وزير العـدل يعرض مشـروع القانـون أمام لجنة الشـؤون القانونية

الجزائر المنتصرة.. حربٌ متواصلة ضدّ تبييض الأموال وتمويل الإرهاب

حمزة. م

 اتخاذ جميع الإجراءات التي تمكّن مـن تحديـــد أصل الأمـوال

 يشدّد مشروع القانون المتعلّق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما، العقوبات في بعض الجرائم خاصة المتعلقة “بالامتناع عن الإخطار بالشبهة” لتصل إلى الحبس النافذ زائد الغرامة المالية، كما يضمن النص التكفل بتوصيات مجموعة العمل المالي الدولية.

عرض وزير العدل حافظ الأختام، لطفي بوجمعة، أمس، مشروع قانون يعدّل ويتمّم القانون رقم 05-01 المؤرّخ سنة 2005، المتعلّق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما، أمام لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات بالمجلس الشعبي الوطني.
وأشار بوجمعة، إلى هذا النص، الذي صادق عليه مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير، يندرج في سياق مواصلة مواءمة المنظومة الوطنية للوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب مع المعايير الدولية ذات الصلة، ولاسيما مع توصيات مجموعة العمل المالي.
ومجموعة العمل المالي، هي منظمة حكومية دولية مكلّفة بوضع معايير دولية وترقية السياسات الوطنية والدولية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل، تعمل على حماية النظام المالي الدولي وتضع توصياتها البالغ عددها أربعين (40) توصية، في إطار عمل شامل ومتّسق من التدابير التي ينبغي على الدول تطبيقها.
وذكّر وزير العدل، بأنّ هذه المجموعة، صنّفت الجزائر، في أكتوبر 2024، ضمن القائمة الرمادية التي تتضمّن الدول التي تخضع لرقابة معزّزة، لوجود أوجه قصور في أنظمتها المتعلّقة بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومنع تمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل.
وأشار إلى إلى أنه سبق “إدراج بلادنا في هذه القائمة سنة 2011 والتي تمّ الخروج منها سنة 2016، بعد رفع جميع التحفّظات المسجّلة على نظامنا المالي أنداك”. وأكّد الوزير بوجمعة بأنّ مشروع هذا القانون، يجسّد تعليمات السيد رئيس الجمهورية المسداة خلال اجتماع مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ 18 ماي سنة 2025، “حول مدى تطبيق توصيات مجموعة العمل المالي والذي أمر بتنفيذها وفق ما تحدّده مجموعة العمل المالي السالفة الذكر”.
وأوضح الوزير أمام اللجنة القانونية، بأنّ النص سيتكفّل بالإجراءات الموصى بها، ضمن خطة العمل المتّفق عليها مع مجموعة العمل المالي للخروج من القائمة الرمادية والمتضمّنة 13 إجراء. وأكّد على تكفّله بالالتزامات التي تحتاج تدخّلا تشريعيا، ويتعلّق الأمر بتجريم عدم التصريح بالمستفيدين الحقيقيّين ومراجعة الأحكام المتعلّقة بالعقوبات المالية المستهدفة، وهي العقوبات المقرّرة من طرف مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بالإرهاب وبمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل.
وينص المشروع على اتخاذ التدابير المناسبة لتحديد وتقييم وفهم مخاطر تبييض الأموال، تمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل التي تتعرّض لها الجزائر، إلى جانب اقتراح عناصر الاستراتيجية الوطنية للوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل، ومتابعة تنفيذها بعد مصادقة الحكومة عليها.

رفــع التحفّظـات

 وفي السياق، أعلن وزير العدل، أنّ مشروع القانون يتضمّن عدة تعديلات تهدف إلى استكمال رفع تحفّظات مجموعة العمل المالي الواردة ضمن تقرير التقييم المتبادل وتقارير المتابعة المعزّزة، ويتعلّق الأمر لاسيما بسبع (7) توصيات بهدف طلب رفع درجة تقييمها في نوفمبر 2025.
وأفاد بأنه يقترح تشديد العقوبات لاسيما تلك المطبقة على الشخص المعنوي، بإدراج إلزامية التصريح بالمستفيدين الحقيقيّين وتحديد العقوبات المترتبة على عدم احترام هذا الإلتزام ومراجعة الأحكام المتعلّقة بالعقوبات المالية المستهدفة، وعدة أحكام أخرى من شأنها تعزيز المنظومة القانونية الوطنية للوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما وتحصين نظامنا المالي.
ويقترح النص -بحسب المتحدث- توسيع إلتزامات الخاضعين والذين يقصد بهم المؤسّسات المالية والمؤسّسات والمهن غير المالية المحدّدة، والملزمة بتطبيق التدابير الوقائية المنصوص عليها في مشروع هذا القانون، لتشمل توفير منظومة مناسبة لتسيير المخاطر المرتبطة بالزبائن واتخاذ جميع الإجراءات التي تمكّن من تحديد أصل الأموال.
وسيلتزم الخاضعون بموجب ذات المشروع بتدابير العناية، التي تتناسب مع درجة المخاطر على علاقات الأعمال والعمليات التي تتمّ مع الأشخاص الطبيعيّين والأشخاص المعنويّين أو الترتيبات القانونية، بما في ذلك المؤسّسات المالية من الدول التي تحدّدها وتعمّمها خلية الاستعلام المالي تلقائيا أو بناء على ما تحدّده مجموعة العمل المالي (GAFI). وينبغي عليهم، بحسب تأكيد وزير العدل، تطبيق التدابير المتعلقة بحظر نشاط الأشخاص والكيانات الإرهابية المسجّلين في قائمة مجلس الأمن الدولي، أو ضمن القائمة الوطنية للأشخاص والكيانات الإرهابية وفي قائمة العقوبات الموحّدة.
وتدعم أحد محاور القانون، مهام سلطات الضبط، والرقابة، والإشراف بتمكينها من سنّ أنظمة وتعليمات تطبيقية وخطوط توجيهية في مجال الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل ومكافحتها. ويؤهّل المشروع، ضباط الشرطة القضائية والجهات القضائية، لإجراء التحقيقات المالية الموازية، وينصّ على إمكانية تشكيل فرق تحقيق مشتركة لإجراء تحقيقات متخصّصة لاسيما مع السلطات المختصة في الدول الأخرى.

تشديــد العقوبـــــات

 وزير العدل حافظ الأختام، أكّد في عرضه أنّ مشروع القانون يقترح تشديد العقوبات ضمن أحكامه الجزائية، خاصة بالنسبة لبعض الجرائم حتى “تصبح فعّالة ورادعة”.
وشدّد على إقرار عقوبة الحبس بالإضافة للغرامة في بعض الجرائم كجريمة “الإمتناع عن تحرير أو إرسال الإخطار بالشبهة، أو الإبلاغ العمدي لصاحب الأموال أو العمليات بوجود إخطار بالشبهة أو بالمعلومات والنتائج ذات الصلة”. وسيتم تجريم أفعال جديدة كالإمتناع عن التصريح بالمستفيد الحقيقي والامتناع العمدي عن تنفيذ التدابير التحفظية، التي تتخذها الهيئة المتخصّصة خلية معالجة الاستعلام المالي أو الجهات القضائية، وكذا مخالفة الأحكام والتدابير المنصوص عليها في التشريع والتنظيم الساري المفعول والمتعلقة بتجميد أو حجز الأموال وحظر توفير الأموال، أو الأصول الأخرى لصالح الأشخاص والكيانات المسجّلة في قائمة العقوبات الموحدة أو في القائمة الوطنية للأشخاص والكيانات الإرهابية، وتحدّد العقوبات المقرّرة لهذه الجرائم والتي قد تصل إلى الحبس لثلاث (3) سنوات والغرامة إلى 3 مليون دج.

التعـاون الدولـي

 ولفت وزير العدل إلى أنّ المحور الخامس، المتعلّق بنص القانون، يسمح بتعزيز التعاون الدولي في مجال الوقاية ومكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل.
وذلك من خلال إلزام السلطات المختصة بالتعاون وتبادل المعلومات مع الجهات النظيرة بالخارج، بشكل تلقائي أو عند الطلب، وفقا للاتفاقيات الثنائية ومتعدّدة الأطراف والالتزامات الدولية للجزائر. لكنه يشترط لاتمام هذه المعاملة “أن تكون هذه الجهات خاضعة للسر المهني بنفس الضمانات المحدّدة في الجزائر، وأن يراعى في ذلك المعاملة بالمثل وعدم التعارض مع المبادئ الأساسية للنظام القانوني الجزائري”.
وذكر وزير العدل، بأنّ التكفّل بتوصيات مجموعة العمل المالي، بموجب المشروع الحالي، “سيمنح لبلادنا الوقت الكافي إلى غاية نوفمبر 2026، لإعداد مشروع قانون جديد يتعلّق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما، وفقا لمنهجية العمل الجديدة لمجموعة العمل المالي (GAFI) المعتمدة في سنة 2025”.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19818

العدد 19818

الأربعاء 09 جويلية 2025
العدد 19817

العدد 19817

الثلاثاء 08 جويلية 2025
العدد 19816

العدد 19816

الإثنين 07 جويلية 2025
العدد 19815

العدد 19815

الأحد 06 جويلية 2025