شقنان: تنفيذ البرنامج تجسيد حقيقي ومتكامل للانتقال الطاقوي
تُجسد الجزائر أحد أهم المشاريع القاعدية في الإدارة المستدامة للطاقة «البلديات الخضراء»، وهو برنامج يستجيب لتحديات بيئية واقتصادية، هدفه خفض انبعاث الغازات الدفينة من 7% بحلول 2030.
تُركز سلطات البلاد، منذ سنوات، على تعزيز الفعالية الطاقوية كمحور لتحقيق أهدافه خفض انبعاث غازات الاحتباس الحراري من خلال تحسين أنماط الاستهلاك، وضمان انتقال طاقوي على أساس إنتاج طاقة نظيفة ومستدامة من مصادر متجددة..
في هذه المقاربة، تؤدي لعب الجماعات المحلية دورا في تنفيذ إستراتيجية التحول الطاقوي، وهو ما تعمل مصالح وزارة الداخلية عليه بمشاريع مثل برنامج «البلديات الخضراء»، وإجراءات تُعزز استعمال الطاقات المتجددة بالهياكل البلدية، الانتقال إلى الإضاءة العمومية الفعالة واستعمال غاز البترول المميع (GPL) بالنسبة للمركبات التابعة للبلدية، ورقمنه الخدمات الاجتماعية. وتحتاج بلديات الجزائر، بحسب البطاقة التقنية للمشروع الذي ينفذ ضمن برنامج مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، إلى دعم في مجال الخبرة التقنية، والطرق المنهجية والإستراتيجية، والأدوات التنظيمية، إضافة إلى رصد خطط عمل طاقوية بطريقة هادفة وعملية، تضمن تقييم آثارها مستقبلا.
في جديد هذا المشروع الذي انطلق قبل خمس سنوات، جرت أشغال ورشة التخطيط التشغيلي، الخميس الماضي، في إطار مواصلة تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع «البلديات الخضراء»، جمعت ممثلين عن قطاعات معنية، إلى جانب ممثلي الجماعات المحلية والولايات النموذجية، إضافة إلى خبراء من الوكالة الألمانية ومختصين في مجالات الطاقة والتنمية.
وركزت أشغال الورشات، بحسب بيان وزارة الداخلية، على بلورة أفكار واقتراحات عملية تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل ولاية، مستندة إلى التجارب الميدانية والمكتسبات المحققة في المرحلة الأولى من المشروع، قصد استنباط أفكار تعزز الفعالية الطاقوية وتدعم مسار الانتقال الطاقوي على المستوى المحلي.
انتقال طاقوي متكامل
عن أهمية المشروع ودوره في إستراتيجية البلاد للتحول الطاقوي، يشرح الخبير دولي في الطاقات المتجددة والانتقال الطاقوي، علي شقنان، في تصريح لـ»الشعب»، أوْجُه رؤية الجزائر للتحول الطاقوي والحد من انبعاث البصمة الكربونية.
ويوضح شقنان بالقول إن السلطات العليا للبلاد، شرعت في تنفيذ خطط وأهداف إستراتيجية في الطاقات المتجددة والسعي نحو استخدام أنظمة فعالة، ولديها ما يؤهلها كبلاد غنية بالغاز الطبيعي الذي يبقى أنظف طاقة أحفورية.
وتعمل الجزائر، منذ نحو خمس سنوات، على تثمين استغلال الغاز الطبيعي باستخدامات تكنولوجيا تحد من البصمة الكربونية، ويتجلى ذلك في مشاريع كبيرة يقودها مجمع «سوناطراك»، مثل مشروع الهيدروجين الأخضر الذي لا ينتج عن إنتاجه أي انبعاث كربونية، ويمكن استخدامه كبديل للغاز الطبيعي وغيره من الطاقات الأحفورية، في توليد الكهرباء، النقل، الصناعة، كبديل للغاز الطبيعي..
بالمقابل، يُشير الخبير شقنان إلى أنه وجب التفريق بين هذه المشاريع وبرامج مثل «البلديات الخضراء» الذي تقوده وزارة الداخلية على مستوى الجماعات المحلية، ويقول: «تنفيذ برنامج البلديات الخضراء خطوة مهمة جدا، وهو عمل قاعدي باعتبار البلدية هي النواة الأساسية للمجتمع، ما يساعد على تجسيد حقيقي ومتكامل للانتقال الطاقوي.»
ويبرز المتحدث ما يحمله المشروع من تصورات جدية وعملية، بحيث يركز برنامج البلديات الخضراء، على إشراك ورفع مستوى الوعي لحوالي 100 ألف مواطن بشأن إجراءات حماية المناخ، ويقول: «شيء جميل إذا ما تمكنا من الوصول إلى رقم مماثل، يجمع بين ممثلي المجتمع المدني ونشطاء..»
ويُشكل المجتمع المدني، بحسب شقنان، حلقة أساسية في تجسيد انتقال طاقوي، وبالأخص في معالجة مسائل المناخ والبيئة، إلى جانب دور الإعلام في مرافقة جهود ومشاريع مماثلة.
مرحلة أولى
مكنت المرحلة الأولى من المشروع، بحسب حصيلة نشرتها وزارة الداخلية بموقعها الرسمي، من تحسين الفعالية الطاقوية على بالبلديات النموذجية من أجل حماية المناخ والاقتصاد في ميزانياتها. وتشير الحصيلة إلى تحسين مؤشرات تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في البلديات 6 النموذجية أكثر من 2.400 طن خلال مدة المشروع أي 202% من الهدف الأصلي، وتحديث 7 منشآت كهروضوئية في انتظار التراخيص اللازمة لربطها بالشبكة.
ووفقا للنتائج المحققة، ينتظر أن توسع الإجراءات المتبعة لتشمل 1,541 بلدية بدلا من عدد محدود من البلديات النموذجية المرحلة الأولى من المشروع، إلى تعزيز القدرات التقنية والتنظيمية، وذلك بتدريب 1500 موظف، منهم 375 امرأة، في مجالات تكنولوجيات الطاقة المستدامة وجوانب الإدارة، بحسب مضمون حصيلة الوزارة.
واستند برنامج « البلديات الخضراء»، في مرحلته الأولى، على أربع مجالات تخص وضع وتنفيذ خطط عمل للطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية في أربع بلديات نموذجية (بشار، الجلفة، غليزان سوق أهراس)، وتشجيع تبادل الخبرات بين البلديات، بشأن إدارة استهلاك الطاقة في الشبكات الإقليمية (أدرار، جيجل، معسكر مسيلة)، وتطوير سلاسل القيم للطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية التي تهدف إلى مشاركة أفضل للشركات المحلية، ووضع إطار تنظيمي ومعياري وتحفيزي لتحفيز تكنولوجيات وخدمات الطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية.
إدارة الطاقة
يساعد فريق المشروع، وفق ما اطلعنا عليه في منصة «البلديات الخضراء»، البلديات الرائدة في تنفيذ نظام إدارة الطاقة (EMS: Energy Management System)، من أجل تحسين إدارة جميع الجوانب المتعلقة بالإدارة الطاقوية، وتمكين كل بلدية من متابعة استهلاك الطاقة لديها وتحسين أدائها الطاقوي بشكل دائم.
ويعد نظام إدارة الطاقة (EMS) مجموعة من الإجراءات والعمليات والأدوات التي توفر للبلديات نهجا منهجيا لمراقبة أفضل لإدارة الطاقة بالبلديات، ويحدد الأهداف التي يجب تحقيقها مع تحديد الوسائل والموارد المتاحة لكل بلدية معنية.
إضافة إلى ذلك، يسمح هذا النظام برسم خرائط لاستهلاك الطاقة وفقا لحالة مرجعية، وتقليل تكاليف الطاقة على المدى الطويل، من خلال تنفيذ خطة عمل ملموسة، وتوجيه التفكير وفقا لسياسة متسقة.
ويتضمن تطوير نهج مناسب لإنشاء نظام إدارة الطاقة العديد من التدابير، منها تكوين فريق للطاقة، وإنشاء مجموعة من الخبراء والمرافقين المحليين الذين يرافقون مصالح البلديات، وتقديم مساعدة في إنشاء خريطة لاستهلاك الطاقة، وتطوير خطة عمل طاقوية بلدية ودعم تنفيذها.