الدكتور مصطفى سايج في حوار مع «الشعب»:

زيارة هولاند فرصة لتعزيز مكاسب اتفاقية 1968

حاورته: حياة كبياش

تكتسي زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الى الجزائر المرتقبة يومي ١٩ و٢٠ من الشهر الجاري طابعا استراتيجيا، وفي نفس الوقت تحاول ان تدفع نحو شراكة ذات امتياز في قطاعات حيوية، حسب ما ذكره المحلل السياسي  واستاذ في العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور مصطفى سايج، الذي اكد من خلال الحوار الذي اجرته معه «الشعب» على اهمية الملفات التي سيتناولها مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، يأتي في مقدمتها ملف الهجرة المتعلق بالاتفاقية المبرمة بين الجزائر وفرنسا سنة ١٩٦٨ وملفات اقتصادية وامنية لاسيما ماتشهده منطقة الساحل من توتر واضطراب وأزمة مالي.

  • الشعب: ماهي طبيعة الملفات المدرجة ضمن زيارة فرانسوا هولاند للجزائر؟

الدكتور سايج: تحمل هذه الزيارة طابعا اقتصاديا، حيث من المنتظر ان تتوج بشراكة في مجالات استراتيجية كالطاقة بين كل من شركة سوناطراك و«توتال» الفرنسية، ضف الى ذلك الملف المتعلق بالخدمات، خصوصا ان هناك بنوكا فرنسية متواجدة في الجزائر، وكذا من اجل دفع شراكة اكثر في مجال الاتصالات والمواصلات، وكذا شراكة على مستوى العلاقات الدفاعية.
وفيما يتعلق بهذه الاخيرة، اذكر بانه تم في مجلس الشيوخ المصادقة على اتفاقية الدفاع مع الجزائر، التي تفتح المجال واسعا للتعاون العسكري ، من حيث المناورات المشتركة قد تصل الى الاستفادة من الصناعات الحربية الفرنسية.

  •  ما هي أهم الملفات التي ستكون مطروحة برأيكم في مجال التعاون بين البلدين ؟

@@ اعتقد ان الزيارة وجدت قاعدة للتعاون المشترك منذ فترة حكم الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الى اليوم، حيث مثل جون رافاران الوسيط الاقتصادي الذي ساهم في تجاوز الكثير من العقبات التقنية او التجارية ، لبناء شراكة استراتيجية في القطاعات الحساسة ، وينتظر ان يتم التوقيع على اتفاقيات عمل عليها رافاران ما يقارب سنتين ، وهي المسائل المتعلقة بالجانب السياسي ذات الاهمية المشتركة.

  •  وماذا عن ملف الهجرة المرتبط بالاتفاقية المبرمة بين الجزائر و فرنسا سنة ١٩٦٨، ما هو الجديد الذي يمكن ان تحمله زيارة الرئيس الفرنسي؟

@@ ملف المهاجرين ملف حيوي ،و قد طالب الفرنسيون اعادة النظر في الاجراءات المعلقة به، والمتضمنة في هذه الاتفاقية، مما يجعل المهاجرين الجزائريين يفقدون الامتيازات التي جاءت فيها .
و من بين الامتيازات التي تضمنتها هذه الاتفاقية تنظيم الهجرة ، و اعطاء الأفضلية للمهاجرين الجزائريين فيما يخص التنقل الى الجزائر و التجمع العائلي ، وفيما هناك مساعي فرنسية لاعادة النظر فيها ، يريد الطرف الجزائري الابقاء عليها ، و تمثل هذه نقطة اختلاف جوهرية يتم مناقشتها خلال الزيارة ،و اعتقد ان التفاوض مع فرنسا سيكون هام جدا في الجانب الاجتماعي و الانساني .
وفيما يتعلق بالاجراءات نجد ان الفرنسيين طالبوا بمراجعة اتفاقية تنقل الأشخاص للمرة الرابعة على التوالي، في اتجاه التقليص من محتويات اتفاقية ١٩٦٨ والمكاسب المتعلقة بها والتي يسمح باستفادة المهاجرين الجزائريين من بطاقات إقامة صالحة لمدة ١٠ سنوات وتسوية وضعيتهم بعد الإقامة المتتالية على التراب الفرنسي وكذا الاستفادة من بطاقة الإقامة المؤقتة بغرض العلاج أو القيام بنشاط تجاري.
ونظرا لتواجدها ضمن صرح الاتحاد الأوروبي ، فان فرنسا لا يمكنها أن تقدم «استثناءات» بخصوص المهاجرين الجزائريين، وهي تعمل على تجديد القوانين الخاصة بالهجرة ، خاصة في إطار الاتحاد واتفاقيات فضاء «شنغن».
وبالنظر الى ما سيترتب عن تعديل هذه الاتفاقية ، بالشكل الذي يناسب الفرنسيين، بالرغم من انه يقدم مزايا شبيهة بتلك التي استفادت منها تونس والمغرب متعلقة بتنظيم الهجرة، وهو الاتفاق الذي أبرمته باريس مع تونس وينص على تيسير حركة تنقل الأشخاص في هذه الدول والدول الأوروبية كافة بحرية تامة طيلة مدة التأشيرة التي تمنح لفترة أطول، حيث تتراوح بين سنة وخمس سنوات دون الحاجة إلى استخراج تأشيرة جديدة كل مرة، إلا ان هذا اقتراح تعديل أو إلغاء الاتفاقية ترفضه الجزائر على أساس أنها ستفقد العديد من الامتيازات المتضمنة في اتفاقية ١٩٦٨.
و انطلاقا مما سبق فان ملف المهاجرين سيكون من أهم الملفات التي ستوقع الجزائر مع فرنسا اتفاقيات بشانها .

  •  وهل سيؤثر ذلك على مجال التعاون الاجتماعي و الإنساني ؟

@@ تمسك الجزائر بهذه الاتفاقية يبقي الامتيازات التي تحولت الى مكاسب لفائدة الجالية الجزائرية المتواجدة بفرنسا من اكبر الجاليات بهذا البلد، وهذا الملف مطروح في مجال التعاون الاجتماعي والانساني.
الجزائر تعيب على فرنسا و الاتحاد الاوروبي بصفة عامة انها تعطي اهمية الى الجانب التجاري على حساب تنقل الاشخاص .

  •   زيارة هولاند إلى الجزائر تأتي في ظرف حساس يتميز بانعكاسات الوضع في دول الجوار ولاسيما بشمال المالي، ما مدى تقارب وجهات نظر الطرفين في ظل التباين في المواقف الذي حملته التصريحات الرسمية لكليهما؟

@@ يرتقب ان يكون ملف مالي و قضية التدخل العسكري في المنطقة الشمالية للبلاد محورا هاما في المحادثات و المشاورات ، لاسيما في في ظل التوتر القائم على المستوى الاقليمي .
و اذا اخذنا هذه القضايا ، نجد هناك وجهات نظر منتاقضة بين الطرفين ، و بالنسبة للجزائر فان موقفها بنته على اساس تكريس التفاوض بين الاطراف المتصارعة في باماكو و شمال مالي ، و العمل على فصل او تحييد الجماعات الارهابية ، عن الجماعات «الترڤية» ذات المطالب الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية ، بينما الفرنسيون  ضغطوا من اجل دفع الخيار العسكري من خلال الضغط على السلطة الانتقالية في باماكو ، و من خلال دول «الاكواس» (المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا) .
و اشير هنا ان مجلس الامن حاول ان يقارب بين الخيار التفاوضي مع الاستعداد للتدخل العسكري وفق المقاربة الجزائرية (محاربة الارهاب باعطاء الاولوية لدول الجوار في اطار الدول الاربعة ، او في الاطار الدولي) .
و فيما يخص الازمة الليبية ، كان موقف الجزائر مختلف منذ البداية ، و ذلك انطلاقا من ادراكها لانعكاسات الازمة على مستقبل الاستقرار السياسي و الامني في المنطقة ، حيث اعتبرت ان الخيار العسكري الخارجي يؤدي الى حالة اللااستقرار في دول الجوار ، خاصة الساحل ، و هذا ما اتضح فيما بعد من خلال تهريب ١٠ الاف قطعة سلاح ، و صواريخ «سام ٥»، ادت في النهاية الى الاطاحة بالنظام في المالي ، وزعزعة الاستقرار في هذه المنطقة الهشة.

  •  تمثل قضية الصحراء الغربية ملفا اخر مطروحا للنقاش بين الطرفين ،هل تعتقدون ان يتم التوصل الى تقارب في الرؤى؟        

@@ فيما يتعلق بالقضية الصحراوية ، اعتقد انه سيكون  هناك تكريس للتناقض بين الطرح الفرنسي الذي يرى في خيار الحكم الذاتي الموسع الذي تتمسك المملكة المغربية كخيار استراتيجي ، لالحاق الصحراء الغربية بالمغرب ،و دوافع فرنسا في ذلك الاستفادة من الثروات والموارد الطاقوية و المنجمية ،بينما الجزائر تدعم خيار حق الشعوب في تقرير مصيرها بما يكفل الشعب الصحراوي حقه في الاستفتاء حول الخيارات المفتوحة وليست المحددة .

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024