يعرف قطاع التكوين والتعليم المهنيين بولاية قسنطينة في الآونة الأخيرة، انتعاشا بيداغوجيا حيث تحتوي الولاية على 22 مؤسسة عمومية تشرف عليها هيئة ولائية، موزعين حسب الطبيعة القانونية إلى 17 مركزا للتكوين المهني والتمهين، منها 3 معاهد وطنية متخصصة في التكوين المهني وملحقة تكوين مهني تابعة لمعهد الخروب، حيث تقدر طاقة الاستيعاب النظرية لهذه الهياكل بـ7000 منصب بيداغوجي في التكوين الحضوري مستغلة بنسبة 107 بالمائة، هذا دون احتساب الدروس التكنولوجية التقنية النظرية في نمط التمهين حيث باحتسابها ترتفع هذه النسبة إلى حوالي 120بالمائة.
وتعزز القطاع بشبكة هامة من المؤسسات الخاصة المعتمدة وعددها 34 بطاقة استيعاب نظرية تقدر بـ4100 منصب تكوين لترتفع طاقة الإستيعاب النظرية الإجمالية لجهاز التكوين والتعليم المهنيين إلى 11100 مقعد بيداغوجي، ليبلغ عدد المتكونين من مختلف الأنماط والأنواع 15930 متربص ومتمهن خلال دورة سبتمبر 2014، العدد ومقارنة بحصيلة دورة سبتمبر 2013 تم تسجيل ارتفاع بنسبة 23 بالمائة ويرجع ذلك حسب تقرير ولائي تحصلت “الشعب” على نسخة منه إلى التحضير المكثف والخاص المسطر من طرف المديرية الولائية لهذه الدورة لاسيما من الجانب الإعلامي والتحسيسي كونه عنصر أساسي في التواصل مع مختلف شرائح المجتمع، وكذا بلوغ الأهداف المسطرة من طرف القطاع وهو المسعى الذي تم مباشرته في السنوات الأخيرة في إطار الاسترتيجية الموجهة إلى الانفتاح على كل الشرائح عن طريق التعدد في أنواع وأجهزة التكوين بعد عملية تعزيز منظومته عن طريق إنشاء جهاز محو الأمية تأهيلي، المرأة الماكثة في البيت، التكوين في الأوساط الريفية وكذا معابر التكوين بالإضافة إلى استحداث مسار آخر يتمثل في التعليم المهني.
نقائص ميدانية وإختلالات في التسيير والمتابعة
رغم الجهود الرامية لتحسين وتطوير القطاع من خلال استحداث مسارات أخرى لتوسيع من رقعة التكوين وتوسيع عروض التكوين عن طريق التمهين عبر كافة قطر الولاية إلا أن كل هذه المساعي تم الكشف عن نقائص تمثلت عموما في كيفية التسيير واختلالات في المتابعة البيداغوجية للمتكونين في الوسط المهني وحتى على مستوى المؤسسات التكوينية، حيث تم بالموازاة إعادة النظر في التنظيم الداخلي للمؤسسات التكوينية أين تم إعادة هيكلتها عن طريق إعادة تعريف المهام وطريقة تنظيمها بخلق نيابة مديريات كما هو الحال بالنسبة للمعاهد وخلق مصالح بالنسبة للمراكز وذلك حتى يتسنى لها التكفل الأمثل ومواكبة التوجهات الجديدة، إلى جانب التكوين المستمر والدوري للإطارات المكلفة بالإشراف على العملية التكوينية طبقا لخصوصية القطاع قصد رسكلتهم وتأهيلهم بمن فيهم مديرو المؤسسات التكوينية، وفضلا عن هذه الاختلالات فإن التكوين المهني يطرح إشكالات عديدة على رأسها التأطيرالبيداغوجي والذي يخص بالدرجة الأولى عدد المكونين والضعف التقني لبعض المؤطرين.
تجهيزات دورية والوضعية تتدهور
في زيارة ميدانية لعدد من مؤسسات التكوين المهني في إطار استطلاعات “الشعب” وقفنا على عدد من المشاكل التي تعاني منها هذه المؤسسات والناجمة أساسا عن تدهور أغلب المرافق الإدارية والحجرات والورشات، إضافة لاهتراء التجهيزات والوسائل البيداغوجية القديمة، الأمر الذي انعكس على ظروف الاستقبال وتدني مستوى التكوين إضافة إلى تسجيل عزوف كبير للراغبين في الالتحاق بهذه المؤسسات، والتي تتلخص معظمها في مشكلة الكثافة التي تصعب من ظروف التكوين عبر عدد من مراكز التكوين المهني على غرار مركز أولاد رحمون الذي يعاني من نقص في الهياكل البيداغوجية مما سبب في إلغاء عدة تخصصات، افتقار المركز إلى المرافق الرياضية، عدم وجود قاعة خاصة بالإعلام الآلي، كما أنه ومنذ 1999 لم يستفد المركز من أي تجهيز إلا سنة 2013 والخاص فقط بالإعلام الآلي دون طاولات، وجود تشققات كبيرة على مستوى الجدران، عدم وجود تخصصات فلاحية رغم الطابع الفلاحي والريفي للمنطقة وهي ذات الوضعية التي يعرفها مركز عين سمارة وعلى رأسها مشكل الإنارة والتهوية والتدفئة خاصة في الورشات، غلق العديد من التخصصات على غرار التبريد والتكييف، الميكانيك بسبب إحالة الأساتذة على التقاعد وطغيان الجانب النظري على التطبيقي بسبب قلة التجهيزات، من جهة أخرى تعمل الجهات الوصية على معرفة كافة النقائص والعمل على حلها من خلال اعتماد مخططات واستراتيجيات يتم بموجبها تصميم خريطة تتجاوب واحتياجات سوق العمل وعلى ضوء المعلومات المتوفرة سواء على مستوى الاستثمارات المستقبلية وكذا الطلب الاجتماعي المسجل غداة كل دخول تكويني، إضافة إلى الإحصائيات الخاصة بمختلف القطاعات، لهذا سطرت برنامج نشاطات للفترة ٢٠١٣ / ٢٠١٤ يهدف إلى التعديل الجدري والتدريجي في التخصصات البيداغوجية لمؤسسات التكوين المهني بالولاية على المديين القريب والمتوسط وقد تم عرض هذا المخطط للنقاش والإثراء والذي يتضمن شقين أساسيين أولهما إعادة تنظيم التوزيعات البيداغوجية للمؤسسات التكوينية وكذا إدراج تخصصات جديدة لتنويع عروض التكوين ومواكبة سوق الشغل من أجل توفير فرص أكثر للتوظيف بعد التخرج.
ويسعى قطاع التكوين والتعليم المهنيين من خلال مختلف البرامج الإصلاحية إلى توجيه نشاطه نحو تلبية احتياجات القطاعات الاقتصادية والاجتماعية من يد عاملة مؤهلة وذلك بتكييف الجهاز التكويني بإشراك الشركاء المستعملين لمنتجاته في تحديد المؤهلات والمعارف التي يرغبون فيها بأن يتحكم فيها العمال مستقبلا، وفي هذا الإطار تم إدخال للقطاع ديناميكية تستهدف تضييق الفجوة الحاصلة بين عروض التكوين من جهة ومتطلبات سوق الشغل من جهة أخرى، وتستند هذه الإستراتيجية الجديدة على الشراكة مع الفاعلين الرئيسيين في الفضاء الاجتماعي والاقتصادي وقد تم في هذا الصدد خلال هذه السنة إمضاء 18 اتفاقية بين مؤسسات التكوين المهني للولاية وعدد من المستخدمين، وبالرغم من المجهودات التي سجلتها المديرية الولائية في الحفاظ على ممتلكات القطاع إلا أن ذلك يبقى مرهونا بالمتابعة المستمرة والصيانة الدورية من قبل إدارة المؤسسات التكوينية وذلك باستغلال ميزانيات التسيير المخصصة لها، كما أن تجسيد هكذا مخطط حسب التقرير المتحصل عليه سيدعم قدرات الاستيعاب لديه وتحسين ظروف استقبال المتكونين، حيث ستنتقل قدرات الاستقبال الحالية من 7000 مقعد بيداغوجي إلى 8750 أي بزيادة 25 بالمائة.