تم، أمس الأول، بالجزائر العاصمة، التوقيع على إعلان الأطراف المشاركة في مسار الجزائر، من قبل مختلف الأطراف المالية، تحت إشراف الوساطة الدولية للحوار المالي بقيادة الجزائر.
وأكد وزير الشؤون الخارجية، رمطان لعمامرة، الذي ترأس مراسم التوقيع، إلى جانب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) الحامدي المونجي، أن الإعلان يرمي إلى «تحسين المناخ العام الذي يطبع هذا المسار وإعطائه دفعا جديدا من حيث الثقة وتعزيز وقف إطلاق النار في الميدان».
وأوضح لعمامرة، أن توقيع الأطراف في مسار الجزائر على الإعلان، يهدف إلى إعطائه «دفعا جديدا من حيث الثقة وتعزيز وقف إطلاق النار على أرض الميدان»، مضيفا أن الأمر «يتعلق بوثيقة تم التفاوض حولها ومناقشتها مع الأطراف والوساطة لعدة أيام، بهدف إعطاء المناخ العام لهذا المسار دفعا جديدا، من حيث الثقة وتعزيز وقف إطلاق النار على أرض الميدان».
واسترسل رئيس الدبلوماسية الجزائرية قائلا، إن «الأمر يتعلق من حيث التزامات الأطراف، بتفادي أي عمل أو تصريحات من شأنها أن تؤدي إلى تدهور الأوضاع على أرض الميدان، وبالتالي خلق صعوبات غير ضرورية لمسار المفاوضات».
كما أن الأمر يتعلق، بحسب لعمامرة، «بالتوصل في أقرب الآجال إلى اتفاق شامل للسلام والمصالحة، حيث سبق للوساطة أن سلمت مشروعا عن ذلك للأطراف في شهر نوفمبر الفارط».
وأشار الوزير في ذات السياق، إلى أن هذا الإعلان «يصبح ساريا بمجرد توقيعه»، مجددا التأكيد أن توقيع هذه الوثيقة يهدف إلى «إرساء مناخ ملائم على أرض الميدان لتشجيع التقدم في المفاوضات الجوهرية في إطار مسار الجزائر والجولة الـ5 للحوار المالي الشامل تحت إشراف الوساطة الدولية والتي انطلقت يوم الاثنين الفارط بالجزائر».
وقد وقع الإعلان كلّ من الوساطة التي تقودها الجزائر والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) الحامدي المونجي، مع الأطراف المالية الثلاثة الحاضرة المتمثلة في التنسيقية والأرضية وحكومة جمهورية مالي.
للتذكير، أن الإعلان الذي تضمن ست نقاط، يتعلق بالوقف الفوري لكل أشكال العنف على أرض الميدان.
إجراءات جديدة للثقة من أجل دفع الحوار
توّج الحوار بين الماليين، الذي يجمع منذ جويلية 2014 بالجزائر، الحركات السياسية - العسكرية لمنطقة شمال مالي والحكومة المالية، بالتوقيع، أمس الأول، على إعلان اعتبر بمثابة «تقدم» من حيث إجراءات الثقة من أجل دفع الحوار بين الماليين الذي بلغ جولته الخامسة.
بعد جهود مكثفة لوساطة دولية بقيادة الجزائر، التي وافقت على أداء هذا الدور الحاسم منذ المرحلة الأولى للحوار، فإن الدولة المالية وحركات الشمال، وبفضل هذا الالتزام الجديد يجددون التأكيد على التزامهم بالحوار الشامل الذي انطلق منذ تسعة أشهر من أجل عودة السلم والاستقرار إلى شمال مالي، في ظل الاحترام التام للسلامة الترابية والوحدة الوطنية لمالي.
وتدعو الوثيقة الجديدة الأطراف المالية إلى «الوقف الفوري لجميع أشكال العنف والامتناع عن كل عمل أو تصريحات استفزازية»، وبالتالي وضع قواعد جديدة للجهود الرامية إلى تحقيق مصالحة حقيقية بين الماليين وسلام وأمن واستقرار دائم في البلاد.
كما أن الإعلان الموقع بالجزائر، الوجهة الرئيسية التي تتجه إليها أطراف الحوار في جولته الخامسة، يؤكد على احترام «الالتزامات المتفق عليها» من قبل، سيما اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في ماي 2014 وكيفيات تجسيده، وكذا «الدعم والامتنان» للوساطة التي تقودها الجزائر.
في هذا الصدد، فإن الأطراف المالية المدعوة إلى مواصلة «تجسيد إجراءات الثقة، سيما إطلاق سراح الأشخاص المحتجزين»، تؤكد التزامها من أجل السلام والاستقرار.
وعلاوة على ممثلي الحكومة المالية بالحركات الست الموقعة على الوثيقتين، شارك في هذه المفاوضات الحركة العربية للأزواد والتنسيقية من أجل شعب الأزواد وتنسيقية الحركات والجبهات القومية للمقاومة والحركة الوطنية لتحرير الأزواد والمجلس الأعلى لتوحيد الأزواد والحركة العربية للأزواد (منشقة).
ويضم فريق الوساطة، الذي تشرف عليه الجزائر، كلاّ من المجموعة الاقتصادية لبلدان غرب إفريقيا والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي، بالإضافة إلى بوركينا فاسو وموريتانيا والنيجر والتشاد.
التزام بوقف جميع أشكال العنف
أكدت الأطراف المالية المشاركة في مسار الحوار، تحت إشراف الوساطة الدولية التي تقودها الجزائر من أجل التوصل إلى سلام بشمال مالي، أمس الأول، بالجزائر العاصمة، استعدادها للالتزام «بوقف فوري لجميع أشكال العنف».
ودعا «إعلان الأطراف المشاركة في مسار الجزائر»، الموقع من قبل الجماعات السياسية والعسكرية لشمال مالي، تحت إشراف الوساطة الدولية، إلى «الالتزام بوقف فوري لكل أشكال العنف والامتناع عن أي عمل أو تصريح استفزازي».
كما دعت الوثيقة، التي ذكّرت بمصداقية وسداد اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 23 ماي 2014 وكيفيات تنفيذه وخارطة الطريق لـ24 جويلية 2014 وإعلان وقف الاقتتال لـ24 جويلية 2014، دعت الأطراف المالية إلى «احترام الالتزامات المتوصل إليها بموجب الاتفاقات السابقة».
وإذ سجل تصريح رئيس مجلس الأمن بتاريخ 6 فيفري 2015 ومختلف النداءات الداعية إلى الهدوء والتعقل، دعا النص إلى «التطبيق السريع» وبدعم من بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) والتعاون الوثيق معها لـ»كافة إجراءات الثقة المصادق عليه، سيما الآلية التي تهدف إلى تسهيل تطبيق وقف إطلاق النار».
ومن أجل ضمان احترام مختلف الأطراف لالتزاماتها، دعت الوثيقة إلى «المشاركة بقوة» في اللجنة التقنية المختلطة للأمن الموسعة، بما يضمن التحقق وإبلاغ الوساطة كلما اقتضى الأمر بكل عمل ينافي هذا الإعلان».
كما جاء في الوثيقة «مواصلة تطبيق إجراءات الثقة، خاصة إطلاق سراح الأشخاص المحتجزين».
من جهة أخرى، حثت الوثيقة على «مواصلة المفاوضات في إطار مسار الجزائر بنية حسنة وضمن روح بناءة متفتحة وشاملة من أجل القضاء «بطريقة مستدامة على أسباب التوتر المسجل مؤخرا».
وتم التوقيع على «إعلان الأطراف المشاركة في مسار الجزائر» من قبل الأطراف المالية الثلاثة الحاضرة وهي التنسيقية والأرضية وحكومة مالي، إلى جانب الوساطة والممثل الخاص للأمين العام الأممي ورئيس المينوسما الحامدي المونجي.
أصداء إيجابية في أوساط وفود الحوار
أبدت الوفود المشاركة في الحوار المالي بالجزائر، الذي توج، أمس الأول، في جولته الخامسة بالتوقيع على إعلان الأطراف المشاركة في مسار الجزائر، عن ارتياحها لسير المفاوضات، مبرزة تفاؤلا بالتوصل إلى حل شامل للأزمة شمال المالي.
وفي هذا المنحى، عبّر رئيس تنسيقية حركات الأزواد الموقعة على إعلان الجزائر في 9 جوان 2014 بلال آغ شريف، في تصريح لـ»واج»، أن الحوار يجري قي مناخ إيجابي تسوده الثقة بين الأطراف، معتبرا الوثيقة الموقع عليها بالجزائر من شأنها «إعطاء المدنيين فرصة للعيش بكرامة ودون أن يتعرض لهم أي طرف»، كما أنها تسير باتجاه تهيئة الظروف وإعطاء فرصة للمفاوضات.
وأكد آغ شريف، أنه في حالة ما إذا تم احترام الوثيقة من قبل الأطراف، «وهو ما نرجوه، ستعطي فرصة لمفاوضات تنطلق في مناخ أفضل وترفع مستوى الثقة بين الأطراف».
محمد المولود رمضان، عضو في تنسيقية الحركات الأزوادية، من جهته، وصف الوثيقة بـ»المهمة جدا»، معربا عن أمله في أن تكون الجولة الخامسة للحوار المالي الجولة الأخيرة لـ»يتم التوصل إلى تفاق مهم بيننا وبين الحكومة المالية»، كما قال.
«لقد أتينا بنية حسنة لهذا الحوار ونتوقع أن يتوج باتفاق شامل لوقف النار»، كما أضاف رمضان.
أما محمد ولد مساد، عضو بالأرضية، فقد أكد على ضرورة احترام الاتفاق ومراقبته من قبل «المونيسما» والوساطة، مؤكدا على أهمية التوصل إلى هذا الاتفاق، خاصة في ظل الوضع المتوتر الذي يسود شمال مالي وما كانت لتؤول إليه الأوضاع هناك دونه.
هارونا توري، رئيس وفد الحركات الموقعة على أرضية الجزائر في 14 جوان 2014، دعا أيضا من جانبه، إلى ضرورة مراقبة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي «مينوسما» لوقف إطلاق النار، مشددا على أهمية تحديد المسؤوليات في حالة اختراقه من قبل أي طرف وعدم التهاون في فرض عقوبات.
من جانبه اعتبر اغبري عبيدين ولد محمد، الأمين العام المساعد للحركة العربية الأزوادية الموقعة لأرضية الجزائر، أن «اتفاق اليوم جاء لتثبيت وقف إطلاق النار الموقع الصيف الماضي تقويته»، معتبرا إياه بمثابة المدخل الرئيسي لأيّ حوار بين الأشقاء.
وأبدى عبيدين تفاؤلا بشأن مستقبل الاتفاق وقال إن «تفاؤلنا لم يأت من فراغ، لأن الوساطة الدولية في عجلة من أمرها لإيجاد حل مرض لجميع الأطراف في شمال مالي وهذا ما عبّر عنه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس الوساطة «الجزائر» بأن جميع الأطراف مصرة من أجل حل شامل في شمال مالي».
وبالمناسبة، وصف عبيدين الوساطة الجزائرية بالوساطة «الحكيمة والنزيهة»، مضيفا أن «كل أسباب النجاح تبدو لنا بيد الجزائر، لأنها دولة محورية ودولة جوار لمالي ودولة ملمّة بجميع حيثيات الملف، إلى جانب أننا لمسنا الصدق من كل الذين يقفون مع الجزائر، كالأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ودول الجوار بصفة عامة.