«اياتياف 2025»..نموذج جزائري ناجح في تحقيق التكامل والاندماج القاري
تقود الجزائر جهود القارة الإفريقية لتأخذ مكانتها المستحقة في الاقتصاد العالمي، والمساهمة في بنائه، وكذا الاستفادة من التكنولوجيا المتطورة والتقدم المعرفي لتطوير اقتصادها وتحقيق نسب نمو تمنحها فرص تنمية ورفاه لشعوبها. وفي هذا السياق، ترافع الجزائر من على منابر الأمم المتحدة في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، لتمكين إفريقيا من تأدية دورها في بناء نظام اقتصادي عالمي جديد، وتصحيح الظلم التاريخي المسلط عليها.
وتحرص الجزائر، على المستوى القاري، على النهوض باقتصاد القارة وترشيد استغلال مواردها لخدمة الاقتصاد الأفريقي أولا، وقد بدأت في سبيل ذلك بتطوير وتنويع اقتصادها الوطني لتكون قاطرة إفريقيا، وتعمل بشكل مكثف على دفع عجلة النمو والتنمية في القارة السمراء، من خلال المساهمة في جهود دولها لتحسين اقتصاداتها، خاصة وأن الجزائر تمثل نموذجا للاقتداء، من حيث عزيمتها على تطوير اقتصادها، إذ استطاعت العودة من بعيد، عندما تمكنت من تحقيق أرقام معتبرة في نسبة النمو، بشهادة المؤسسات الاقتصادية الدولية والقارية، وذلك من خلال تنويع الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على النفط والغاز، حيث تتوقع أن تبلغ الصادرات خارج المحروقات بنهاية العام الجاري سبعة ملايير دولار، مقابل 2.09 مليار دولار العام 2019، 5.1 مليارات دولار في عام 2023.
قاطرة إفريقيا
وتنفذ الجزائر مشاريع استراتيجية ذات بعد قاري على غرار مشروع الطاقة الشمسية الذي يهدف إلى تحويل الجزائر إلى مركز إقليمي للطاقة النظيفة، والطريق العابر للصحراء لتعزيز التجارة البينية بين الجزائر ودول إفريقيا، إلى جانب أنبوب الغاز الجزائر-نيجيريا، وهو مشروع طموح لربط احتياطيات الغاز النيجيرية بالبنية التحتية الجزائرية لنقل الغاز إلى أوروبا، بالإضافة إلى تدعيم التجارة والاستثمار. وانعكست جهود الجزائر تلك في تنظيم أكبر حدث قاري بداية سبتمبر الجاري، عندما جمعت 144 دولة من داخل وخارج القارة، واستقطبت أكثر من 2148 عارضا وأكثر من 112 ألف زائر مهني، وهو عدد يتجاوز بكثير الأرقام المتوقعة. كما بلغت قيمة العقود التجارية والاستثمارية المبرمة 48.3 مليار دولار، متجاوزة الرقم المستهدف بـ44 مليار دولار، ما جعل المعرض منصة للشراكة والتفاوض، وعزز فرص بروز سوق موحدة تضم 1.4 مليار مستهلك، ودعم أهداف منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية.
إن سعي الجزائر إلى تعزيز مكانتها الاقتصادية في القارة الإفريقية، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام، نابع من رغبتها في أن تكون قدوة للدول الإفريقية التي تتمتع بإمكانات هائلة، تمكنها من أداء دور هام في بناء نظام اقتصادي عالمي جديد، يعيد للقارة حقوقها ويصحح الظلم التاريخي المسلط عليها، حيث تعتبر أقل قارات العالم حظا في النمو والتنمية، وأكثرها عرضة لتبعات النتائج السلبية للتصنيع المكثف للدول الصناعية.
طاقات كامنة
وبالعودة إلى مقدرات القارة الإفريقية، فإنها أغنى قارات العالم بالثروات الطبيعية السطحية والباطنية، ونذكر على سبيل المثال الإمكانات الطاقوية حيث تمتلك أكثر من 11 بالمائة من الإنتاج العالمي للبترول، والفلاحية إذ تتوفر على 65 بالمائة من الأراضي الصالحة للزراعة غير المزروعة في العالم، خاصة في شمال القارة وبالقرب من البحيرات والسواحل، و30 بالمائة من الأراضي الصالحة للزراعة حول العالم، ولكنها لا تزال غير مستغلة بشكل كاف، إضافة إلى المعادن مثل الذهب والمنغنيز والفوسفات. ولعل أهم الثروات هي ثروة المورد البشري، حيث تعتبر القارة الإفريقية الأولى في تعداد الشباب الذين يمثلون نسبة 75 بالمائة من كتلة سكانية تساوي 1.4 مليار نسمة. وعليه، ونظرا لهذه المقدرات، ويقينا منها بأن إفريقيا تستحق مكانة أفضل في الاقتصاد العالمي، ترافع الجزائر من أجل تمكين إفريقيا من تحقيق النمو، وتحمل الدول الصناعية مسؤوليتها في حماية المناخ بعيدا عن فرض إملاءات بيئية على القارة التي لا تملك صناعات فعلية قد تسبب التلوث أو تساهم في الاحتباس الحراري وتغير المناخ.