في سلم التاريخ لكن أي طريق قطعته الجزائر بعد ١٩٦٢، الجزائر دولة محترمة، يحسب لها حساب، ولها وزن كبير، جزائر ديناميكية تتوفر على موارد معتبرة ويعيش اقتصادها على وقع حركية»، وفي ختامه خلص إلى القول «الاعتراف بالماضي باحترام الذاكرة كل الذاكراة».
وبعدما ذكر بتاريخه الشخصي مع الجزائر الذي بدأ حينما قدم إليها في عام ١٩٧٨ لشغل منصب بالسفارة الفرنسية، أوضح الرئيس الفرنسي بأن الجزائر اليوم بلد الشباب لأن نصف سكانها عمرهم يقل عن ٢٦ سنة، ولم يفوت المناسبة للتذكير بأن «الجزائر الشجاعة في التاريخ، قطعت مرحلة الإرهاب بكرامة ووحدة، الجزائر الفخورة بماضيها»، قبل أن  يفرد «السؤال المطروح لبلدينا بسيط وخطير، هل نحن قادرون على كتابة صفحة جديدة من التاريخ» وفي رده على السؤال قال «أعتقد، أتمنى، أريد ذلك»، انطلاقا حسبه من الروابط الإنسانية واللغوية والاقتصادية»، وخلص إلى القول «هذه الصداقة لتعيش وتتطور، لا بد أن تقوم على أساس هو الحقيقة، نحن مدينون بذلك إلى كل من يريدون فتح صفحة جديدة». ونبه إلى أنه «لاشيء يبنى في النسيان والكتمان والإنكار»، وبأن «الحقيقة لا تخرب وإنما تصلح ولا تشتت وإنما تجمع»، قال الرئيس هولاند في خطابه الذي وان تركز على الذاكرة مثلما كان متوقعا، إلا أنه لم يغفل الجوانب الأخرى لاسيما منها مستقبل العلاقات الجزائرية الفرنسية، «التاريخ وان كان مأساويا ومؤلما، لا بد أن يقال، وسأقوله أمامكم «الجزائر خضعت لمدة ١٣٢ سنة لنظام عنيف وغير عادل وجائر، هذا النظام له اسم انه الاستعمار، وأعترف بالآلام التي تسبب فيها الاستعمار للشعب الجزائري، منها مجازر سطيف وخراطة وقالمة في ٨ ماي ١٩٤٥ الراسخة في ذاكرة الجزائريين»، مقرا أنه في هذا اليوم الذي انتصرت فيه قيم العدالة والحرية، أخلت فرنسا بالقيم العالمية».
وبالمقابل، أردف ذات المسؤول «نحترم الذاكرة ، كل الذاكرة، الحق في الحقيقة»، مقرا بأن «بالعنف واللاعدالة والمجازر والتعذيب التي ارتكبها الاستعمار»، مشددا على ضرورة تمكين المؤرخين من الوصول إلى الأرشيف، «لا بد من تعاون في هذا الاتجاه ورغم كل شيء تبقى العلاقات استثنائية بين الجزائر وفرنسا»، مذكرا بأنه رغم الظروف الإنسانية الصعبة إلا أنه تم إقامة علاقات إنسانية وذكر في هذا الصدد ميصالي الحاج.
وفي هذا السياق، قال الرئيس الفرنسي بأن الكلمات التي قالها رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، في خطابه بسطيف في ماي الفارط والذي دعا من خلاله إلى قراءة موضوعية للتاريخ، هي كلماته اليوم، مضيفا بأن القرب الذي يتحدث عنه واقع وليس مجرد يقوم على الروابط الحميمية بين الجزائر وفرنسا.
''الجزائر وفرنسا محرك لبناء وحدة المتوسط''
وفي سياق مغاير، رافع لأن تكون الجزائر وفرنسا محركا لبناء وحدة المتوسط مثلما كانت فرنسا وألمانيا محركا لبناء أوروبا، وتحدث عن مشاريع فعلية في كل المجالات منها التربية، كما أنه أكد أنه «بمناسبة الزيارة يمكن لبلدينا فتح صفحة جديدة وعهد جديد، شراكة متساوية»، وذلك من أجل رفع ٣ تحديات على مدى الخمسة أعوام المقبلة في إطار إعلان الصداقة، أولاها اقتصادي مشددا على ضرورة «المرور إلى السرعة القصوى في التبادل والاستثمار والانجازات المشتركة، مقرا بـ«وجود انسداد» وحرص على التوضيح في هذا الجانب «لست هنا للقيام بالتجارة، وإنما لتسجيل وقت جديد»، مبديا فخره بكون «فرنسا أول مستثمر وأول ممون وثالث زبون»، إلا أنه غير كافي وفق تقديره.
وعلاوة على التحدي الاقتصادي، ذكر التحدي المتعلق بتنقل الأشخاص لافتا إلى أن فرنسا تمنح ٢٠٠ ألف تأشيرة للجزائريين، مؤكدا بأن «الحاجة إلى التنقل لا بد أن لا تكون عائقا أو اهانة»، وبعدما أشار إلى الإبقاء على اتفاقيات ١٩٦٨، أكد اتخاذ كل الإجراءات لاستقبال جيد ومنحها في أحسن الآجال لأن الأمر يتعلق بـ«قضية احترام ومصلحة»، مضيفا «وننتظر من الجزائر أمام الفرنسيين»، كما أعلن عن إقامة دار الجزائر في جامعة باريس لاستقبال الطلبة الجزائريين الذين ينبغي أن يعودوا إلى بلدهم بعد إنهاء دراستهم.
فيما يتعلق التحدي الثالث بالسلم والأمن في العالم، موضحا في هذا الشأن بأن للجزائر وفرنسا مبادئ تعد قاسما مشتركا على المستوى الدولي الاستقلال، السيادة واحترام الشعوب، والى ذلك ذكر قاسما آخر يتمثل في التهديدات الإرهابية، مشيرا إلى أن «العالم يعيش تحولات البعض منها في اتجاه ايجابي سلبي، والآخر في اتجاه ايجابي، هناك شعوب انتفضت ضد الدكتاتورية ، كل بلد لا بد أن يجد طريقه ، هناك شعوب تريد أخذ مصيريها بأيديها، دور الجزائر وفرنسا مرافقتهم في ذلك»، ولتأكيد توافق البلدين ذكر بأن فرنسا مثلها مثل الجزائر تماما صوتت لصالح عضوية فلسطين في الأمم المتحدة.
وتطرق هولاند إلى أزمة مالي وقال في هذا الشأن «أهنئ نفسي» بتوافق الرؤى بين البلدين، مفيدا في سياق موصول «لا بد أن نواجه الأزمة، لا بد أن نترك الأفارقة يقررون بسيادة لاسترجاع مالي لسيادته»، مؤكدا على ضرورة تشجيع الحوار السياسي بين الأطراف التي تحترم وحدة مالي ولا تقبل الإرهاب».

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024