ملتقى العلاقات الجزائرية - التركية

آفاق واسعة لتطوير التعاون بين البلدين

حكيم.ب

عرفت العلاقات الجزائرية - التركية، تطورا كبيرا وتداركا للنقائص التي كانت بعد 1830، حيث تخلت تركيا عن الجزائر وباتت الجزائر وتركيا اليوم في مستوى جيد، خاصة في ظل تضاعف المبادلات التجارية، وتكثيف التشاور حول أمهات القضايا وهو ما رفع حجم التبادل بين الجزائر واسطمبول لأكثر من 5 ملايير دولار، ناهيك عن استثمارات تركية ضخمة بالجزائر منها 2 مليارا دولار في قطاع النسيج.
وأكد المتدخلون من فرقة البحث حول العلاقات الجزائرية - التركية، التابعة لمخبر البحوث والدراسات في العلاقات الدولية في أشغال الملتقى الوطني الخامس، أن تركيا تورطت في مواقفها وتدخلاتها في منطقة الشرق الأوسط خلال ما يعرف بـ»الربيع العربي»، ما جعل منافسيها في منطقة الشرق الأوسط ممثلين في إيران وإسرائيل يتقدمان عليها، ويكسبان الكثير من النقاط، لأن تطور الأوضاع لم يشفع لتركيا في الحفاظ على نفس مواقعها قبل اندلاع الربيع العربي، الذي شهد نموا كبيرا لتركيا اقتصاديا ونفوذا سياسيا بدأ يتراجع بفعل عدم التحسّب الجيد للعواقب.
بالمقابل، حرص الأساتذة الذين ألقوا محاضرات ثرية حول موضوع «العلاقات الجزائرية - التركية: بين الإرث التاريخي ورهانات المستقبل»، خلال أشغال الملتقى المنظم بالتعاون مع صحيفة «المسار العربي»، أمس، بكلية الإعلام، على الإحاطة بالمقاربات والمستجدات التي تسير وفقها السياسة التركية في تعاملها مع دول الشرق الأوسط من جهة، ومع دول أوروبا من جهة أخرى، إلا أن القاسم المشترك في مختلف التحاليل أن تركيا حققت تقدما كبيرا بالنظر للسنوات السابقة، مكنها من افتكاك مكانة هامة في المنطقة، ويحسب لها دبلوماسيتها البراغماتية، وعلاقاتها القائمة أساسا على المصالح مع الدول العربية.
واستعرضت الدكتورة بخوش، السياسة العثمانية تجاه الاحتلال الفرنسي للجزائر، والتي خلصت إلى القول رفقة الأستاذ سعود صالح، أنها «تخلت عن الجزائر»، مؤكدة بذلك «أن تعاملها قائم أساسا على المصالح».
بينما فضل رئيس فرقة البحث مراد فول، التركيز في مداخلته على موضوع «عودة تركيا إلى الشرق...الأهداف والدوافع» واستهلها بمقطع من خطاب الرئيس الطيب رجب أردوغان الذي قال «تركيا نامت عقودا من الزمن، وكانت غير قادرة على مخاطبة الجيران، لكن الأمر اختلف بـ180 درجة، بعدما مدّت يدها إلى الجميع».
وحول التوجه الجديد، فوفق تحليل ذات المتحدث «لا يمكن فهم السياسة الجديدة لتركيا، إلا من خلال مجموعة من المقاربات»، ذكر منها المتغير التاريخي، حيث تعود علاقاتها مع الشرق إلى الحضارة الحثية في سنة 1194 قبل الميلاد، مع الدولة الفرعونية إلى غاية نهاية الحرب العالمية الأولى، بالإضافة إلى القواسم المشتركة بينها وبين دول الشرق، بحسب فول، منها الاحتكام إلى نظام تلعب فيه المؤسسة العسكرية دورا رياديا، واعتماد الدين والمذهب الواحد.
أما المقاربة الجيو- سياسية، فإنها تعتبر دولة شرق أوسطية بامتياز، 97 من المائة من مساحتها تقع في المنطقة، مقابل 3 من المائة في أوروبا، تجاور 3 دول هي سوريا والعراق وإيران، كما أنها تتعاطى - بحسبه - مكرهة، مع هذه الدول بسبب المشاكل الحدودية والنزاع حول الموارد المائية، بالإضافة إلى القضية الكردية في الجنوب الشرقي منها. وإلى ذلك، ذكر مقاربة أخرى لا تقل أهمية تخص تغيّر «النسق الدولي»، إذ باتت محسوبة على الجنوب وتفتك الريادة، وخلص إلى القول بأن الاقتتال الكردي - الكردي جعلها تتورط في المنطقة، بالإضافة إلى الفراغ الذي ترتب عن انسحاب الجيش العراقي من الشمال الذي أدخل المنطقة في فراغ أمني زاد من التوغل التركي.
في نفس السياق، توقف ذات المتحدث، عند الطرح البراغماتي التركي في الدبلوماسية، إذ أنها تقترب من العرب كلما اقتضت الحاجة وذلك نظرا للوفرة المالية، وعادة ما يتزامن ومرورها بأزمات اقتصادية، بحثا عن القروض والاستثمارات للتخلص من مشاكلها الاقتصادية، فيما تعود علاقاتها مع الغرب إلى تغير العلاقات المدنية العسكرية التي لها الفضل في تزكية هذا الاتجاه، انطلاقا من أنها دولة محورية وليست هامشية.
وشكل «تقييم الدور التركي ضمن العلاقات الاستراتيجية الإقليمية» محور مداخلة مصباح عامر، الذي أكد «وجود 3 قوى حاليا في الشرق الأوسط ممثلة في تركيا وإيران وإسرائيل، وهي على درجة كبيرة من الدمقرطة»، ستعتمد عليها الدول الكبرى، مؤكدا تقدمها من الناحية الديمقراطية والإصلاحات السياسية مع حزب العمال الكردستاني وكذا احترام الأقليات، مفيدا في سياق موصول «هناك مواقف جعلتها في مأزق حقيقي بعد أن تبنّت مواقف تخص الربيع العربي، متورطة بذلك في مشاكل هي غير قادرة على الخروج منها، تورط غير عقلاني في مشاكل المنطقة قلّص نفوذ السياسة الخارجية التركية».

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024