تربط الجزائر والسنغال علاقات صداقة وأخوة تقليدية، يمكن استثمارها لخدمة مصالح البلدين والشعبين ومن ثمه توسيعها إلى ما يخدم القارة الإفريقية، هذا البيت المشترك لهذين البلدين الذي يؤمن كل واحد منهما بإمكانيات وقدرات هذه القارة التي تمتلك كل المؤهلات لكي تصبح إحدى اكبر محركات الاقتصاد العالمي مستقبلا إذا آمن كل بلد فيها بهويته وانتمائه الإفريقيين وكذا ضرورة العمل المشترك من أجل استكمال الاستقلال السياسي باستقلال اقتصادي يقلص من حلقة التبعية القاتلة التي تعانيها القارة السمراء، وذلك من خلال تفعيل ميكانيزمات التعاون الإفريقي-الإفريقي وهي معادلة يجب أن يتم في إطارها كذلك حلحلة كل الأزمات الإفريقية وكل المعضلات الأمنية التي تواجهها وعلى رأسها التحدي الإرهابي وملفي ليبيا ومالي.
هذا، وتندرج زيارة الرئيس السنغالي ماكي صال، الذي يحل اليوم بالجزائر في زيارة دولة تستغرق أربعة أيام بدعوة من نظيره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ضمن هذا المسعى الإفريقي من أجل غد أفضل لشعوب القارة الإفريقية لتخليصها من حلقات التبعية والفقر والجهل ...الخ وكل ما يقف في وجه تنمية هذه القارة.
هذا، وضمن هذا الهم المشترك للبلدين كانت بصمة كل من الجزائر والسنغال واضحة في إنضاج أكبر مبادرة تقدم بها الأفارقة من اجل تنمية القارة والتي حملت اسم المبادرة الجديدة من اجل تنمية إفريقيا “النيباد” فقد سبق ذلك بان تقدمت الجزائر إلى جانب ثلاثة دول إفريقية أخرى العام 2000 ـ لدى انعقاد المؤتمر الـ36 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، الذي احتضنته العاصمة الجزائرية ـ بصيغة تحمل معادلة تنموية شاملة للقارة أطلق عليها اسم برنامج شراكة الألفية لإنعاش إفريقيا والمعروف اختصارا بـ«ماب” وتم الاتفاق بين القادة الأفارقة آنذاك على الإطار العام، وكذا القطاعات المعنية بهذا البرنامج، بعد ذلك تقدمت السنغال وضمن إطار الجهود الإفريقية نفسها لتنمية القارة بخطة أخرى أطلق عليها إسم “أوميغا” تهدف إلى محاربة الفقر في القارة السمراء ودفع وتيرة التنمية، ليتم لاحقا طرح المبادرتين على قمة سيرت الليبية اين تم إدماجهما تحت اسم المبادرة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا وكانت هذه الأخيرة أكبر مبادرة تتقدم بها القارة الإفريقية إلى الشركاء الدوليين عكست تضامن إفريقي غير مسبوق فيما يخص التعاطي مع هموم وتطلعات القارة التي جاءت على قلب رجل واحد.
الأكيد أن زيارة الرئيس السنغالي إلى الجزائر، ستكون فرصة لمناقشة العديد من المسائل المتعلقة بالأمن والتنمية مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وكذا نفخ الروح مجددا في “النيباد” هذا المشروع الإفريقي الضخم الذي يؤسس لتنمية افريقية تضامنية يمكنها ان تخرج القارة من الدوائر المفرغة التي تعرقلها، وهذا على الصعيد القاري أما ما يخص العلاقات الثنائية بين الجزائر والسنغال فان الزيارة تعد سانحة لإعطاء نفس جديد للتعاون الثنائي بين البلدين في شتى المجالات وخاصة منها الاستثمار وتعزيز المبادلات التجارية، كما لا يمكن في هذا الصدد التقليل من التعاون السياسي والأمني من اجل دفع مسار السلام في مالي، وكذا إيجاد حل سياسي سلمي كذلك للازمة الليبية المتفاقمة، خاصة وأن وزن وتأثير كل من الجزائر والسنغال على الصعيد القاري معطى لا يمكن إغفاله في هذا الإطار.
التعاون الجزائري- السنغالي
معادلة تنموية للقارة الإفريقية
أمين بلعمري
شوهد:261 مرة