القصر الملكي التعيس أوهمه بأكذوبة حسم قضية الصحراء الغربية

الشعب المغربـي بـين أنيــاب المشـروع التوسّعـي الصهيـوني

حمزة.م

 الدولة المغربية فقدت القدرة على أداء وظائفها الرئيسية وتلبية احتياجات المواطنين

ترتبط الحسابات الضيّقة للمغرب، بخصوص الصحراء الغربية، بكثير من التوهم. ورغم ذلك يستمر العبث بعقول الشعب المغربي الذي يتجه لفقدان ما تبقى من حقوقه في وطنه، بفعل الدور الوظيفي المدمر للنظام المخزني الحاكم.

بعدما اعتقد أن الظروف الدولية المستجدة منذ النصف الثاني من السنة الماضية، سوف تكون لصالحه وسوف تساعده على إفراغ ملف الصحراء الغربية من مضمونه، يسير المغرب وبسرعة فائقة باتجاه أن يكون فريسة لهذه الظروف.
منذ 2020، قام مخطط الرباط لتصفية القضية الصحراوية العادلة والشروعة، على إظهار التطبيع مع الكيان الصهيوني، كتنازل كبير، ينجم عنه بالضرورة بسط السيادة الكاملة على هذا الإقليم، بدعم صريح ومباشر من الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب.
لكن الصفقة الحقيقية، ووفق معطيات عديدة، لم تكن أبدا مقايضة التطبيع بملف الصحراء الغربية، بل كانت استمرار العائلة الملكية في الحكم ولو رمزيا، مقابل فتح أبواب المغرب للصهاينة ضمن مسار هجرة عكسية، بدأت في أخذ كرة الثلج كبيرة الحجم.
كان واضحا، برأي مراقبين، أن الدولة المغربية الحالية فقدت القدرة على أداء جزء معتبر من وظائفها الرئيسية، خاصة ما تعلق بتسيير الشأن العام وتلبية احتياجات المواطنين، وكنتيجة منطقية بدأ عرش الملك محمد السادس في الترنح.
بدأ ذلك سنة 2015، مع احتجاجات شعبية عاصفة بعديد المدن، تم التعامل معها بالقمع الوحشي والتجاهل الكلي، نظرا لفقدان أدوات إدارة الأزمة.
وبعدما لم يجد النظام المغربي ما يقدمه، قرر التضحية بالشعب المغربي المغلوب على أمره، كقربان من أجل إنقاذ العرش، فقط ولا شيء غير ذلك، ومؤشرات هذا تتزايد من يوم لآخر.
وانطلاقا من مراقبة خلايا مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لغرفة العمليات المكلفة بمهاجمة الجزائر وتشويه صورتها ضمن استراتيجية دائمة لتحويل نظر الشعب المغربي، يلاحظ انهيار زخم التجييش المعادي للجزائر، وارتفاع منسوب الوعي بالخطر الوجودي الذي يهدد المغرب كدولة، لأن الهجرة العكسية للصهاينة من الأراضي المحتلة في فلسطين باتجاه المغرب، أصبحت واقعا معيشا وأخذت مستويات جد عالية، إذ تقدر بعشرات الآلاف الذين استفادوا من المزايا التي يمنحها لهم النظام الملكي، على غرار استعادة العقارات والتغلغل في الاقتصاد والمراكز الثقافية والسياسية.
فقدان الدولة
وبينما يسوق النظام المغربي البائس للرأي العام الداخلي، وَهْم حسم ملف الصحراء الغربية وفرض خرافة الحكم الذاتي على المجموعة الدولية عبر الاستقواء بالظروف الدولية الحالية مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للحكم، فإن القراءة السليمة تفيد بأن المغرب مهدد بفقدان مكانته كدولة وظيفية على الحدود الرسمية الحالية.
ومن الواضح أن الكيان الصهيوني الغارق في الشرق الأوسط والإدارة الأمريكية، لا يضعان المغرب ضمن أية أولويات سياسية، عدا كونه محطة بحرية تتوقف فيه السفن الحربية المحملة بالأسلحة التي يباد بها الشعب الفلسطيني في غزة، ومحطة إجلاء للصهاينة الفارين من الأراضي الفلسطينية.
ومع مرور الوقت وبالنظر للنفوذ المتزايد للصهاينة في أرض المغرب، فإن الشعب المغربي سيجد نفسه نسخة مكررة عن الشعب الفلسطيني في سنوات مقبلة، فالاضطهاد الذي انطلق لتوه بالطرد من المنازل والتغاضي كليا عن مطالبه الاجتماعية والاقتصادية سيتحول إلى حرمان تام من الحقوق بمبرر «معاداة السامية» أو «معاداة الأقليات العرقية».
ولن تكون قضية الصحراء الغربية، هي الهدية الكبرى التي يقدمها النظام المغربي لشعبه، مثلما يوهمه عن طريق أدوات الدعاية المغرضة، بل إن حقوق الشعب المغربي وممتلكاته هي الهدية الكبرى التي سيحصل عليها الصهاينة مقابل استمرار المخزن ولو على حدود جغرافية لا تتجاوز القصر الملكي في الرباط. لأن الأجندة الدولية التي يحضرها الكيان الصهيوني للشرق والعالم، لا تعير أدنى اهتمام لرغبات الدول الوظيفية التي أعلنت الولاء والخضوع، بل إن هذا الكيان معروف بنقض العهود وإهانة كل من يقبل الذل على نفسه أمامه.
المغرب الذي بنى استراتيجيته على الطموح التوسعي وبناء سردية تاريخية مليئة بالمغالطات والتزوير، لم يعد بحاجة لإقناع الشعب المغربي بأي خطر قادم من الجزائر، لأن هذا الشعب أصبح يرى ويسمع جيدا طبيعة الخطر الذي وصل إليه ووطئت قدماه أرض المغرب. الشعب المغربي الذي عاش طيلة 50 سنة على أوهام توسعية، أثرت على علاقته بشعوب دول الجوار، بات يرى بشكل جلي أن بلاده دخلت رسميا ضمن المشروع التوسعي للكيان الصهيوني، وبحماية قانونية ودستورية أقرها النظام الملكي.
وبينما تتحطم الرهانات الواهية للنظام المغربي أمام الصلابة القانونية الدولية للقضية الصحراوية، لا قيمة قانونية لحقوق المغاربة أمام الطوفان الزاحف على بلادهم. وتكفي العودة إلى تصريحات مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون، لصحيفة إسبانية، قبل أسبوع، أكد فيها أن المغرب لم يكن بحاجة إلى التطبيع مقابل الاعتراف بسيادته على الصحراء الغربية، لأنه كان دائما يتمتع بعلاقة وظيفية قوية مع الكيان الصهيوني.
وقال بولتون بصريح العبارة، إن المغرب كان يفترض أن يكون أول دولة عربية مطبّعة، محيلا إلى فهم ضمني بأن الدور الاستخباراتي الذي لعبه في ستينيات القرن الماضي، جعل قيمته للمشروع الصهيوني تكمن في العمل السري، قبل أن يخرج للعلن والمجاهرة في الوقت الراهن.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19823

العدد 19823

الثلاثاء 15 جويلية 2025
العدد 19822

العدد 19822

الإثنين 14 جويلية 2025
العدد 19821

العدد 19821

الأحد 13 جويلية 2025
العدد 19820

العدد 19820

السبت 12 جويلية 2025