السيد: لجنة التنمية الإجتماعية منصّة للتكامل العربي وتوحيد الرؤى
العوضي: الحماية الإجتماعية صمام أمان في وجه الأزمات
انطلقت أمس الإثنين، بالمركز الدولي للمؤتمرات “عبد اللطيف رحال” (الجزائر العاصمة)، أشغال الدورة 16 للجنة التنمية الاجتماعية، بمشاركة وزراء شؤون اجتماعية ورؤساء وفود لبلدان عربية، أعضاء في لجنة الأمم المتحدة الإقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا).
وقالت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة الدكتورة، صورية مولوجي، خلال افتتاح أشغال لجنة (الإسكوا) رفقة مديرة مجموعة السكان والعدالة بين الجنسين والتنمية الشاملة بالإسكوا، مهريناز العوضي، إنّ احتضان الجزائر لهذا الاجتماع العربي الرفيع، إلى جانب تنظيم المنتدى العربي الرابع من أجل المساواة: حوار وحلول، يعكس عمق الروابط الأخوية بين الدول العربية، ويؤكّد الإرادة الجماعية في العمل المشترك لمجابهة التحديات الراهنة.
وأكّدت الوزيرة مولوجي، التزام الجزائر الثابت بتعزيز آليات الحماية الإجتماعية والتكفل بالفئات الهشة، لاسيما في ظل الأزمات المتعدّدة التي تشهدها المنطقة، وأشارت إلى الجهود المبذولة من قبل الدولة، بقيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، والتي تعكس الإهتمام الكبير بالطابع الإجتماعي للدولة، من خلال تبني سياسات تنموية مستدامة تقوم على مبادئ الإنصاف وتكافؤ الفرص.
وأفادت أنّ المنطقة العربية تشهد أوضاعا استثنائية نتيجة الحروب والنزاعات والتغيرات المناخية، وهو ما يستدعي تضافر الجهود وتنسيق السياسات الإجتماعية بين الدول الأعضاء، داعية إلى مباشرة إصلاحات جادة في نظم الحماية الإجتماعية لمواكبة الأزمات المتسارعة وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية.
وأوضحت أنّ “الحماية الإجتماعية لم تعد اليوم مجرّد خيار سياسي، بل أصبحت ضرورة ملحة لضمان الإستقرار المجتمعي وتحقيق الأمن الإنساني، خصوصا في ظل تزايد الفقر وعدم المساواة وانتشار الأزمات الصحية والبيئية”، مشدّدة على أهمية العمل وفق مقاربات علمية وميدانية تؤسّس لبرامج فعالة وشاملة.
وأكّدت أنّ الجزائر لم تدّخر جهدا في سبيل تعزيز منظومة الحماية الإجتماعية، وتوسيع شبكاتها لتشمل جميع الفئات الهشة، بما في ذلك المرأة، الطفل، الأشخاص ذوي الإعاقة، وكبار السنّ، مشيدة بالتجارب العربية الناجحة التي يمكن الإستفادة منها عبر تبادل الخبرات وتكثيف التعاون.
وأشارت إلى أنّ الجزائر، من خلال برامجها الوطنية وسياساتها العمومية، تسعى جاهدة إلى بناء منظومة متكاملة للرعاية الإجتماعية تقوم على مبادئ العدالة والإنصاف، وتركّز على ضمان كرامة المواطن وتحقيق تكافؤ الفرص بين مختلف فئات المجتمع، لاسيما الفئات الهشة والمحرومة.
وأشارت الوزيرة إلى أنّ الجزائر تتطلّع إلى أن تتوج أشغال الدورة الحالية بنتائج ملموسة، تساهم في دعم مسار الحماية الاجتماعية في المنطقة العربية، وتضع أسسا جديدة للتكافل والعدالة الاجتماعية، وختمت كلمتها بتكرار الترحاب بضيوف الجزائر وتمنياتها بنجاح الدورة وأشغال المنتدى.
جهـود “الإسكـوا”.. مثمـرة
من جهتها، وزيرة الشؤون الإجتماعية للجمهورية اللبنانية ورئيسة الدورة الخامسة عشرة للجنة التنمية الاجتماعية، حنين السيد، أبرزت أهمية لجنة التنمية الإجتماعية التابعة للإسكوا، باعتبارها منصة للتكامل العربي، وتبادل الخبرات، وتوحيد الرؤى بين الدول الأعضاء.
وأشارت إلى الجهود المثمرة للإسكوا للعام الماضي والمتمثلة في إطلاق مبادرات ملموسة، من بينها دراسات معمقة حول الفقر واللامساواة، وتطوير أدوات سياساتية لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة، وتعزيز الشمول الإجتماعي، إلى جانب تحليل واقع سوق العمل، واستشراف المهارات المستقبلية.
وعرجت في ذات السياق إلى الحاجة الكبيرة لـ«الإسكوا” في المنطقة العربية، التي تواجه مؤخّرا تحديات متفاقمة نتيجة تصاعد معدلات الفقر، وتفاقم مظاهر الهشاشة الإجتماعية، فيما تلامس البطالة خاصة في صفوف الشباب والنساء مستويات غير مسبوقة في عدد من البلدان.
وتابعت تقول إنّ “منظومات الحماية الإجتماعية في المنطقة تخوض اختبارات قاسية، بفعل الأزمات الإقتصادية والمالية المتلاحقة، والتغيرات الديمغرافية، والصدمات المناخية، والنزاعات الممتدة، ويزيد من تعقيد هذا المشهد استمرار الاحتلال وتداعيات الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في غزة، إلى جانب ما تشهده عدة دول من صراعات تؤثّر بعمق على المناخ الإجتماعي والإقتصادي، وتضعّف الجهود التنموية، وتفاقم من واقع الفقر والتهميش”.
كما تحدثت أيضا عن الجهود التي قدمتها الإسكوا لدعم لبنان في الانضمام إلى التحالف العالمي لمكافحة الفقر والجوع، بقيادة مجموعة العشرين، فضلا عن دعمها العملي في إعداد استراتيجية وطنية لإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة، وأشادت أيضا بالمبادرات الإقليمية التي تهدف إلى تطوير السّجلات الاجتماعية وتعزيز فاعلية برامج الحماية الإجتماعية.
ودعت ختاما لجعل الدورة السادسة عشرة لحظة تحول حقيقية، تجدّد فيها الالتزام الجماعي بقيم العدالة الاجتماعية والمساواة والكرامة الإنسانية، وتترجمها إلى سياسات فعالة، قابلة للتنفيذ، وقادرة على التأثير الإيجابي في واقع شعوب المنطقة.
الحمايـة حـق إنسانـي
من جهتها، أكّدت مديرة مجموعة السكان والعدالة بين الجنسين والتنمية الشاملة بالإسكوا، الدكتورة مهرناز العوضي، خلال كلمتها في افتتاح أعمال الدورة السادسة عشرة للجنة التنمية الاجتماعية التابعة للإسكوا، أنّ المنطقة العربية تواجه تحديات متسارعة وعميقة تهدّد استقرارها الاجتماعي والاقتصادي، داعية إلى اعتماد أنظمة حماية اجتماعية عادلة ومستدامة كركيزة أساسية لمجابهة التفاوتات المتفاقمة.
وقالت بخصوص مظاهر اللّامساواة في المنطقة العربية والعالم، إنّ هذه الظواهر لم تعد مجرّد أرقام، بل باتت واقعا يوميا يثقل كاهل ملايين الأفراد، حيث قالت بلغة الأرقام أنّ 1 بالمائة فقط من سكان العالم يملكون 43 بالمائة من إجمالي الأصول المالية، فيما يعيش مليارات الناس بلا إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية أو التقاعد الآمن.
وأوضحت في العالم العربي، عامل واحد فقط من كل ثلاثة يساهم في نظام التقاعد، وأقل من نصف كبار السنّ يتلقّون معاشات، بينما تعيش ثلاث من كل أربع نساء مسنات دون أي دخل مضمون، إضافة إلى أن 85 بالمائة من الشباب العاملين ينشطون في القطاع غير الرسمي، وشخص واحد فقط من بين كل ستة من ذوي الإعاقة الشديدة يتلقى مساعدات.
ورغم هذه المعطيات القائمة، أكّدت العوضي أنّ الواقع ليس قدرا حتميا، بل يمكن تغييره من خلال إرادة سياسية قوية، وسياسات عامة عادلة تنحاز إلى الفئات الهشة، وأضافت: “نحن هنا لأننا نؤمن بقدرة شعوبنا على التغيير، وبأنّ الحماية الاجتماعية حق إنساني وأداة تنموية فعالة”.
وشدّدت العوضي على أنّ الحماية الاجتماعية تمثل صمّام أمان في وجه الأزمات، ومفتاحا لتعزيز العدالة والكرامة، مؤكّدة أنها الفارق بين الصمود والإنهيار، كما أوضحت أنّ الفقر هو نتيجة قرارات سياسية يمكن تصحيحها، وأنّ الاستثمار في الإنسان، عبر التعليم والصحة، هو الضمان الحقيقي للتنمية.
وفي ختام كلمتها، أعربت الدكتورة العوضي عن أملها في أن تشكّل هذه الدورة محطة مفصلية نحو تعزيز أنظمة الحماية الاجتماعية، بما يحقّق العدالة والإستدامة والتضامن في المنطقة.