إشادة بدورها كفاعل استراتيجي في محيطها الإقليمي

تهنئة ترامب للرئيس تبون..إدراك متزايد لمكانة الجزائر الدولية

علي مجالدي

 إشارات واضحة إلى عمق الشراكة الاقتصادية والتعاون الأمني والمساهمة في استقرار المنطقة

حملت رسالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، حسب مراقبين، إشارات واضحة إلى عمق الشراكة التي باتت تجمع الجزائر والولايات المتحدة، خصوصًا في ما يتعلق بالاستقرار الإقليمي، مكافحة الإرهاب، وتأمين الحدود، فضلًا عن التعاون الاقتصادي المتنامي بين البلدين. وبقدر ما تمثل الرسالة مجاملة دبلوماسية بمناسبة وطنية، فإنها في جوهرها تعكس إدراكًا أمريكيًا متزايدًا للثقل الجزائري كفاعل أمني واقتصادي لا يمكن تجاوزه في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل.

أعادت الإشارة إلى «الإنجازات المشتركة لصالح الاستقرار الإقليمي» تسليط الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه الجزائر في محيطها، من خلال مقاربتها الأمنية التي توازن بين ضبط الحدود وتعزيز الحلول السياسية في بؤر التوتر، مثل مالي والنيجر وليبيا. فالجزائر، التي ترفض التدخلات العسكرية الخارجية، وتتمسك بمبدأ الحلول السياسية التي تقودها الدول ذات السيادة، استطاعت أن تبني لنفسها صورة فاعل مسؤول، يُصغي له أطراف النزاع ويُحسب له الحساب في مراكز القرار الدولية.
علاوة على ذلك، فإن الجزائر ظلت من بين الدول الإفريقية القليلة التي استطاعت تأمين حدودها الطويلة والمعقدة دون الاعتماد على قواعد لدول أجنبية، وهو ما جعلها شريكًا مهمًا في الجهود الأمريكية لمحاربة الإرهاب في المنطقة، خصوصًا ضمن إطار «الشراكة عبر الصحراء الكبرى». وتقدّر الأجهزة الأمريكية المختصة المساهمة الجزائرية في تقويض نشاط الجماعات الإرهابية عبر الحدود، انطلاقًا من خبرة طويلة راكمتها منذ التسعينيات في محاربة التطرف العنيف، بالاعتماد على مقاربة شاملة تشمل البعد الأمني، الديني، والاجتماعي وحتى الاقتصادي.
وفي نفس السياق، تبرز العلاقات الأمنية بين الجزائر والولايات المتحدة كعلاقات مستقرة وهادئة لكنها فعالة، قائمة على تبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون في مجال التكوين والمراقبة الحدودية. وقد شهدت السنوات الأخيرة زيارات رفيعة المستوى بين مسؤولي الدفاع والأمن من الجانبين، مما أسهم في تعميق الثقة وتعزيز التنسيق حول التهديدات المشتركة في الساحل والصحراء الكبرى.
أما الجانب الاقتصادي من الرسالة، فقد سلط الضوء على العلاقات المتجذرة بين الجزائر والولايات المتحدة، والتي انتقلت خلال السنوات الأخيرة من مجرد تبادل تجاري محدود إلى شراكات استراتيجية في مجالات الطاقة والصناعة. فالشركات الأمريكية الكبرى، وعلى رأسها شيفرون وإكسون موبيل، كثفت من تحركاتها في الجزائر، حيث تم في جانفي 2025 توقيع اتفاق شراكة بين الجزائر وشيفرون لإنجاز دراسة حول الإمكانات من موارد المحروقات في المناطق البحرية الجزائرية وهو ما يُعدّ سابقة في تاريخ التعاون الطاقوي بين البلدين.
بالإضافة إلى ذلك، فإن توسع الشراكة ليشمل قطاعات خارج المحروقات يعكس رغبة مشتركة في تنويع مجالات التعاون.

فاعل إقليمي في موازين الأمن والطاقة

وفي قراءة تحليلية للرسالة، يؤكد الدكتور عبد القادر منصوري، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في تصريح لـ «الشعب»، أنّ: «ما تضمنته الرسالة الأمريكية يُظهر تحوّلاً تدريجياً في نظرة واشنطن إلى الجزائر، من دولة مستقرة في محيط مضطرب، إلى فاعل إقليمي يُعوَّل عليه في موازين الأمن والطاقة. فالجزائر لم تعد مجرد حليف محدود التأثير، بل شريك قادر على تأمين توازنات إقليمية وتحقيق استقرار في بيئة تزداد هشاشة.»
ويضيف المتحدث، أن الأمريكيين يدركون أن أي اختلال في شمال إفريقيا أو الساحل ستكون له تداعيات تتجاوز المنطقة، ولذلك فإن استمرار التواصل مع الجزائر ليس خيارًا ظرفيًا بل ضرورة استراتيجية. وفي المقابل، فإن الجزائر تدير هذا التواصل من موقع الندية، مستفيدة من تحولات الجغرافيا السياسية والطلب المتزايد على مواردها.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19818

العدد 19818

الأربعاء 09 جويلية 2025
العدد 19817

العدد 19817

الثلاثاء 08 جويلية 2025
العدد 19816

العدد 19816

الإثنين 07 جويلية 2025
العدد 19815

العدد 19815

الأحد 06 جويلية 2025